من بين المواضيع التي أثارت جدلا واسعا بين أوساط المجتمع الجزائري خاصة والمجتمع العربي عامة نجد موضوع الغيرة الذي بات حديث العام والخاص· وفي هذا الصدد ارتأينا تسليط الضوء على إحدى العائلات الجزائرية التي دمرت بالكامل بسبب هذا المشكل· وهنا نجد عائلة عمي محمد والذي يبلغ من العمر79 سنة الذي يروي لنا مأساته وهو في حسرة من أمره وكيف أن عائلته تشتتت بسبب الغيرة التي نشبت بين أفراد عائلته يقول: (صدق من قال إن الغيرة قتلت عجوزا كبيرا··لقد كنت أعيش عيشة هنيئة أنا وعائلتي المتكونة من سبعة أفراد منهم خمس بنات وولدان، حكايتي بدأت بين كنتيّ فبعد أن تزوج ابني الأول كان بيتي تملؤه السعادة وخاصة عند ازدياد حفيدي الأول، ولكن دوام الحال من المحال لأن هذا الهدوء تحوّل إلى كابوس لا ينتهي بعد دخول كنتي الثانية إلى المنزل التي بدأت بافتعال المشاكل بين أفراد العائلة، ففي بداية الأمر لم أعر هذا الموضوع أي اهتمام واعتبرته مجرد تناوش واكتفيت بتقديم النصيحة لهما على أنهما مثل الأخوات ويجب أن تتعاملا على هذا الأساس وأن هذه المشاكل ليست سوى سوء تفاهم سرعان ما ينتهي، ولكن ما زاد الطين بلة هو وصول الكنة الثانية إلى سرقة مجوهرات الكنة الأولى وهنا كانت الطامة الكبرى كما يقال وبدأت المشاكل الحقيقية تظهر والتي كانت سببا في تدمير منزل بأكمله، فبعد دخول أولادي في الموضوع لم يعد باستطاعتي إيقاف الأمر، فأولادي أصبحوا وكأنهم أعداء لا يتكلمون إلى بعضهم البعض بل وصل الأمر بأحدهم إلى رفع دعوة بالمحكمة ضد زوجة أخيه الثانية· يتنهد عمي محمد ويواصل (فبعد وصول الأمر إلى المحاكم بين الإخوان لم يعد لي حديث وليت الأمر توقف في هذه النقطة فالمشاكل باتت لا تفارق منزلي وكل يوم صراخ ومناوشات وألفاظ نابية حتى أنني أصبت في أحد الأيام بنوبة قلبية كادت تودي بحياتي لولا تدخل فريق الحماية المدنية في الوقت المحدد، ففي هذا السن لم أعد أستطيع تحمل عدم احترام أولادي لوجودي ونهاية قصتي كانت بطلاق ابني الثاني من زوجته التي لا تزال قضيتها مرفوعة بالمحاكم وإعاقة زوجتي بسبب ارتفاع ضغط الدم لديها، كل هذا بسبب الغيرة التي أعمت عيونهم ومنذ ذلك اليوم وأنا أرى أن غيرة المرأة من المرأة هي الدمار بأم عينه· ويضيف السيد محمد (صحيح أننا نعاني من ضيق في مسكننا الذي بات لا يتسع لكبر العائلة والذي اعتبرته في الكثير من الأحيان السبب الرئيسي لهذه المشاكل التي حدثت، ولكن رغم ذلك فإن نقص الوعي لدى الأفراد وعدم تحليهم بالإيمان السبب الأول الذي يفتح الباب للشياطين، ونصيحتي إلى كل العائلات الجزائرية الابتعاد عن الغيرة المفرطة التي لا يحصد صاحبها إلا الفساد وأتمنى من كل قلبي أن لا يعيش أي مواطن هذه المأساة التي دمرت عائلتي بالكامل)· وتبقى الغيرة الشيء الوحيد الذي يجعل الإنسان يحارب ذاته بذاته، فالغيرة تقتل صاحبها وتدفعه إلى طريق النميمة والغيبة وإضاعة الوقت الثمين في مراقبة الغير، لتتصدر بذلك المرأة الحاسدة منزلة الإنسانة الغبية التافهة التي لا قيمة لها· إنسانة انشغلت بالحسد عن أمور نفسها وإصلاحها فنراها تسعى لتلويث سمعة من حولها· فإحساس المرأة بالضعف وقلة الحيلة يدفعها إلى عدم تخزين هذه المشاعر بداخلها مما يجعلها تبحث عن مخرج لتصدير غيرتها إلى الخارج على هيئة نقد للأخريات وافتعال المشاكل والتي تخلف في أغلب الاحيان نتائج لا يحمد عقباها·