في إطار التعريف بواقع وآفاق إذاعة القرآن الكريم التي كانت لها تجربة رائدة في مجال الإعلام السمعي المتخصص، كان ل(أخبار اليوم) جلسة حوارية مع مديرها العام الأستاذ محمد زكرياء زبدة الذي تفضل بعرض تجربة عشرين سنة من النشاط المتنوع لهذا المنبر الإعلامي الذي ميّزه الحس الخيري وربط أمور الدين بالحياة الدنيا، وأشار محدثنا إلى العديد من التحديات والرهانات التي يسعى الصرح الإعلامي الذي يشرف على إدارته إلى رفعها، اعتمادا على مجموعة من الكفاءات التي تجمع بين خبرة السنين المتراكمة، وطموح وحماس الشباب الباحث عن أداء دور رسالي عظيم في المجتمع· * لو تعطينا نبذة عن تاريخ إذاعة القرآن الكريم ماذا يمكنك أن تقول؟ ** إذاعة القرآن الكريم الدولية في الجزائر هي أول إذاعة موضوعاتية أنشئت في الجزائر بعد القنوات الشاملة والتقليدية المعروفة وهي الإذاعة الأولى والثانية والثالثة، ويعود الفضل في إنشائها بعد الله تعالى إلى المرحوم الطاهر وطار الذي كان مديرا عاما للإذاعة الوطنية، وقد أطلقت لأول مرة في صائفة عام 1991 حين كانت الجزائر في منزلق كبير بعد الأحداث التي عاشتها خلال تلك الحقبة، والذي كان في اعتقادي نتيجة لفراغ منبري وإعلامي كان موجودا في ذلك الوقت ولهذا تم تأسيس إذاعة القرآن الكريم التي كان هدفها التكفل بالجانب الديني حيث تم إطلاقها بتاريخ 12 جويلية 1991 والذي صادف رأس السنة الهجرية 1412، وكان أول بث لها على الساعة الخامسة صباحا· في بداية الأمر كان البث تقليديا حيث اقتصر على بعض الآيات القرآنية والأحاديث الدينية التي كان ينشطها الشيخ محمد كتو -رحمه الله- إضافة إلى بعض البرامج البسيطة، ولكن بعد ذلك بدأ المنحى يتطور حيث كان الواقع يستدعي هذا التطور في ظل الانحراف الفكري الذي عرفته الجزائر في فترة الأزمة والشطط الذي كان موجودا والتطرف الفكري، وأمام كل هذا كان على الإذاعة أن تقوم بدورها وقد قدمت أحد أبنائها في سبيل ذلك وهو المنشط محمد قصاد الذي اغتالته أيادي الإرهاب، ولعبت إذاعة القرآن الكريم آنذاك دورا هاما في المراجعات الفكرية وتبيان حقيقة الإسلام ووسطيته واعتداله وحاولت أن تكون بالإضافة إلى ذلك منبرا لبعض التائبين الذين قدموا نداءات لرفقائهم الذين كانوا بالجبل آنذاك ليعدلوا عن آرائهم ويعودوا إلى حياتهم الطبيعية رفقة عائلاتهم· * ماذا عن طابع البرامج التي كانت تبثها الإذاعة آنذاك؟ ** البرامج كانت في الغالب تقليدية وهي عبارة عن تلاوات قرآنية وبعض الأحاديث الدينية البسيطة لكنها عرفت تطورا شيئا فشيئا حتى صارت تحتوي على برامج فكرية، وقد انطلقت إذاعة القرآن في مراحل تطورها من سؤال (هل نحن بحاجة إلى الاستماع إلى القرآن فحسب؟)، وبذلك تم الانطلاق في إنجاز بعض البرامج الفكرية مع اشتداد الآفات الاجتماعية التي كان لا بد للإذاعة أن تلعب دورا من أجل محاربتها باعتبارها إذاعة دينية بإمكانها تقديم خدمات عمومية في هذا المجال فانتقلت إذاعة القرآن الكريم بذلك من مجرد الاستماع للقرآن إلى كيفية تطبيق القرآن الكريم وكيفية إسقاطه على حياتنا اليومية، وكان للإذاعة دور هام في ذلك فمن المعروف أن الجزائري على مر التاريخ يحركه ردع أو شرع فإما سلطة تحارب تلك التصرفات المشينة وإما شرع ينهي عنها ولاحظنا من خلال ذلك أن الجزائري يستجيب بسهولة للنداء الديني· * بعد أكثر من 20 سنة من البث كيف تقيم أداء إذاعة القرآن الكريم طوال هذه الفترة؟ ** نحن قمنا بوقفة في شهر جويلية من العام الماضي بمناسبة مرور 20 سنة على عمل الإذاعة ونظمنا بتاريخ 12 جويلية 2011 يوما دراسي حمل عنوان (عشرون سنة في خدمة الدين والوطن) وحاولنا من خلاله التطرق إلى مختلف المواضيع خاصة التي تلك التي يثار حولها جدل كبير في الحياة المعاصرة كحرب الفتاوى التي نعيشها اليوم في ظل انتشار الفضائيات وكثرة البرامج المتخصصة في هذا المجال، فالجزائري يتابع الكثير من هذه الفضائيات ويتصل بالعديد من البرامج دون أن يعلم مصدرها التشريعي ولا مصدرها الفكري، ولذلك حاولنا من خلال هذا اليوم الدراسي أن نقيد الفقه والفتوى وفق المذهب المالكي ولنا من المرجعيات ما يمكننا من النجاح في ذلك كالدكتور موسى إسماعيل وأبو عبد السلام واللذان يعدان من المرجعيات الدينية في الجزائر التي تستند وتتقيد بمذهب الإمام مالك· تطرقنا أيضا إلى موضوع القراءة الجزائرية بعدما لاحظنا أن القارئ الجزائري لا يجد موقعه بين مجموعة القراء فعندما نتوجه إلى السوق نجد الكثير من القراءات لقراء مشارقة أمثال الشيخ عبد الباسط والشيخ المنشاوي وهم مشايخ وقراء ولهم السبق لكننا أردنا أيضا أن يكون للقارئ الجزائري موقعه أيضا لذلك اقترحنا تكوين خزانة للقراءة الجزائرية مادام أن القراء الجزائريون قد أثبتوا في السنوات الأخيرة جدارتهم في هذا المجال، حيث يحتل الجزائريون المراتب الأولى في المسابقات العالمية سواء في القراءة أو حتى في الإنشاد أيضا· وإلى جانب ذلك حاولنا من خلال هذا اليوم الدراسي التعريج على موضوع التطرف الفكري والمراجعة الفكرية التي ساهمت فيها إذاعة القرآن الكريم من خلال برامجها التوعوية· * هذا عمّا تسعى إذاعة القرآن الكريم لإنجازه خلال الأيام القادمة، لكن ماذا عن النقائص التي يمكن تسجيلها بعد عشرين سنة من البث المتواصل؟ ** نحن حاولنا أن نبتعد عن المثل القائل: (مادح نفسه يقرئكم السلام)، في رأيي هذه وسيلة إعلام تتقبلها الآذان وإن كنا لا نستطيع أن نستقرئ العدد الفعلي للمستمعين بسبب عدم وجود مراكز سبر آراء حقيقية نتمكن من خلالها تحديد ما حققناه بعد 20 سنة من العمل، ولكن رغم ذلك ما يصلنا من البريد الإلكتروني يبين أن هناك تواصلا كبيرا مع المستمع سواء من داخل الوطن أو خارجه، وهذا ما يثبت أن هناك صدى لمسموعية الإذاعة، لكن رغم ذلك تبقى هناك نقائص تم تسجيلها خلال مسيرة عشرين سنة من العمل ولعل أولها هو أن الفريق كان فريق بداية وغير محترف في المجال، إضافة إلى غياب أهل التخصص الإعلامي والديني وصعوبة الوصول إليهم ومن بين النقائص أيضا التذبذب الحاصل في الموجات القصيرة والموجات المتوسطة الأمر الذي يحدث اضطرابا بالنسبة للمستمع· * إذا هذا التذبذب هو مشكلة تقنية وليس انقطاعا كما يتوهم الكثير من المستمعين؟ ** لا هو ليس انقطاع، نحن نبث على موجتين نبث على موجة(أف·أم) (FM) إلى غاية الساعة 10:00 صباحا ثم ننتقل إلى البث على الموجة المتوسطة (أ·أم) (AM)، وهذا الإشكال موجود حتى على مستوى قنوات أخرى أيضا، وعدم الثبات على موجة واحدة يحدث إشكالا واضطرابا لدى المستمعين، بالإضافة إلى ذلك من الذي سيحرص على تغيير الموجة في كل منطقة مثلا، لذلك نحن نرجو التكفل بهذا الإشكال قريبا لأننا على أبواب منافسة مع القطاع الخاص الذي نرحب به بالمناسبة وننتظر من المسؤولين حل إشكال الموجات، وعلى فكرة هناك من الأصدقاء من يبذل جهدا من أجل ذلك ومن بينهم عبد المالك حويو على رأس مؤسسة البث الإذاعي والتلفزيوني (TVA) لإعطاء هذه الإذاعة مكانتها اللائقة· * هل يكون هناك إنذار مسبق بهذا التحول أم أنه يحدث بصفة فجائية؟ ** طبعا هناك ومضة تبث قبيل الانتقال من موجة إلى أخرى نعلم بها المستمع احتراما له ولا يمكن أن ننتقل دون إعلام المستمع بذلك لأن الإذاعة الدينية لها دائما خصوصيتها فلا يمكن أن تكون إذاعة دينية وتحل محلها إذاعة موسيقية مثلا مع احترامي لخصوصيات الإذاعات الأخرى، هذا سيحدث صدمة لدى المستمع الديني لذلك نحرص دائما على أن يكون هناك إشعار توجيهي بالانتقال إلى موجة أخرى حتى نضع المستمع في الصورة· * كم يقدر الحجم الساعي المتاح لإذاعة القرآن الكريم وكيف يتم توزيعه؟ ** الحجم الساعي عامة هو عشر ساعات، توزع على فترتين فترة الأولى من منتصف الليل حتى الثانية صباحا ثم فترة أخرى من الساعة الخامسة صباحا إلى الساعة الواحدة زوالا، وهناك فترة معادة على الأقمار الصناعية (نايل سات) تكون من الساعة الثامنة مساء إلى حدود منتصف الليل· * هل ترى أن عشر ساعات كافية من أجل إيصال رسالة إذاعة القرآن الكريم؟ ** العمر الزمني للبرامج اليوم صار متطورا في كافة أنحاء العالم فبعدما كنا لا نقنع إلا ببرنامج 52 دقيقة صرنا نرى في الفضائيات العالمية اليوم موجزا للأخبار في دقيقتين، لذلك لا نقاش بالنسبة لهذا الجانب، نحن نطمع طبعا أن يتطور الحجم الساعي وهو مطلب الكثير من المستمعين الذين يرجون أن يكون بث إذاعة القرآن الكريم على مدار الساعة لأنه في الحقيقة هناك لكل إذاعة جمهور صباحي وجمهور مسائي وآخر ليلي ونحن نرجو أن نصل إلى هذا المستوى لكن يجب أن نقول دائما إن ما هو ممنوح لإذاعة القرآن حاليا استطعنا أن نصل به إلى الكثير من المستمعين· * ألا ترون أن هناك نوعا من التهميش بالنسبة لتوزيع ساعات البث؟ ** أحيانا ما ترين أنه تهميش قد يكون خصوصية القناة، فالجزائري عندما يستيقظ في الصباح الباكر وخاصة في المناطق الداخلية ألا ترين أنها أحسن فترة يستمع فيها الفرد إلى ما يشنف به سمعه؟ * قد تكون هذه خصوصية القناة كما تفضلت بالذكر لكن خصوصية المجتمع الجزائري قد تختلف بعض الشيء، في رأيك من سيتوجه إلى سماع الإذاعة على الساعة الخامسة صباحا مثلا؟ ** هناك جمهور كبير في المناطق الداخلية ينتقل إلى العمل أو يسافر إلى العاصمة مثلا سيجد ملاذه فيما تقدمه إذاعة القرآن الكريم من الذكر الحكيم، لكن هذا لا يمنع أيضا وجود ما ترينه من التهميش الذي يضعف فترات بث البرامج التفاعلية فلا يمكن أن ندرج برنامجا تفاعليا على الساعة الخامسة صباحا مثلا، لكن نحن نرجو أن تتحسن الوضعية لأن إذاعة القرآن الكريم انطلقت في البداية بأربع ساعات من البث فقط والآن هي تبث لعشر ساعات، وأنا أقول إن هناك نية سليمة وصحيحة من الإدارة العامة ومن معالي وزير الاتصال نفسه الذي تعهد في إجابته على سؤال شفوي بالبرلمان في جوان 2011 بإعطاء اهتمام أكبر لإذاعة القرآن الكريم مستقبلا، وبقي الأمر مرتبطا بمقر وقد تكفلت به الإدارة المركزية وهو في طور الإنجاز· * هل نفهم أن إذاعة القرآن الكريم لا تملك مقرا مستقلا في الوقت الراهن؟ ** لا نحن نملك مقرا لكنه لا يستجيب إلى متطلبات العمل، ففي مثل هذا المقر لا نستطيع التفكير في بث على مدار الساعة مثلا أو في استقبال عدد معتبر من الضيوف نظرا لموقع المقر والاختناق الذي تعرفه منطقة وسط العاصمة والذي يؤثر في كثير من الأحيان على قضية ضبط المواعيد، ولو تصورنا أننا نبث برنامجا تفاعليا كل ساعة يحتاج إلى استضافة بعض الشخصيات مثلا ربما سيكون هناك عدم وفاء بالمواعيد وعدم التزام مع المستمع، لذلك سننتقل إن شاء الله إلى مكان أرحب وأوسع وسيكون هناك تفكير في البث على مدار الساعة خاصة في ظل عزم الإدارة على التكفل بالإذاعات الموضوعاتية، حيث كانت إذاعة القرآن الكريم هي الإذاعة المتخصصة الوحيدة في الجزائر والآن نجد هناك الإذاعة الثقافية وإذاعة الشباب أيضا وهو ما يظهر اهتمام الإدارة بهذا النوع من الإذاعات· * ماذا عن مجال البث الذي تغطيه إذاعة القرآن الكريم؟ ** هناك فترات تبث فيها الإذاعة عبر كافة الإذاعات المحلية في كامل القطر الوطني وذلك من الساعة 00:00 إلى الساعة 2:00 صباحا ومن الساعة 5:00 صباحا إلى الساعة 7:00 صباحا، وهناك اليوم أيضا البث عبر الموجة الطويلة والموجة إلى دول الساحل الإفريقي· * لكن هناك من المستمعين من يشتكي من البث الضعيف في بعض المناطق كيف تفسرون ذلك؟ ** نعم هناك نقص ونرجو أن يتطور مجال البث حتى نعرف مقدار مسموعية الإذاعة التي نستطيع تحديدها عندما نصل إلى البث على مستوى القطر الوطني، وبعدها يمكننا إجراء سبر للآراء بمساعدة مراكز متخصصة تتولى هذه المهمة، ونحن لا ننكر أن المعرفة التقليدية موجودة الآن كالاتصالات التي نتلقاها في مختلف البرامج والبريد الإلكتروني الذي يصلنا ولكن السبر العلمي غير موجود ونتمنى أن تتولى المعاهد المتخصصة هذه المهمة مستقبلا· * هل تملك إذاعة القرآن اليوم فريق عمل يمكنها من تبليغ رسالتها الدينية وتقديم أداء متميز في هذا المجال؟ ** خلال شهر جوان الفارط عرفت إذاعة القرآن الكريم نقلة نوعية واستطاعت أن تؤمن فريق عمل يكفي لتغطية بث الإذاعة 24 ساعة على 24 ساعة، من منشطين ومخرجين وصحفيين وتقنيين ومنفذي إنتاج، إضافة إلى أن إذاعة القرآن الكريم تعتمد في حوالي 50 بالمائة من إنتاجها على المتخصصين والمنتجين الخارجيين والأبواب مفتوحة أمام مبادرات المنتجين أبناء الجامعات الجزائرية الذين يساهمون اليوم في إثراء الإذاعة بأفكار وبرامج غالبا ما تجد صداها في بث إذاعة القرآن الكريم· * يعني كم عدد عمال إذاعة القرآن الكريم اليوم؟ ** عدد العمال اليوم يقارب 60 فردا * ما قيمة الميزانية المخصصة لنشاط إذاعة القرآن الكريم؟ ** نحن نخضع لتسيير مركزي والميزانية المرصودة لنا اليوم تكفي للتسيير اليومي للإذاعة· * بلغة الأرقام كم تقدر ميزانية الإذاعة سنويا؟ ** ليس هناك تقدير كل ما نطلبه من وسائل عمل تحاول المركزية أن توفره لنا في أقرب الآجال وكل ما نطلبه نجده· * من خلال منصبك كمدير هل تعتبر أن إذاعة القرآن الكريم في نشاطها تابعة للإذاعة الوطنية أم مستقلة عنها؟ ** إذاعة القرآن الكريم هي إذاعة عمومية تابعة آليا وإداريا للإدارة المركزية التي يشرف عليها المدير العام للإذاعة الجزائرية ونحن نطبق ما جاء في دفتر الشروط ونحترم القانون الداخلي للمؤسسة لكن إذاعتنا لها استقلالية في تسطير البرامج، والإذاعة الدينية المتخصصة قد تكون مصدر قلق في العديد من دول العالم لكننا اليوم في الجزائر ومن خلال تجربتي على رأس هذه الإذاعة لا نشعر بأي تضييق ولا نشعر بمن يمارس علينا الرقابة، هناك رقابة الضمير ونحن متقيدون بما نص عليه دفتر الشروط والقانون الداخلي للمؤسسة الذي يلزمنا بترقية الخدمة العمومية· * قلت أن هناك بثا موجها لدول الساحل ما هي اللغات المستخدمة في هذا البث؟ ** نركز دائما على اللغة العربية ولكننا نبث أيضا باللغة الفرنسية والأمازيغية أحيانا ونحن نأمل أن نصل إلى البث باللغة الشعبية لدول الساحل الإفريقي كالهاوسا والبامبارا، لأن الإذاعة تعني الكثيرين من سكان الساحل الإفريقي· * في رأيك هل تجد إذاعة القرآن الكريم صداها في دول الساحل من خلال تخصيص فترات بث لهذه البلدان؟ ** بطبيعة الحال فقد تلقينا اتصالات من أدغال إفريقيا ووصلتنا رسائل من هناك ووصلتنا رسائل حتى من الفيتنام وكوريا وهذا أمر يثلج الصدر ونطمع في المستقبل أن تكون هناك موجة دائمة لأن المعني بها هو المستمع الجزائري، ونرجو أن نواصل مسيرة أجدادنا كالشيخ المغيلي وأصحاب الطريقة التجانية والرحالة والتجار أبناء الجزائر الذين نشروا الإسلام في إفريقيا ومن أجل هذا الهدف لجأنا إلى بث مشترك مع بعض الإذاعات حيث كانت لنا تجربة مع موريتانيا وتونس والسودان ونحاول أن تكون لنا اشتراكات أخرى لاسيما وأن إذاعة القرآن الكريم تعد عضوا في اتحاد الإذاعات الإسلامية الذي يتواجد مقره بجدة ويرأسه ولد ددو من موريتانيا ونسعى إلى تطوير هذا البث الديني مع كافة الإذاعات الدينية عبر العالم الإسلامي· * انطلاقا من هذا البث الموجه والأعمال المشتركة مع بعض دول الجوار كيف تقيمون تجربتكم بالخارج؟ ** لا نستطيع أن نقول إن تجربتنا ناجحة لمجرد أننا تلقينا اتصالات من هناك لكن نقول إن برنامجنا مخصص وموجه لمنطقة معينة هي منطقة الساحل الإفريقي، ومن خلال هذا البرنامج الموجه نقوم ببعض المبادرات المشتركة مع دول الجوار، فإذاعة القرآن الكريم تزود إذاعة الصحراء الغربية مثلا بالكثير من البرامج الدينية وقد قمنا بعدة زيارات إلى الصحراء الغربية من أجل ذلك من خلال ملتقى ديني ينظم كل سنة وتحتضنه الأراضي الصحراوية ويميزه حضور العديد من منتجي إذاعة القرآن الكريم، وقد كانت تجربة جد ناجحة وأعطت ثمارها· * ما هو طابع الشبكة البرامجية التي تقدمها إذاعة القرآن الكريم للمستمع الجزائري اليوم بعدما كانت في السابق تقتصر على بعض التلاوات القرآنية؟ ** الإذاعة تحاول اليوم أن تقدم خدمة عمومية، ولدينا من البرامج الاجتماعية البارزة برنامج (خدمات خيرية) لزهرة بوعزة الذي يدل على مصداقية الإذاعة وعمق الجزائري الذي يتفاعل مع مصائب أخيه وقد تفاجأنا في هذا البرنامج بعمق عطاء المواطن الجزائري، وهناك عدة برامج أخرى متخصصة في الفتوى وأحكام الترتيل والتجويد، كما أن الإذاعة تخصص جانبا للطفل الجزائري أيضا، إضافة إلى قسم للأخبار يعمل على تغطية الفعاليات والندوات الدينية في كافة أنحاء الوطن· * ماذا عن مواكبة الإذاعة للأحداث الوطنية والدولية؟ ** طبعا إذاعة القرآن الكريم حاضرة في هذا المجال، لكن الأولوية تكون دائما للجانب الديني حتى لا نقع في التكرار، وتكون تغطية هذه الأحداث إما عن طريق فريق إذاعة القرآن الكريم أو عن طريق ما يصلنا من أخبار من مختلف الإذاعات المحلية التي تزودنا يوميا بمراسلات حول الأحداث والنشاطات الوطنية والدولية· * لاحظنا أنه بالإضافة إلى البرنامج الخيري (خدمات خيرية) الذي يدخل ضمن الشبكة البرامجية للإذاعة، هناك مبادرات نوعية قامت بها إذاعة القرآن الكريم مؤخرا لو تتكلم لنا عن بعض هذه المبادرات· ** سأتطرق إلى المبادرات التي قدمتها إذاعة القرآن الكريم خلال سنة 2012 ولعل آخر هذه المبادرات هي (راديو طون) والتي أطلقت بالاشتراك مع إذاعة البليدة الجهوية وجمعية البدر لمساعدة مرضى السرطان من أجل بناء دار الإحسان لاستقبال مرضى السرطان القادمين من مناطق بعيدة، وقد جمعنا أكثر من مليارين لدعم هذا المشروع الذي لاقى ترحيبا من والي ولاية البليدة الذي دعم الفكرة وقدم لنا قطعة أرض وبناية نصف جاهزة، وبالإضافة إلى ذلك أطلقت إذاعة القرآن الكريم حملة تضامنية من خلال حصة خيرية استطاعت أن تجمع 4 شاحنات من المساعدات وجهت إلى منطقة القبائل المتضررة من الثلوج التي اجتاحت بعض مناطق الوطن شهر فيفري الماضي· * هل من مشاريع مستقبلية للإذاعة في هذا الإطار؟ ** تسعى إذاعة القرآن اليوم إلى إيجاد خزانة للقراءة الجزائرية حيث استحدثنا منذ سنتين فقرة يتم خلالها تسجيل قراءات للقرّاء الجزائريين من كافة أنحاء الوطن مع التقيد برواية ورش وذلك بحضور مختصين في المجال لتصحيح الأخطاء، وقد كانت لنا اتصالات بوزير الشؤون الدينية وإطارات في الوزارة من أجل أن نضع بين أيديهم هذه المادة المسجلة لإعادة طبعها وكنا نتمنى أن تكون هذه المبادرة خير خاتمة لسنة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ولكن الوقت لازال مبكرا ونستطيع إنجاز هذا المشروع· وهناك مبادرة أخرى ستنطلق قريبا وهي مسابقة الآذان الجزائري، فقد نجد في الجزائر مسابقة للأنشودة أو مسابقة في القرآن الكريم مثلا، لذلك ارتأينا أن نجمع بين فني التجويد والإنشاد في مسابقة الآذان الجزائري، ولعل هناك جانب أخلاقي أيضا يدفعنا إلى تنظيم مثل هذه المسابقة ففي جل المساجد الجزائرية اليوم لا نسمع الآذان الجزائري الحقيقي وكل ما نسمعه هو مجرد تقليد لدول الخليج أو المشرق وأحيانا نلاحظ عدم التقيد بالآذان المعروف في منطقة المغرب العربي وهو الآذان الثنائي، فنجد بعض المؤذنين يؤدون الآذان الرباعي الذي نسمعه في البقاع والحرمين وهذا لعدم وجود ثقافة في هذا المجال لذلك أردنا إطلاق مسابقة الآذان الجزائري لتشجيع المؤذنين الجزائريين وتحفيزهم باعتماد الآذان الفائز على أمواج إذاعة القرآن الكريم وهذه المبادرة تنتظر التمويل· * هل هناك وعود بتمويل هذا المشروع؟ ** هناك وعود بتمويل المبادرة، ونحن نرجو من خلال جريدتكم أن تكون هناك التفاتة لهذا المشروع باعتباره مبادرة خيّرة تدخل في إطار الاحتفالات بالذكرى الخمسين للاستقلال· * باعتبار إذاعة القرآن الكريم إحدى بنات الإذاعة الوطنية ألم تبد هذه الأخيرة استعدادا لتمويل هذه المبادرة الخيّرة؟ ** الإذاعة الوطنية تستطيع بخيرها أن تتكفل بهذه المبادرة لكن نحن نريد أن نخرج العملية من إطار التسيير الإداري العادي إلى التكفل بها من طرف المجتمع لأن الممولين ورجال الأعمال في الجزائر لهم واجب أخلاقي اتجاه وسائل الإعلام وذلك حتى يساهموا في النشاط الثقافي الذي يتزامن مع مرور خمسين سنة من الاستقلال· * على ذكر هذه المناسبة هل لإذاعة القرآن الكريم مساهمات في الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال؟ ** الاحتفال بمرور خمسين سنة من الاستقلال يعتبر وقفة لتقييم شعب كامل وتثمين ما حصل في الجزائر خلال تلك السنوات، فنحن لا ننكر أن هناك نقائصا أو عيوبا لكن هناك إلى جانب ذلك إنجازات لا بد من تثمينها وهذا ما تحاول الإذاعة فعله من خلال شبكة البرامج المخصصة لهذه المناسبة، حيث نخصص برامج لإبراز المعالم الدينية التي تم استرجاعها خلال الاستقلال ابتداء بجامع (كتشاوة) الذي كان كنيسة سابقا وانتهاء إلى المشروع الضخم الخاص بمسجد الجزائر الكبير الذي سيكون مفخرة الجزائريين خلال الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، وتقوم الإذاعة إلى جانب ذلك بالتعريف ببعض الأعلام الجزائرية، وإجراء حوارات مع رجال صنعوا ثورة التحرير وشاركوا في الاستقلال· * تحتفل الجزائر في هذه الأيام بخمسينية الاستقلال لكنها تحضر أيضا لحدث يعتبره الكثيرون منعطفا هاما للتحول السلمي في الجزائر فأين موقع إذاعة القرآن الكريم من انتخابات العاشر من ماي؟ ** نحن لن نقول إننا سنغطي الحملة الانتخابية لأننا إذاعة دينية موضوعاتية لا يجب أن تخرج عن خطها الافتتاحي، لكننا نساهم حتما في ترقية الوطنية والمواطنة ونحن نقود هذه الأيام حملات توعوية من خلال الومضات التي تبثها الإذاعة والتي تدعو المواطن إلى أداء واجبه خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، كما اعتمدنا على بعض الأحاديث الدينية التي لا تخرج عن صلب الدين في الدعوة إلى الممارسة الانتخابية والإقبال على صناديق الاقتراع وقد سجلنا تجاوبا كبيرا من الأئمة الذين يساعدوننا في هذه المهمة وهناك تفاعل كبير مع الهيئات الرسمية والعرفية في هذه العملية التحسيسية التي تدعو إلى أداء ما سميناه بواجب الشهادة أي أن يشهد المواطن لمترشح ما أن يكون ممثله في البرلمان القادم الذي نرجو أن يؤدي واجبه اتجاه الناخبين· * علمنا أن إذاعة القرآن الكريم إضافة إلى بثها الإذاعي هي تصدر مجلة فصلية ما الهدف من إصدار هذه المجلة؟ ** مجلة إذاعة القرآن الكريم جاءت في إطار تنويع الوسائط ومن المؤكد أن هناك من يستمع إلينا عبر البث الإذاعي لكننا أردنا أن نوصل خطاباتنا أيضا لمن يقرأ لنا وقد انطلقت هذه المجلة في نهاية سنة 2008 وهي مجلة فصلية تحاول أن تركز على الدراسات والخطاب المباشر والتفاعل مع كل ما تعرفه الساحة الوطنية، فمثلا الحدث الثقافي الديني الذي احتضنته ولاية تلمسان (تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية) خصصت له المجلة فصلا كبيرا· * ما حدود توزيع هذه المجلة؟ ** توزع على المستوى الوطني وحتى خارج الوطن سواء بالإهداء أو البيع وتعرف نسبة مبيعات لا بأس بها مع نسبة مرتجعات قليلة جدا وهي موجهة إلى جمهور خاص يقبل على مثل هذه المجلات· * من خلال ملاحظاتكم هل لاقت هذه المجلة صدى في الأوساط الموجهة إليها؟ ** هناك قبول للمجلة وسجلنا ذلك من خلال الرسائل الرسمية التي تهنئنا بهذه المجلة كرسالة وزيرة الثقافة التي تفاعلت كثيرا مع الأعداد التي خصصت لتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ورسالة وزير الشؤون الدينية الذي تصلنا تبركته وتهانيه كلما وصله عدد من أعداد المجلة التي أخذت مكانتها وموقعها في الساحة وتبقى عملية ترشيدها وتقييمها التي هي من واجب الإدارة العامة للإذاعة الجزائرية· * ما هي رسالة إذاعة القرآن الكريم للمستمع الجزائري؟ ** رسالتنا هي أن نصل إلى نشر فكرة أن الإسلام يساوي السلام وأن نصحح ما ينعت به الإسلام من تطرف وتعنت سواء من الغرب أو من أطراف داخل الوطن، نريد أن نبين صورة الإسلام الحقيقية لأن الإسلامي لا تنقصه الوطنية ولا يمكن أن يكون هناك إسلامي قد يفرق بين الوطنية والإسلام، هدفنا دائما من خلال إذاعة القرآن الكريم هو إشاعة الاعتدال ونبذ التطرف وإشاعة المعاني السامية التي تضمن للمجتمع تماسكه في لغته وثوابته ووحدته، ونحاول دائما أن نرقى بهذه المعاني التي هي في صلب الدستور وفي صلب الثقافة الجزائرية· * ماذا عن الطموحات المستقبلية لإذاعة القرآن الكريم؟ ** طموحاتنا لا تخرج عمّا هو مرسوم في دفتر الشروط، لأن إذاعة القرآن الكريم هي إذاعة عمومية والهدف الأسمى الذي ترسمه هو الحفاظ على الخدمة العمومية تطبيقا لما رسم لنا، كما نطمح إلى زيادة ساعات البث، وعلى العموم لدينا شبكات برامجية وكل شبكة لها أهدافها الرئيسية وأهدافها الثانوية، ونحاول من خلالها دائما التفاعل مع المستمعين ومع أفكارهم الكثيرة لأن بعض البرامج أحيانا يقترحها المستمعون·