تواصل صبيحة أمس توافد مئات الجزائريين، من مختلف أرجاء الوطن، إلى قصر الشعب بالجزائر العاصمة لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان رئيسهم الأول أحمد بن بلة قبل أن يوارى التراب بمربع الشهداء بمقبرة العاليا بعد صلاة الظهر، وقد كان الجميع متأثر برحيل الرجل الثوري والسياسي الذي قاد الأمة الجزائرية نحو الاستقلال والحرية· في جو مهيب وعلى وقع نبرات آيات من الذكر الحكيم، توافد آلاف المواطنين لتوديع الرئيس الأسبق والمجاهد أحمد بن بلة، حيث ساد الحزن كافة أرجاء الجزائر التي لبست الأسود حدادا لرحيل أحد رموزها الثوريون، فلم يتوان جموع المعزين عن ذرف الدموع لفقدان بن بلة الرجل المعروف لدى العامة والخاصة ببساطته وتواضعه وهذا بشهادة الجميع الذين أبوا إلا أن يستحضروا مواقفه وكفاحه قبل وأبان وبعد الثورة التحريرية التي بقيت راسخة في عقولهم رغم غيابه عن الساحة السياسية منذ سنوات، كما استمر تدفق عدد من الشخصيات الوطنية والسياسية والتاريخية وأصدقاء الفقيد لتقديم واجب العزاء وقراءة الفاتحة على روحه· وقد تسابق المواطنون للتذكير بمواقف الرجل سواء من عايشوه فترة حكمه أو من لم يعرفه سوى على شاشات التلفزيون، وقد كان من بين المعزين شخص في الثمانين من عمره لم يتوقف عن البكاء منذ وصوله إلى قصر الشعب، حيث صرح أن (اليوم يوم حزن وجئنا هنا لتوديع أول رئيس للجزائر المستقلة، فأنا أنحدر من مدينة مغنية التي أنجبت هذا الرجل العظيم ولي الفخر أن أشيع اليوم جثمانه لإنجازاته ولمواقفه المساندة للعروبة والإسلام، فجميع سكان مغنية فجعوا لرحيله خاصة وأنهم عرفوه عن قرب فهو من كان يمشي بينهم دون حراسة يُحيي صغيرهم قبل كبيرهم، فكيف لنا اليوم أن نقف أمام جثمانه دون ذرف دموع لوعة الفراق)· وغير بعيد عن ابن مغنية كانت تقف إحدى السيدات التي أجهشت بالبكاء قبل أن تصل إلى القاعة التي بها جثمان الفقيد فرجلاها لم تتحمل مواصلة السير لتأثرها برحيل الرئيس الأسبق فقد اختصرت وجعها بقول (إن لله وإن إليه راجعون فقدنا برحيل بن بلة أحد أبناء الجزائر الذي لن يعوض) وقد كان هذا حال عامة المواطنين البسطاء الذين تأثروا بفقدان الرجل والذين لم تمنعهم الاضطرابات الجوية من التنقل إلى قصر الشعب لتقديم واجب العزاء وإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه· وفي السياق ذاته أعربت تشكيلات سياسية ومنظمات وطنية وعربية وشخصيات تاريخية عن بالغ تأثرها لوفاة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة (1962- 1965) الذي انتقل إلى رحمة الله عن عمر ناهز 96 سنة، وتقدمت الأحزاب إلى أسرة الفقيد والشعب الجزائري بتعازيها الخالصة إثر هذا المصاب الجلل سائلة المولى عز وجل أن يتغمد روحه برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذويه الصبر والسلوان· أويحيى: "الجزائر خسرت أحد عظمائها" أكد الوزير الأول أحمد أويحيى أن رحيل الرئيس الأسبق والمجاهد احمد بن بلة خسارة للجزائر، فقد كان الفقيد من عظماء العالم العربي والإفريقي وقلع من قلاع النضال الجزائري، كما وجه أويحيى برقية تعزية إلى عائلة الفقيد ذكر فيها ببطولاته أثناء الثورة التحريرية وأنه أدى واجبه على أكمل وجه في سبيل حرية وطنه الذي سيظل يخلد ذكراه· زياري: "فقدنا مجاهدا من الرعيل الأول" وصف رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري الفقيد بأنه مجاهد من الرعيل الأول ساهم رفقة حقبة كبيرة من رفقاء دربه في تحرير الجزائر من ربقة الاستعمار، كما أشاد بخصال المرحوم قائلا (تاريخ الجزائر المعاصر حفظ بصمات الراحل سواء خلال فترة الكفاح المسلح أو خلال مرحلة بناء الجزائر المستقلة بدءا من إخلاصه للجزائر المستقلة، ليضيف أن الفقيد كان في طليعة مناضلي حزب الشعب وبعده في حزب انتصار الحريات الديمقراطية ومرورا بتعيينه مسؤولا عن المنظمة الخاصة التى دبرت الهجوم الشهير على مكتب بريد وهران وانتهاء بما تقلد من مسؤوليات جسيمة خلال أوقات حرجة لما كان عضوا في الوفد الخارجي لجبهة التحرير والى غاية انتخابه أول رئيس للجمهورية الجزائرية)· بن صالح: "رحيل بن بلة فاجعة" أكد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أن وفاة الرئيس الأسبق أحمد بن بلة لحظة فاجعة انتهت بها رحلة حياة (أحد كبار الجزائر وعقلائها، حيث افتقدت فيه الجزائر شخصية وطنية نادرة من طراز الزعماء الكبار الذين ساهموا في بناء الدولة الوطنية المستقلة، فقد كان ضمن طلائع الوطنيين الذين مهدوا للكفاح المسلح وانخرطوا في قيادة الثورة التحريرية المباركة بشجاعة وإقدام، حيث كان إلى جانب رفاقه القادة التاريخيين فاعلا في توجيه العمل المسلح)· اتحاد المحامين العرب ينعي فقيد الجزائر والعرب قدمت الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب تعازيها إلى جماهير الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم في فقدانها زعيما تاريخيا ومناضلا عربيا وقائد فذا الرئيس الأسبق والقائد الثوري احمد بن بلة الذي قاد وطنه وأمته وانتصر للفقراء والمظلومين· كما ذكر الاتحاد أن الراحل لعب دورا حيويا ومحوريا مع الزعيم جمال عبد الناصر، حيث انطلقت ثورة الجزائر يدا بيد مع ثورة يوليو لينتصر بذلك لحركات التحرر في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، كما أشار الى أن التاريخ العربي الإفريقي يسجل بأحرف من النور دورا خالدا وبارزا للزعيم الخالد احمد بن بلة الذي ترك بصماته على صفحات عظيمة في نضاله وسجنه ومنفاه· كما أكد الاتحاد حرصه على للوفاء للمبادئ والثوابت والقضايا التي قضى الراحل عمره في سبيلها، داعيا من المولى عزل وجل أن يتغمد روحه وبواسع رحمته وينزله منزلة الصديقين والأبرار·