ما تزال ملاعب الكرة تحصد الكثير من الأرواح، آخرهم ما حدث أوّل أمس للاّعب الإيطالي في صفوف فريق ليفورنو بيرماريو موريسيني. حيث شاءت الأقدار أن يغادرنا هذا اللاّعب وإلى الأبد وهو يخوض مباراة في كرة القدم مع فريقه ليفورنو ضد نادي بيسكارا في الدوري الإيطالي الثاني، وهي حادثة ليست بجديدة على عالم الرياضة. وقبل أن نرصد لكم أبرز من ماتوا وهم يتنافسون من أجل الفوز ليخلّدوا في تاريخ الرياضة كلحظات حزينة عشناها جميعا ونتمنّى احترامها دوما، سنتوقّف عند أسباب الموت المفاجئ داخل الملاعب في نظر أهل الاختصاص· هل بات الموت المفاجئ للاعبي كرة القدم يشكّل ظاهرة؟ وهل هناك إحصاءات ودراسات دقيقة رصدت هذه الظاهرة بشكل علمي، حسب ما يراه الأطبّاء المتخصّصون في أمراض القلب؟ ومدى علاقة هذه الحالات بالإجهاد الذي يتعرّض له اللاّعب أثناء المباريات أو التمارين؟ وهل هناك إمكانية لتجنّب الحوادث المؤلمة التي جعلت من الملاعب الكروية مصدرا للمآسي والأحزان؟ وهل هناك دور للفحص الطبّي الشامل وخاصّة فحص القلب؟ وهل من شأن الإجراءات الطبّية والاحتياطات المتّخذة التقليل من هذه الحوادث إذا لم يكن هناك أمل في الحدّ منها؟ أسباب الموت المفاجئ * الإغماء الحراري: إذ أن اللاّعب الذي يخوض المباريات في أجواء حارّة قد تحدث عنده حالة الإغماء الحراري، خاصّة إذا كان يلبس ملابس ثقيلة، نتيجة فقدان الكثير من العرق والسوائل داخل الجسم. ويشعر الشخص قبل حدوث الإغماء بضعف في الجسم مع الشعور بالصداع والدوار، ويكون جلد اللاّعب باردا وضغط الدم منخفضا بالرغم من أن حرارة الجسم قد تكون طبيعية· وعند حدوث هذه الحالة يجب أخذ اللاّعب إلى منطقة باردة في أسرع وقت ممكن، مع إعطائه مقادير مناسبة من الماء والأملاح، وغالبا يرجع هذا الشخص إلى حالته الطبيعية في وقت سريع· * ضربة شمس: في بعض الحالات إذا لم يعالج المريض الذي يعاني من الإنهاك الحراري قد ترتفع درجة حرارة جسمه كثيرا وإلى درجة خطيرة حتى أنها قد تصل إلى أكثر من 43 درجة مئوية، ويفقد بذلك المريض وعيه وهذا ما يسمّى بضربة شمس· إذا لم يعالج اللاّعب بسرعة قد تحدث لديه مضاعفات خطيرة، ممّا يؤدّي إلى وفاته، ومن هذه المضاعفات: هبوط في الدورة الدموية وفشل في وظيفة الكلى والكبد، والعلاج في هذه الحالة هو خفض حرارة الجسم بأسرع وقت ممكن وذلك بأخذ المريض إلى مكان بارد ونزع ملابسه وترطيب جلده بالماء ويجب أن تكون درجة حرارة هذا المكان ما بين 30 35 وحرارة الماء المستخدم حوالي 15 درجة مئوية، وينصح بعدم استخدام الثلج. وبعد أن تنخفض درجة حرارة الجسم يجب التوقّف عن تبريد الجسم ويجب أن تكون هناك تهوية مناسبة، وقد يحتاج المريض إلى الأوكسجين، وإذا حصلت المضاعفات يجب أن تعالج بسرعة. * ابتلاع اللّسان: من جهتها، ظاهرة ابتلاع اللّسان مشكلة من المشاكل التي ظهرت مؤخّرا في الملاعب الرياضية، والتي من الممكن أن تؤدّي إلى الوفاة في وقت قصير جدّا. والنتائج السلبية المترتبة عن بلع اللّسان تمدّد للأوعية الدموية وهبوط مفاجئ في ضغط الدم، خاصّة هبوط الدم الموجود في المخّ، ممّا يسبّب الجلطات والنّزيف في المخّ ويؤدّي بدوره إلى الوفاة· رأي أهل الاختصاص في الظاهرة: "القلب أوّلاً وأخيرا" يرجع أهل الاختصاص سبب وفاة اللاّعبين المفاجئة داخل الملاعب إلى السكتة القلبية التي تعرف بأنها الموت دون التعرّض للإصابة. في هذا الإطار ترجع الدكتورة سلوى عبد المنعم سبب الوفاة إلى احتشاء عضلة القلب التضخّمي، أهمّ أسباب الوفاة المفاجئة نتيجة السكتات القلبية وأكثرها شيوعاً بنسبة 36 بالمائة، وهو خلل صباغي يتميّز بتضخّم البطين الأيسر، عادة ما يصيب الحاجز البطيني، كما تنحصر أعراضه في ألم في الصدر عند بذل مجهود بدني وصعوبة في التنفّس أو شعور بالإغماء، وهذا ما يفسّّر حدوثها في ملاعب كرة القدم بصورة أكبر نتيجة الجهد الكبير الذي تحتاجه هذه الرياضة، إلاّ أن أكثر اللاّعبين المصابين بالمرض لا يشعرون بتلك الأعراض حتى حين لحظة الوفاة. ومن الأسباب الأخرى التي تذكرها أخصّائية أمراض القلب للوفاة المفاجئة تضخّم البطين الأيسر بشكل يفوق حدود التضخّم الفسيولوجي لقلب اللاّعب، وأسبابه لا زالت غير معروفة، إلاّ أن نسبة حدوثه بلغت 10 - 9 بالمائة من الحالات. ويأتي بعد ذلك في نسبة الحدوث داخل الملاعب أمراض الشرايين التاجية الخلقية (من 17 إلى 19 بالمائة)، وتمزّق أم الدم الأورطي وهو أقلّ شيوعا ويحدث عادة لدى اللاّعبين المصابين بمتلازمة (مارفرن) وهو خلل صباغي يحدث في الأنسجة الرّابطة، كما أن هناك أربعة أمراض أخرى تتدخّل في سبب الوفاة المفاجئ داخل الملاعب الرياضية توجزها د. سلوى عبد المنعم في تعدادها وهي: 1 التهاب عضلة القلب واعتلال عضلة القلب التوسّعي، وعادة يحدث بسبب الالتهاب الفيروسي. 2 خلل تنسّج البطين الأيمن اللاّ انتظامي. 3 ضيق الصمّام الأبهري، والذي قد يكون خلقيا، أي صمّام ذو شرفتين أو يكون نتيجة مرض قلب روماتيزمي وتغيرات غير طبيعية في القلب وتشمل عدم الانتظام المتسارع وعدم الانتظام البطيء· 4 ضرورة فحص القلب بشكل دقيق ودوري لدى الرياضيين، حيث تؤكّد الدكتورة سلوى عبد المنعم على ضرورة فحص القلب بشكل دقيق ودوري لدى الرياضيين للكشف عن بدايات الأعراض أو لرصد التغيّرات غير الطبيعية في مسار صحّة القلب وذلك عن طريق تخطيط صدى القلب بالموجات الصوتية، ما يساعد على اكتشاف عدم الانتظام. والفحص بتخطيط صدى القلب بالموجات الصوتية هو أوثق الاختبارات لكشف أسباب المرض·