بعد أن كانت بطاقات الدعوة إلى الأفراح، تتزين بعبارة (ممنوع إحضار الأطفال)، هاهو الدور اليوم يأتي على قاعات الحفلات بعدما أصبحت هذه الأخيرة، تشترط على زبائنها، أن يطلبوا من ضيوفهم، عدم إحضار الأطفال معهم إلى حفل الزفاف أو الخطوبة، أو أيا كانت المناسبة التي ستقام في إحدى هذه القاعات، حيث يتحججون بالإزعاج والفوضى، التي يتسبب فيها الأطفال الصغار، بل ويصل بهم الأمر في بعض الأحيان إلى حد اختراع قصص وهمية، فمثلا هناك من قال لزبائنه، إنه ذات مرة تسبب لعب الأطفال في القاعة بسقوط العروس، ومرة وقعت شجارات حادة بين بعض النسوة بسبب أطفالهم، أدت إلى توقيف العرس وغيرها الكثير من الحجج التي لا تنتهي، وهذا كله من أجل تخويف الزبائن، وبالتالي إرغامهم على عدم إحضار الأطفال معهم، متناسين في نفس الوقت، أنهم من الممكن جدا بشروطهم هذه أن يتسببوا في وقوع شجارات وخلافات كثيرة، بين أصحاب الفرح وأقاربهم وضيوفهم· ولمعرفة المزيد حول هذا الموضوع، قمنا بالحديث مع بعض النسوة اللواتي التقينا بهن، حيث تقول السيدة سعيدة التي كانت بصدد شراء بعض المستلزمات من سوق بن عمار بالقبة، إنها ترحب بما يشترطه أصحاب القاعات، فحسبها وجود الأطفال في قاعة الحفلات، يحولها إلى ملعب لكرة القدم، كما أنهم يتسببون في الفوضى والمشاكل، زد على ذلك الشعور بالتعب الشديد، خاصة بالنسبة للقائمين على قاعة الحفلات، كالنادلات، اللواتي يجدن أنفسهم مضطرات إلى اللحاق بهم في كل مكان، وبالتالي يشعرن بأرق وتعب شديدين، لتضيف أنها ذات يوما حضرت حفل زفاف، كان الأطفال فيه أكثر من النساء، فكما هو معروف عن المرأة الجزائرية، فهي تأخذ أبناءها أينما ذهبت وأينما حلت، وعليه فقد تحولت تلك القاعة، إلى ما يشبه السرك، من كثرة الأطفال فيها، خاصة وأنها تحوّلت إلى ملعب لكرة القدم، استعملت فيه قارورات العصير ككرات، تطايرت هنا وهناك فوق رؤوس المدعوات، وفي كثير من الأحيان كنا نستمع إلى صراخ إحدى النساء بسبب إصابتها بإحدى هذه القارورات، لتكمل كلامها قائلة إنها قطعت يمينا على نفسها، بأنها ستشترط عدم إحضار الأطفال إلى عرس ابنتها الوحيدة، في الصائفة المقبلة، مهما كلفها الأمر· لتضيف سيدة أخرى، أنها ضد هذا الشرط، لأنه -حسبها- يتسبب في قطع صلة الرحم بين الأقارب، وانتشار العداوة بين الأحباب، كما تؤكد بأنه لا حلاوة ومرح في العرس بدون الأطفال، فمشاكساتهم تلك، هي التي تضفي المزيد من الحيوية عليه، غير أنها لا تنفي أن هناك بعض الأطفال، الذين يتسببون في فوضى كبيرة، إلا أنها تلقي اللوم على الأمهات اللواتي يتركن لهم الحرية في فعل ما يريدون، في حين يتفرغن إلى الرقص والأكل والشرب· وفي ذات السياق، يقول أحد أصحاب قاعات الحفلات بعين النعجة، إنه ومنذ أول يوم فتح أبواب قاعته للزبائن، واشترط (عدم إحضار الأطفال) وهذا الشرط مازال قائما إلى هذا اليوم، ففي نظره هم المتسبب الأول في الكثير من المشاكل، ناهيك عن الخسائر المعتبرة في الممتلكات، ليضيف أن من أهم الأسباب التي جعلته يفكر في هذا الأمر، هو الحادث الذي وقع بإحدى القاعات القريبة، والذي كاد أن يودي بحياة المئات، حيث تسبب أحد الأطفال بإحداث شرارة كهربائية، نتيجة تفجيره للمفرقعات ورميها على المصابيح الكهربائية، ما أحدث شرارة وبدأت تشتعل فيها النيران، ولولا التدخل السريع لبعض الرجال الذين كانوا هناك لوقعت الكارثة·