تحيي الطفولة عيدها العالمي في هذه المرة بين طابوهات الانتحار التي كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة والاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها الطفل والاستغلال الوحشي في ورشات العمل، إلى جانب التسرب الدراسي والخروج المبكر من المدارس واستعمال البراءة في التسول، وحياة التشرد التي يعيشها المئات من الأطفال، والعنف المدرسي والأسري، واقتحام الأطفال عالم الجريمة بشتى أنواعها ··· كل تلك الظواهر السلبية أثرت على وضعية الأطفال في الجزائر وأصبحت تلاحقهم على الرغم من حمل بعض الجمعيات لشعارات حماية الطفل وضمان حقوقه إلا أن الوضعية المزرية التي يحياها الكثير من الأطفال في الجزائر والتي تزيد مآسيها من يوم لآخر لا تجسِّد البتة النداءات التي تطلقها وترددها دوما بعض المنظمات التي تنادي بحماية ورعاية الطفولة· 13700 اعتداء جنسي يعتبر الانتحار وكذا التحرش الجنسي على الأطفال الصغار من بين الطابوهات أو الآفات التي صار يتخبط فيها أطفالنا، بحيث كثرت حوادث الاعتداءات الجنسية التي قد تصدر من أقرب المقربين في العائلة أو من المحيط على مستوى الشارع والمدرسة وحتى المسجد كدور للعبادة، إلا أنه كان شاهدا على الكثير من الوقائع التي كان أبطالها بعض معلمي القرآن بالمساجد على أطفال لا يتعدى سنهم الأربع سنوات· وكشفت آخر الإحصائيات عن 13700 اعتداء جنسي منذ جوان 2010 لغاية شهر ديسمبر 2011 وب15 ولاية فقط، وقد اقتربنا من بعض العينات التي سردت علينا وقائع لا يصدقها العقل، منهم إحدى السيدات التي قالت إن ابنها ذا الخمس سنوات تعرض إلى تحرش جنسي من طرف أبيه مرات عدة على الرغم من توسلاتها وتهديدها بالتبليغ عنه إلا أنها لم تفعل درءا للفضيحة التي قد تتعرض لها العائلة· وأصبح التحرش الجنسي يطال الأطفال حتى من بعض معلمي القرآن بالمساجد حسب ما كشفه الواقع في العديد من المرات على غرار الحادثة التي وقعت بمدرسة قرآنية بالبليدة وكان المعلم يستدرج طفلا يبلغ من العمر 11 سنة إلى الطابق العلوي من المسجد لممارسة الفعل المخل بالحياء عليه بالقوة، وبعد كشف خيوط القضية قام الوالد بالتبليغ على الجاني لاسيما بعد الشهادة الطبية التي أصدرها الطبيب الشرعي والتي تؤكد الاعتداء· عينة أخرى جرت وقائعها بولاية أدرار بحيث تعرضت طفلة لعملية اغتصاب من مدرس القرآن الذي تدرس لديه ويدعى (ع· ا) وذلك بعدما تحرش بها عدة مرات داخل المدرسة القرآنية إلى أن نال من شرفها وبالتالي لم تجد أمامها من وسيلة سواء الإقدام على محاولة الانتحار بشرب ماء جافيل، وقد تم نقلها على جناح السرعة إلى إحدى العيادات الطبية القريبة، حيث تم إنقاذ حياتها لتقوم الفتاة بعد خروجها من المستشفى مباشرة بإيداع بلاغ لدى مصالح الدرك الوطني بزاوية كنتة ضد الجاني، بعد استخراج شهادة طبية تثبت الفعل المخل بالحياء ضد الضحية لتحال القضية إلى القضاء· مما يؤكد أن جدار الصمت قد انكسر على تلك الآفة التي باتت تهدد الطفولة في الجزائر بدليل الشكاوى التي تصل إلى الهيئات المكلفة بحماية ورعاية حقوق الطفولة وقد سجلت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل (ندى) من جوان 2010 حتى ديسمبر 2011، 13ألف شكوى تتعلق بشتى الممارسات العنيفة ضد الأطفال على رأسها التحرشات الجنسية، وتم التكفل ب700 حالة من مجمل الشكاوى المسجلة من طرف خلايا الاستماع للخط الأخضر، من ضمنها 103 حالات اعتداء جنسي حسب ذات الشبكة، وأفاد أنه سيتم وضع الخط الأخضر تحت التصرف عبر جميع ولايات الوطن، بحلول سنة 2015، في إطار مساعي الهيئات الوصية لحماية الأطفال من الاعتداءات، وفي مقدمتها تلك التي لها طابع جنسي، بحيث توصل فريق العمل الذي شكلته الشبكة إلى أنّ الاعتداءات الجنسية التي طالت حتى الأطفال دون الخمس سنوات، أضحت هاجسا يقلق المواطنين الجزائريين· وقد كان للرقم الأخضر صدى وتجاوبا كبيرين لدى العائلات المتضررة من تلك الأفعال، خاصة وأنه يساعد على كشف حوادث الاعتداء التي يكون الأطفال معرضين لها، إذ يكفي الاتصال على (33 30) للتبليغ عن أيّ حالة· كما أن الرقم كان معمولا به في سنة 2008 في ولاية الجزائر العاصمة فقط، وبعد نجاح التجربة، تمّ تعميمه على مستوى 15 ولاية، وهي عين تموشنت، بشار، تيزي وزو، بجاية، عنابة، تيبازة، المدية، البويرة، بومرداس، أدرار، وهران، الواد، برج بوعريريج، تيارت· وكان هذا، تضيف، بالتنسيق مع كل من وزارة البريد والاتصال، ووزارة التضامن والأسرة· كما أنه يتم العمل على تعميم التجربة على 48 ولاية، في آفاق 2015 لتعميم الفائدة ولكي تكون العائلات على دراية به، لأن لا أحد في منأى من الظاهرة، ومن ذلك الحملات على الإذاعات الجهوية والخرجات التحسيسية، خاصة في المناطق النائية· الانتحار يهدد أطفال الجزائر كثرت حالات لانتحار التي تمس فئات الأطفال في الجزائر وبدأت تأخذ منحى تصاعديا، وكان أغلب الأطفال المنتحرين من المتمدرسين مما يؤكد ظاهرة العنف المدرسي إلى جانب العنف الأسري وتشديد اللهجة مع الطفل في حال حصوله على نتائج متردية من طرف الأولياء وتكون الفترة التي تلي النتائج الدراسية من أكثر الفترات التي تشهد تلك الحالات التي باتت كابوسا يهدد العائلات التي أضحت تتخوف وتجهل كيفية محاسبة الطفل على النتائج المتردية، ومن العائلات من غضت الطرف عن تلك النقطة وتخوفت من نتائجها الوخيمة على الأسرة والمجتمع وعلى الرغم من كثرة حالات الانتحار التي راح ضحاياها أطفالا صغار بين العاشرة والثانية عشر إلا أننا نجد أن الآفة تم مواجهتُها بالسكوت من دون الغوص في مسبباتها والبحث عن سبل الوقاية والحد منها خاصة وأنها مست مؤخرا البراءة التي عادة ما تُنهي حياتها شنقا ما عكسته بعض العينات التي حدثت في بعض الولايات على غرار ولاية تيزي وزو وذلك هروبا من الواقع المرير المحيط بالأسرة والعنف الممارس من طرف الأولياء أو حتى على مستوى المدرسة والشارع الذي عادة ما يكون الملاذ المفضل لهروب الأطفال وتكون الذئاب البشرية في استقبالهم هناك لاستغلالهم استغلالا بشعا·