لا تزال معاناة السكان القاطنين بالبيوت القصديرية متواصلة جراء التهميش واللامبالاة المفروضة عليهم من قبل السلطات المعنية بالجزائر العاصمة وما جاورها، تلك العائلات التي اتخذت من الصفيح سقفاً لها ومن الإسمنت الهش جدارا وأرضية لها في معاناة لا نظير لها فاقت كل التوقعات جراء تدهور الوضع بهذا التجمع السكني الذي يقطنون به منذ سنوات طويلة فسكنهم يعني الخلاء لاقتراب أغلب بيوتهم من العراء كونها لا تقيهم لا برودة الطقس ولا حر الصيف ولا لدغة الحشرات. وتبعا لرغبة هؤلاء السكان القاطنين بحي (ديصولي) الذي يتوسط بلدية بوروبة والحراش ونظرا للظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها قمنا باستطلاع الوضع بهذا الحي بشأن 150 عائلة تعيش في العراء ببوروبة بالجزائر العاصمة، ومن منا يزور هذا الحي ولا ترسم علامة الاستفهام على وجهه أمام مفارقات الحياة وأمام اختلال التوازن بين كفتي الميزان نظرا لغياب العدل بهذا الحي، غير بعيد عن الفيلات الفاخرة المشيدة بحي الجبل (لامونتان) اتخذت بالموازاة معها 50 عائلة من الصفيح مأوى لها، في حين تزينت واجهة تلك الفيلات ب 100 عائلة أخرى حول المنطقة مشكلين بذلك ديكورا يعكس أبشع صورة رسمت بضواحي العاصمة لأناس وجدوا أنفسهم تحت رحمة القصدير من دون ماء ولا كهرباء، ونحن نقترب من مداخل البيوت القصديرية التي تفتقد لأدنى الشروط الضرورية للحياة الكريمة من ماء وكهرباء وغاز ما جعلهم يلجأون إلى طرق ملتوية وغير شرعية في التزود بالكهرباء ما يهدد سلامتهم خوفا من اندلاع شرارات كهربائية قاتلة في أية لحظة، أما عن قنوات الصرف الصحي فهي غير موجودة بالحي إذ تم تعويضها بأنابيب لطرح فضلاتهم التي تصب بمصنع الورق المحاذي لهم. وما زاد من استياء المواطنين هو عدم تدخل السلطات المحلية رغم المناشدات الكثيرة التي سبق وأن رفعوها، وللعلم فإن هذه البيوت التي تشمل 150 عائلة كل واحدة منها تتخذ من غرفة ومطبخ مأوى لها، وعند البعض الآخر غرفة واحدة لا أكثر، وحسب محدثينا إنهم يعيشون في خوفا دائم بسبب خطر الانهيار من جهة ومن جهة أخرى سوء الوضع خاصة ونحن على أبواب فصل الصيف أين تنتشر الروائح الكريهة التي ينجر عنها جذب كل أنواع الحشرات الضارة كالبعوض في الوقت الذي وجدت فيه الجرذان ممرات خاصة بها وسط ركام تلك الجدران البالية واتخذت من الصفيح أعشاشا لها للتكاثر خلال هذه الفترة، وأضاف ممثل السكان أن معظم أطفال الحي أصيبوا بأمراض تنفسية جراء ارتفاع الرطوبة داخل البيوت. بالإضافة إلى نقل مستودع تخزين التبغ الذي كان متواجدا بباب الوادي إلى حيهم ما جعلهم يعيشون الجحيم جراء انتشار الرائحة، الأمر الذي أرق العائلات وحوّل حياتهم إلى جحيم ، مؤكدين في ذات السياق أن طبيعة المكان باتت تشكل خطرا حقيقيا على صحتهم ونفسيتهم، وبلهجة استنكار تأسف جل الذين التقيناهم هناك من سياسة التهميش التي تنتهجها السلطات المحلية ضدهم والتي جعلت ملفاتهم وانشغالاتهم حبيسة الأدراج والاكتفاء بتقديم سوى تلك الوعود الزائفة التي لا أساس لها من الصحة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع. وفي السياق ذاته صرح لنا آخرون عن مشاكل أخرى قائلين: (ليت همومنا توقفت عند هذه النقطة، إذ أننا نعاني من صعوبة في استخراج الوثائق الإدارية خاصة منها المتعلقة بشهادة الإقامة)، كل هذه الظروف التي اجتمعت حتمت على السلطات ضرورة التدخل العاجل من أجل امتصاص غضب هؤلاء في انتظار ترحيلهم إلى بيوت لائقة في أقرب الآجال.