بأيّ حال عدت يا رمضان؟ المسلمون سيفطرون خلال هذا الشهر الفضيل على شوربة بالدم! معذرة على هذه العبارة الصادمة، لكنها تبدو أقلّ العبارات قسوة إن أردنا التعبير عن حال أمّة الإسلام في رمضان 2012. فبينما تمتلئ مزابل بعض المسلمين إن صحّ انتسابهم إلى الدين الحنيف ببقايا الشوربة وغيرها من المأكولات، تملأ دماء كثير من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بيوتهم وشوارعهم وساحاتهم، ولا بواكي لهم. أشقاؤنا في سوريا يُذبحون صبحا وعشية والمسلمون لم يتّفقوا حتى الآن حول هوية من يذبحهم، ولذلك فهم متردّدون في التضامن مع السوريين، وربما سيتضامنون معهم بالشكل المطلوب حين يعرفون إن كان الذابح هو نظام بشار الأسد المدعوم من روسيا أو جماعة الجيش الحرّ المدعوم من جهات غربية. وليعذرنا أشقاؤنا السوريون فنحن منشغلون بمتابعة مسلسلات رمضان الذي تجمعنا مسلسلاته ولا تجمعنا قيمه الرّوحية الراقية، وليغفر لنا المذبوحون في سوريا فالأمير عبد القادر أصبح أثرا بعد عين وعظامه أصبحت رميما، ومسلمو اليوم لا يمكنهم أن يصلحوا بين أخويهم ولا يملكون حتى الدموع التي يبكون بها على إخوانهم المذبوحون، فدماؤهم محجوزة سلفا لحسناوات المسلسلات التركية اللائي ينتهي بهن المطاف منتحرات أو مغتصبات. أمّا المذبوحون و(المسلوخون) والمغتصبون المنسيون في دولة بورما أو ميانمار فلا أمل لهم ولا حظّ في دموعنا المسكوبة سلفا لأسباب أخرى، وإذا كنّا لم نتّفق حتى الآن حول هوية القاتل والمقتول في سوريا الغالية رحم اللهّ ضحايا ما يحصل بها فإن اتّفاقنا على هوية السفّاحين والضحايا في بورما لم يحرّك فينا النّخوة، فاكتفينا بالتأسّف حينا وبالتفرّج أحيانا على ما يحصل هناك، ونسينا أو تناسينا أنه من لم يهتمّ بأمر المسلمين فهو ليس منهم، مثلما تخبرنا بها بعض نصوص شريعة الإسلام. معذرة يا أبناء سوريا ويا مذبوحي بورما، فأنتم لستم من نوعية المسلمين الذين يستحقّون الاهتمام هذه الأيّام، وحدهن مسلمات تركيا الحسناوات يحظين باهتمام مسلمي آخر الزمان الذين لا يبالون إن شربوا دماءكم على مائدة إفطارهم فالمهمّ عندهم أن تكون مائدتهم ملأى لتمتلئ بعدئذ معداتهم، وليثبتوا مرّة أخرى أن عزائمهم قد ماتت وأن كلّ شيء قد مات فيهم إلاّ شهواتهم.