تشهد شواطئ بلدية برج الكيفان شرق العاصمة في هذه الأيام من الشهر الفضيل تدفقا كبيرا للعائلات وازدحاما على جميع شواطئ البلدية للاستجمام والترفيه عن يوم شاق ومتعِب من الصيام. لم يسمح هذا الشهر المعظم من طمس ملامح الصيف فرغم مشقة الصيام في أيام الحر وصلاة التراويح التي تدوم إلى وقت متأخر من الليل لم يتوان سكان بلدية برج الكيفان عن الذهاب إلى الشواطئ ليلا عقب صلاة التراويح وهذا ما زاد من السهرات رونقا، حيث أن الجزائريين لم يفطموا بعد عن الشواطئ رغم حلول رمضان وذلك بتهافت العائلات بعد صلاة التراويح إليها للترفيه عن مشقة الصيام. ليس هذا فحسب بل أصبحت العائلات تضرب موعدا لبعضها البعض للتلاقي على الشواطئ عوض البيوت، حيث أضافت هذه العادة الجديدة روحا طيبة بين عائلات البلدية والأحياء المجاورة لبعضها، هذا ما رصدته (أخبار اليوم) عند تقربها من بعض العائلات، حيث قالت عائلة (عمي عيسى) التي صادفناها على الشاطئ (إن هذه العادة أضحت منتشرة منذ بدء شهر رمضان وتناسب جميع العائلات على حد السواء، فنسمة البحر في الليل تساعد النفس على الارتياح وهذا ما نسعد له بعد مشقة يوم من الصيام الحار والطويل والمتعب ولهذا جئت مع الأولاد للترفيه)، وقالت (ليلى)، وهي ربة منزل جاءت رفقة بناتها الثلاث اللواتي ضربن موعدا لصديقاتهن للالتقاء مع العائلة عل الشاطئ: (جئت مع بناتي لقضاء سهرة حميمية برفقة الأصدقاء وأحضرنا الفاكهة وقلب اللوز والزلابية والمشروبات الباردة لإنعاش السهرة). كما صرح (عبد القادر) بأنه فور عودته من صلاة التراويح: (يجتمع حولي أولادي لآخذهم خارج المنزل وتحديدا إلى الشاطئ للترفيه والاستجمام واللعب قليلا رفقة أبناء الجيران الذين سبقوهم رفقة أهلهم، ولم أستطع رفض طلبهم لهذا جئت بهم لنعانق نجوم السماء ونسمة البحر ونرفه عن أنفسنا ونتمتع بنسمات الليل العليل رفقة الأهل والأحباب). ومن جهة أخرى يتميز الشاطئ بحركة غير عادية وهذا لكثرة الباعة المتجولين من صغار السن والذين لا تتجاوز أعمارهم الخمسة عشر سنة والذين يحملون في قففهم الصغيرة ما لذ وطاب من المأكولات وكأن الشاطئ بات محلا على الهواء الطلق، تقربنا من الأطفال الباعة لمعرفة سر عملهم ليلا في هذا المكان بالذات، وعن شعورهم لعدم تمتعهم بهاته السهرات كباقي الأطفال رد (شمس الدين) صاحب 13 عشر سنة قائلا: (غلاء المعيشة دفعني أنا وأمي للعمل في مناسبات كهذه فأمي تقوم بطهي (المحاجب) وأنا آتي بها إلى البحر لبيعها لأن الحركة هنا رائعة فمنها أعمل ومنها أتمتع من حين لآخر بالسباحة وبهذا أكون قد جمعت قوت يومي واستمتعت في نفس الوقت). أما (كريم) بائع خبز الدار أو كما قال (الكسرة) قال لنا: (يتحتم عليا البيع لأنه مكان يعج بالعائلات وهذا ما نبحث عنه، لكن صراحة يحز في نفسي كثيرا أن أعمل في وقت كهذا بينما من هم في سني يتمتعون والعائلة بسهرات فريدة من نوعها مثل هذه) وأشار لنا بيده وهو متأثر إلى إحدى العائلات التي كان أبناؤها يسبحون ويلعبون (لأن والدهم على قيد الحياة لكن أنا لابد لي من كسب قوة يومي لمساعدة أمي في إعالة إخوتي الخمسة). وللمثلجات نصيب كبير في السهرات خاصة أن بلدية برج الكيفان تشتهر بها في فصل الصيف، وبما أن شهر رمضان تزامن والشهر الفضيل فلصاحبها الحظ الأوفر كون تهافت الساهرين لشراء المثلجات يزيد من حركة الشاطئ وهذا ما أكده (خليل) صاحب محل مثلجات مقابل الشاطئ (منذ بداية هذا الشهر المعظم لم أفطر في المنزل رفقة العائلة لأن الوقت لا يسمح بذلك لأنه لابد لي من فتح المحل مباشرة عقب الإفطار لأن العائلات تتوافد على الشواطئ مباشرة بعد الإفطار وهذا شيء رائع نحبذه جميعا)، كما لفت انتباهنا (خليل) لإحدى العائلات التي تسكن بمحاذاة الشاطئ وكما قال: (شيء رائع ورومانسي). اتجهنا صوب تلك العائلة لمعرفة سرها فأجابتنا خالتي (ذهبية) ربة العائلة قائلة: (حرارة الجو تمنعنا من الإفطار بالمنزل وكذلك إذا ذهبت هذه الأيام دون استغلالها والتمتع بها فلا نضمن أننا سنعيشها مرة أخرى).