الكثير من الجزائريين يعشقون بجنون البحر ونسماته والموج وتخبطاته والرمل وحباته والتي ما من مصطاف إلا وقد ابتلع القليل منها.. في فصل الصيف ومع حلول شهر رمضان المبارك شهر الصيام في واحد من أكثر فصول السنة حرا أصبحت الكثير من العائلات لا تقاوم نداءات البحر من أجل الاسترخاء بتبليل الأرجل في النهار والغطس بكامل الجسم في المساء بعد الإفطار. تعرف الشواطئ باختلافها حركة نشيطة في موسم الصيف وبخاصة في المساء حين يكون للبحر طعم آخر... فيتغير لونه من زرقة الصباح إلى سواد الليل القاتم، ويختلط سكون لياليه بأصوات الموج وصراخ الأطفال وضجيج الناس على غير العادة. ولأن السهرات في شهر رمضان تختلف عن باقي السهرات في الأيام العادية توجهت ''المساء'' إلى إحدى شواطئ العاصمة من أجل مشاركة العائلات التي تختار نقل جو سهرة رمضان من البيت إلى البحر. الوجهة كانت برج الكيفان حيث يجاور البحر منازل العائلات العادية. المفرح في ما لاحظناه خلال هذه الجولة أن الشواطئ كانت شبه خالية إلى غاية الساعة الحادية عشرة... وهذا ما هو إلا دليل على حرص الجزائريين على أداء صلاة التراويح، غير متناسين أن رمضان ليس فرصة للسمر والسهر والتسلية فقط، وإنما أكثر من ذلك هو شهر عبادة بدون منازع. ونحن نتجول في أرجاء المكان وحول الشواطئ لفت انتباهنا التغير الذي حصل على المدينة، وبالأخص الجهة المطلة على البحر، حيث يمكنك أن تسير باستمتاع.. لاسيما مع تواجد رجال الأمن الذين تطمئن دورياتهم المستمرة العائلات المتجهة للشواطئ وتجعلها تحس بالأمن. مباشرة بعد صلاة التراويح بدأ الزوار يتوافدون وبأعداد غفيرة جدا إلى الشواطئ، منهم من يلقي بنفسه دون انتظار إلى البحر للسباحة وخاصة الأطفال، ومنهم من يكتفي بتأمل البحر والسير على الرمل المبلل النظيف على أنغام نعيمة الدزيرية التي يصدح صوتها الأصيل من أحد المحلات التي تمتع الزوار بأغان من التراث الجزائري التي يمكنك سماعها على بعد مئات الأمتار. الكل يريدون الشاي وقلب اللوز أحمد أحد الباعة الذين اختاروا ممارسة تجارتهم المربحة بعد الإفطار، فطاولته المملوءة بمختلف أنواع الفول السوداني والمكسرات تكاد لا تخلو من الزبائن، فالكل يغتنمون فرصة الجلوس على ضفة البحر من أجل أن يرتشف فنجان شاي برفقة العائلة، كما أن قلب اللوز حاضر بقوة وبنوعيه العادي والمحشي فضلا عن القطايف والزلابية، وكما أخبرنا أحمد فإنه مستعد لإيصال الطلبات إلى الزبائن أينما حلوا بالشاطئ وليس عليهم سوى الإشارة له. أما الشباب الذين يفضلون التمتع بالبحر برفقة أصدقائهم فبإمكانهم الجلوس على الطاولات المرصوفة بالشاطئ والسمر على وقع لعبة الدومينو أوالتوجه نحو ملعب الكرة الطائرة المشيد داخل الشاطئ. مثلجات خاصة بشهر رمضان برج الكيفان أو (فوردلو) مشهورة عند العامة بالمثلجات التي تباع في البحر، ولقد استحقت هذه السمعة عن جدارة لأن المثلجات التي تحضر هناك لذيذة جدا على حد تعبير أحد الذين التقتهم ''المساء'' وهو مواطن قدم من مفتاح أخبرنا انه يقصد المنطقة منذ فترة من أجل التمتع بالسباحة في الليل وتناول المثلجات، وبالأخص المثلجات الخاصة برمضان بسعر 250 دج والتي تعد من تشكيلة من الفواكه الممزوجة بالبوظة والكريمة اللذيذة المرشوشة بقطع اللوز والمنقوعة داخل عصير الفراولة اللذيذ. تجدر الإشارة إلى أن ما يميز الخدمات التي تقدم في شواطئ برج الكيفان أنها في متناول الجميع وبالأخص المحلات المتخصصة في بيع التحف والصناعات اليدوية الجميلة، كل هذا يؤهل المدينة لتكون أفضل وجهة للعاصميين بعد الإفطار.