دأبت الدولة في السنوات الأخيرة على إعطاء العناية المركزة على المرافق السياحية وبالأخص تلك التي تزخر بالمواقع الأثرية والتاريخية، نظرا للدور البارز الذي يمكن أن تلعبه في إثراء الثقافة السياحية من جهة وتطوير هذا القطاع على غرار القطاعات الإستراتيجية الأخرى، فقد أخذت السلطات المحلية أهمية حديقة يما قوريا منذ أن تم تصنيفها كمحمية طبيعية، وهي في حاجة إلى ترقية بأبعاد سياحية وبيئية، وعليه فإن السلطات المعنية أنشأت إدارة خاصة تتولى تسيير هذه المحمية وصيانتها بكل ما تحمله هذه الكلمة من مدلول سياحي واقتصادي وبيئي. الحديقة الوطنية قورايا هي محمية طبيعية مطلة على البحر الأبيض المتوسط، وهي مليئة بالشواطئ الخلابة والجبال الخضراء الواسعة وكثيفة النبات والوديان المنبعثة من جبال الأطلس التلي وتستقبل الحديقة ما مقداره 1.2 مليون نسمة سنويا خصوصا خلال الصيف بسبب تواجدها على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، وقد صنفتها اليونسكو محمية طبيعية عالمية سنة 2004 . جبل قورايا الذي استمدت منه الحديقة اسمها يبلغ 660 متر وهو يأخذ معظم مساحتها، وتتنوع بالحياة النباتية والحيوانية بما في ذلك تواجد قرود المكاك البربري الذي يعتبر حيوانا محليا في هذه الحديقة وابن آوى الذهبي الذي يتواجد في أرجاء الحديقة. تقديم الحديقة تقع الحديقة في ولاية بجاية والتي يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال الغربي ولاية تيزي وزو، ومن الشرق ولاية جيجل ومن الجنوب الشرقي ولاية سطيف، ومن الغرب ولاية البويرة، و من الجنوب الغربي ولاية برج بوعرريج. وتبلغ مساحة الحديقة 2080 هكتار تأخذ المنحدرات والجبال أكثر من 100 هكتار والتي تتميز بوجود غطاء نباتي كثيف. كما بقية المناطق المحمية في الجزائر، فإن قورايا تستجيب للنظام التقليدي للحدائق الوطنية في جميع أنحاء العالم من خلال وجود 05 مجالات هي: - البرية: وهي تحتل مساحة 78.6 هكتار، أو 3.7 % من المساحة الكلية. - البرية أو بدائية المجال: وهي تشمل منطقة واحدة وتحتل مساحة قدرها 246،2 هكتارا أو 11،84 %. - مجال النمو المنخفض: حجم هذه الفئة هو 355،4 هكتار، أي 17،09 %. وهي تتألف من جزئين من المنطقة: منطقة متدنية النمو هي أدرار نقورايا ومنطقة منخفضة النمو وهي أدرار أوفرنو. -المنطقة العازلة: وتبلغ مساحة هذه الطبقة هي من 162،7 هكتار، أو 7،82 %. وهي تتألف من منطقتين: منطقة لحماية الحياة البرية ومنطقة حماية مختلطة في البرية. - الطرفية: وهي الفئة التي تنقسم إلى ثلاث مناطق: منطقة الجذب ومنطقة ترفيهية للاسترخاء والترفيه وسياحة المنطقة. المساحة الإجمالية لهذه الفئة هي 1237،1 هكتار، أو 59،47 وهي الغالبية في الحديقة لازدياد عدد الزائرين للمنطقة. - المواقع الأثرية والمناطق الطبيعية (رأس كاربون الواقعة على حدود البحر في بجاية، وتبلغ قمته 220 م وتوجد فيه قوس في قاعدته الذي يحد ماء البحر). (رأس بواك يقع بالقرب من خليج الأقاداس). (قلعة يما قورايا تقع على ارتفاع 672 متر في أعلى الجبل الذي ينام على ضفاف المتوسط. يما قورايا الحصن الأسطوري اختلفت بشأنه التفاسير والروايات التاريخية بين من يقول إن مدينة بجاية لها 99 وليّا صالحا آخرهم امرأة تدعى قورايا حكمت المنطقة ومن يقول إن قورايا امرأة جاءت مع الاستعمار الإسباني ودخلت الإسلام ودافعت عن المدينة لتستقر بها وتصبح قديسة... ولكن لا شيء من هذه الروايات مؤكدة حتى الآن ويبقى حصن قورايا أجمل موقع سياحي يحج إليه البجاويون. وداخل الحصن يوجد الضريح. (مقبض الأقاداس:وهو موقع مشهور تاريخيا بسبب نزول الإسبان سنة 1507م فيه ويمثل هذا الموقع مكان تجمع الشبان من أجل السباحة في الخليج الذي يتميز بالحصى الملساء. (قمة القردة: في جبل قورايا على ارتفاع 430 م يوجد قمة القرود التي هي شرفة مصنوعة من السيراميك والتي بنيت من طرف الفرنسيين والتي يمكن الاستمتاع بمنظر خلاب على البحر ورأس كاربون في الشمال ورؤية مدينة بجاية وسلسلة البابور والخليج من الشرق. وسميت بهذا الاسم بسبب وجود قرود المكاك البربري في الأرجاء). (جزيرة بيزان: تقع على الساحل الغربي، وكانت هذه الجزيرة مكانا للاجتماع بين التجار من أوروبا (خصوصا من بيزا) مع القبائل القديمة ولتبادل السلع. (ونظرا لأهميتها في المجال السياحي، فإن السلطات المحلية وبالتحديد الجهة المعنية بالسياحة تولي أهمية قصوى لهذا المرفق الطبيعي، الذي يمكن أن يلعب دورا هاما في جلب أنظار السيا كما يمكن تطوير السياحة من خلال الاهتمام بالمواقع الأثرية، إلى جانب المواقع الأخرى التي تزخر بها الولاية والتي تجسد مراحل تاريخية وحضارية صنعها الشعب الجزائري منذ القدم. وللحفاط على هذه المحمية الطبيعية بادرت عدة جمعيات محلية تنشط في مختلف المجالات وخاصة في إطار الحركة الجمعوية الناشطة على الساحة في تنظيف المناطق التابعة للحديقة، والسعي لتزيينها، وأيضا تم القيام بمبادرات طيبة في المجال التوعوي والتحسيسي ويتعلق الأمر بحماية البيئة والمحيط. وهو الأمر الذي قد يكرس الثقافة البيئية في سلوكيات البجاويين مستقبلا.