تتوفر الجزائر على ثروات طبيعية هامة تساهم بشكل كبير وواضح في التوازن البيئي العالمي، منها المناطق الرطبة و الحضائر الوطنية التي تندرج ضمن قائمة المناطق المحمية عالميا ، وتعد الحضائر الوطنية إحدى هذه المحميات ويبلغ عددها 11 حضيرة تتربع على مساحة إجمالية تفوق 100 ألف هكتار، وهي تشكل أحد المقاصد السياحية الطبيعية الوطنية و العالمية لما تتوفر عليه من ثروة نباتية وحيوانية نادرة، كما تشكل فضاءات هامة يؤمها الكثيرون من الباحثين في مختلف المجالات العلمية المتخصصة. وتعد الحضائر الوطنية أحد أهم مصادر التنوع البيولوجي في الجزائر، كما أنها أماكن جذب سياحي هام، وحسب المعطيات الصادرة عن المديرية العامة للغابات، فإن عدد هذه الحظائر يصل إلى 11 حضيرة متوزعة عبر التراب الوطني، ثمان منها تقع في شمال الوطن، وتتمثل في كل من حضيرة جرجرة والشريعة والقالة وقورايا وتازة وبلزمة وثنية الحد وحضيرة تلمسان، ويتربع مجموع هذه الحضائر على مساحة إجمالية تفوق 165 ألف هكتار، تديرها إدارة الغابات، وتقع الحضيرة التاسعة وهي حضيرة جبل عيسى بمنطقة الهضاب وبالتحديد في ولاية النعامة، تتربع على مساحة تقدر ب 24500 هكتار، كما يضم الجنوب الكبير حضيرتي الهقار والتاسيلي، وتعد هذه الأخيرة أقدم وأول حضيرة وطنية، تم تصنيفها ضمن التراث العالمي للبشرية، وهي ذات طابع ثقافي وميزة فريدة من نوعها عالميا. وحسب ذات المصدر، فإنه تم اللجوء إلى تحديد الحظائر الوطنية كمناطق ومواقع جغرافية تحمل خصائص مناخية ونباتية وحيوانية خاصة ونادرة، بهدف حماية النماذج والأنواع والفصائل الغابية ومختلف النباتات التي تتوفر عليها الجزائر، وما تحمله من مناظر خلابة، وهو ما أعطاها بعدا سياحيا فريدا من نوعه، كما تم اللجوء إلى تصنيفها وفق الخصوصية التي تحملها، وتم في هذا الإطار إدراج كل من حضيرة التاسيلي والقالة وجرجرة والشريعة وتازة وقورايا، ضمن قائمة مناطق محيط الكائنات الحية. من جانب آخر، تم توزيع الحضائر الطبيعية وفق التنوع الجغرافي، وتم في هذا الإطار، تحديد مجموعة تقع في سلسلة الساحل بغرب الوطن وتتميز بمناطق مسقية بشكل جيد وغطاء غابي كثيف وتشمل هذه المنطقة حضائر القالة وتازة وقورايا، وتقع المجموعة الثانية في مناطق الهضاب وتتميز بالجفاف، وهي ذات طبيعة جبلية وتشمل حضيرة جرجرة والشريعة وبلزمة وثنية الحد وتلمسان وجبل عيسى بولاية النعامة، وتقع المجموعة الثالثة بالمنطقة الصحراوية وتشمل حضيرة الهقار والتاسيلي. المحميات... كنوز تعود إلى آلاف السنين تقع حضيرة ثنية الحد بولاية تيسمسيلت غرب الوطن، وهي تتربع على مساحة 3425 هكتار تم تأسيسها سنة 1983، تكسوها أشجار الأرز بنسبة 87 بالمائة، وهي تمثل الحد الجنوبي للمناخ المتوسطي، وتمنح طبيعتها الإجابات عن العديد من الألغاز المرتبطة بعلم النبات، منها التمازج المسجل بين شجرة الأرز وشجرة الفستق بالأطلس، كما أنها المنطقة الوحيدة في حوض المتوسط التي تنمو فيها أشجار الفلين على ارتفاع 1600 متر، كما تتوفر على حفريات تعود إلى 8 آلاف سنة خلت. وتتربع حضيرة جرجرة الواقعة بشرق الوطن على مساحة 18550 هكتار، وتعد أغنى المناطق بالطيور وتحوي أقدم أشجار الأرز الأطلسي وتتوفر على 1100 نوع نباتي و155نوع حيواني.وتعد حضيرة القالة بالطارف اكبر الحظائر الوطنية مساحة بشمال الجزائر، تتربع على مساحة تقارب 77 ألف هكتارا، وهي تشكل فسيفساء ايكولوجية بحرية وغابية تلية، كما أنها تشكل آخر ملجأ لعدد من الحيوانات المحمية، وتتوفر على 5 مناطق رطبة مصنفة ضمن قائمة رمسار الخاصة باتفاقية المناطق الرطبة، ويوجد بها 964 نوع نباتيا و617 نوع حيواني وحوالي 60 ألف رأس من البط، وهي مصنفة ضمن المناطق الرطبة التي تهاجر إليها الطيور.وتتربع حضيرة بلزمة بباتنة على مساحة 60 ألف هكتار، تتوفر على 447 نوع نباتي و309 نوع حيواني، منها 59 نوعا محميا، وتعد المكان الوحيد الذي تنمو فيه أشجار الأرز على الصخور، البعض منها يعود إلى 300 سنة، كما أنها تتوفر على 4 أشجار أرز من منطقة الهيمالايا، وتغطي أشجار الأرز فيها نسبة 12 في المائة من مساحتها الإجمالية، وهي منطقة تحوي عددا من الآثار.وتطل حضيرة تازة الواقعة بولاية جيجل من خلال واجهتها البحرية على المتوسط، على امتداد 9 كيلومترات من السواحل والشواطئ والكورنيش، وهي تعد المنطقة الوحيدة المحمية والمصنفة التي تأوي سلسلة من الأشجار النقية والمختلطة، و عددا من الحيوانات المحمية. وتبعد حضيرة الشريعة الواقعة بولاية البليدة عن العاصمة ب 50 كيلومترا فقط، وهي تتربع على مساحة تقارب ال 27 ألف هكتار، تتميز بثروة غابية هامة تعود إلى آلاف السنين، كما يجد قرد المانغو المحمي في أغصانها ملاذا للعيش.وفي ولاية بجاية توجد حضيرة قورايا، التي تتربع على مساحة تفوق الألفي هكتار، وتجمع خزانا من التنوع البيولوجي تتخللها مناظر طبيعية فريدة من نوعها، كما تتوزع بها مواقع أثرية و تاريخية هامة، وبها حصن يصل ارتفاعه إلى 672 متر، تحوي 75 نوعا نباتيا و220 نوع حيواني، و يبلغ علو أعلى قمة بها 1627 م وتسمى قمة سيدي عبد القادر. ويرجع تاريخ إنشاء حضيرة تلمسان إلى 12 ماي 1993، وهي تتربع على مساحة تقدّر ب8225 هكتار، ويوجد بها 850 نوع نباتي و174 نوع حيواني، ومن ثروتها النباتية ما يفوق القرن، كما تحوي مناطق أثرية منها المنصورة وسيدي بومدين.وتتميز حضيرة التاسيلي بطبيعة أثرية تحمل كنوزا من الآثار القديمة التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، وهي الآن مثلها مثل حضيرة الهقار الواقعة بجنوب الوطن، شاهد تاريخي على عراقة المنطقة وقدمها الذي يرجع إلى ملايير السنين.