قال حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر إن الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي (جائزٌ شرعاً لأن الضرورات تبيح المحظورات). واستند الحزب إلى تصريحات الدكتور محمد الشحَّات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية الذي قال إن (قرض صندوق النقد الدولي جائزٌ شرعا نظرا للحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر.. الضرورات تبيح المحظورات). وتجري مصر محادثات مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 3.2 مليار دولار لتفادي أزمة في الميزانية وفي ميزان المدفوعات وإضفاء مصداقية على إصلاحات اقتصادية ضرورية لاستعادة ثقة المستثمرين إثر الانتفاضة الشعبية التي أطاحت العام الماضي بحسني مبارك. وأكد حزب الحرية والعدالة في بيان على موقعه الإلكتروني أن اللجوء إلى التسهيلات الائتمانية من صندوق النقد الدولي (حق أصيل لمصر باعتبارها عضواً في الصندوق ولها الحق في الحصول على تسهيل ائتماني يماثل 200% لهذه الحصة بحد أدنى). وشدد الحزب على أن هذه الإصلاحات هي ضرورة سواء دخلت مصر مع صندوق النقد الدولي في اتفاقية تفاهم أم لا، داعيا الحكومة إلى (مصارحة الشعب) بالحقائق كاملة حول الوضع الاقتصادي والمالي الذي ورثته عن الحكومة السابقة. ونفى الحزب اتخاذه موقفا سلبيا من صندوق النقد الدولي أو غيره من المؤسسات الدولية، مشددا على أهمية اتفاق التفاهم مع صندوق النقد على المستوى الدولي ودعمه لثقة العالم الخارجي ومؤسساته في الاقتصاد المصري. وأوضح الحزب أن هذا هو موقفه الثابت من المؤسسات الدولية منذ بداية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، حيث لم يرفض مبدأ قبول تسهيلات الصندوق (وفقا لما تقرره المصالح الاقتصادية العليا لمصر). وأعربت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي قدم إليها مرسي خلال زيارتها مؤخرا إلى القاهرة طلبا رسميا للحصول على قرض، عن رغبة الصندوق في أن يواكب مصر على طريق نهوضها الاقتصادي. لكن لاغارد لم تشأ الالتزام بقيمة القرض الذي سيمنحه الصندوق لمصر كما لم تتطرق إلى البرنامج الإجرائي المرافق الذي يتعين على الحكومة المصرية تنفيذه، مشددة على أن المحادثات بين الجانبين في هذا الشأن ما زالت في بداياتها علما بأن القاهرة أعربت عن أملها في إبرام اتفاق القرض قبل نهاية العام. من جهته، صرّح الدكتور يسري حماد المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي بأن (آفة الآفات هو الجهل، وتصدُّر غير المتخصصين، وجلوسهم مقاعد العلماء)، مؤكدًا أنه تمت مناقشة القرض المقدم من البنك الدولي في اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب المصري قبل صدور قرار الحل. وقال حماد عبر مداخلة لقناة (الحياة) الفضائية: (فائدة البنك الدولي ليست فائدة ربوية، كما تصدَّر البعض وأفتى). وأضاف: (هذه مصاريف إدارية حددها البنكُ الدولي على القرض المقدم، والمشكلة وقتها في قبول القرض أو عدم قبوله كان نتيجة وجود حكومة الدكتور الجنزوري، التي كانت تراها كل الاتجاهات السياسية بلا خلاف أنها حكومة تسيير أعمال، لم تتخذ أي خطوة إيجابية لمكافحة الفساد الإداري أو سد العجز في الموازنة عن طريق تحصيل الديون الداخلية كتلك التي في صورة ضرائب تهرَّبت شركاتٌ كبرى من سدادها أو ديون لايريد رجال الأعمال سدادها، بالإضافة لإمكانية كونها محصلة بيع أراضي الدولة وشركات القطاع العام بتراب الفلوس أو دعم للطاقة والغاز يذهب لفنادق خمس نجوم ومصانع إسمنت وحديد يصدر إنتاجها للخارج، بعد الاستفادة من الدعم المحلي التي يسدد فاتورته البسطاءُ والفقراء وتبحث بعدها الحكومة عن وسائل لسداد هذه الديون). وأردف حماد: (عملية الشك في قنوات صرف هذا القرض بعد أن أحست القوى السياسية أن حكومة الجنزوري تتَّبع سياسة تجفيف المنابع وتجريف الموارد كان لها تأثيرٌ أيضاً). في سياق متصل، طالبت الأحزاب السياسية الإسلامية والليبرالية الرئيس محمد مرسي بضرورة عقد مؤتمر مع كل الأحزاب السياسية والقوى الثورية بشكل عاجل لتوضيح أهم شروط القرض وكل تفاصيله، فيما أعلنت القوى الثورية رفضها الكامل للاقتراض من المؤسسات الدولية، مؤكدين ضرورة الاتجاه إلى الاعتماد على البدائل المحلية. وطالب الدكتور كامل مندور -القيادي بحزب الحرية والعدالة- بأنه يجب الانتظار إلى حين إعلان الحكومة عن الشروط التي سوف تصاحب التوقيع على القرض ومعرفة مدى ملاءمتها وموافقة الحكومة عليها، وأن يكون الإفصاحُ عن الشروط بطرق شفافة حتى يستطيع الشعب والقوى السياسية معرفة ما إذا كانت شروطًا موضوعية أم لا. من جهته، قال الدكتور يونس مخيون، عضو اللجنة العليا لحزب النور: إن الحزب يرفض الاقتراض بنظام الربا، لأنه مخالفٌ للشريعة الإسلامية، مؤكدًا أن (الله لا يبارك في المال الحرام، ولن ينجح اقتصادٌ قائم على الربا). وناشد مخيون رئيس الحكومة بالبحث عن طريق آخر بدلاً من الاستسهال وتحميل البلاد ديونًا متراكمة، والسماح للدول الدائنة بالتدخل في سياسة مصر، بحجة الحفاظ على أموالها، مطالبًا الحكومة بتقليل نفقاتها، واتباع سياسة التقشف، وتطبيق الحد الأقصى للأجور، وتطبيق الصكوك الإسلامية في عمليات المضاربة، وإعادة الأموال المُهرَّبة. وأكد مخيون أن الحزب لن يقبل التعامل بالنظام الربوي بجميع أنواعه، مشيرًا إلى أن الاقتراض طبقًا للشريعة الإسلامية معمولٌ به في بعض دول أوروبا الآن، وإذا كان الاقتراض ضروريًّا يجب أن تتخذ الحكومة هذا المسلك دون غيره من المسالك الربوية الأخرى.