تعدّ المقاربة الجزائرية للخروج من الأزمة في مالي الأكثر نجاعة من خلال التأكيد على أن يكون الماليون المبادرين الأوائل في البحث عن حلول لمشاكلهم. وعليه، فان تصوّر الديبلوماسية الجزائرية يجمع حوله أغلبية القوى الكبرى لوجود مخرج للأزمة في مالي التي تحتلّ شمالها مجموعات مسلّحة منذ قرابة ستّة أشهر. وكما أكّده الوزير المنتدب المكلّف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيّد عبد القادر مساهل في مداخلته في الاجتماع حول الساحل ومالي من تنظيم منظمة الأمم المتّحدة على هامش الجمعية العامّة للأمم المتّحدة، فإن الجزائر تطمح إلى أن يكون البحث عن مخرج لهذه الأزمة محاطا بأفضل الفرص للنّجاح. وحسب السيّد مساهل فإن البحث عن مخرج للأزمة في مالي ينبغي أن يتمّ في ظلّ احترام بعض الشروط التي لخّصها في ثلاث نقاط أساسية، تتمثّل الأولى -كما قال- في أن الماليين هم الحلقة المحورية في البحث عن حلول لمشاكلهم، وأن الأمر يتعلّق بالمساعدة والدّعم مع تعزيز إمكاناتهم الوطنية، أمّا الجانب الثاني فيتلخّص -حسب رأيه- في أن تتّفق الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي على أجندة واحدة ومسار أوحد لجهودهم يأخذ بعين الاعتبار إرادة الماليين وصلاحيات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وكذا مصالح الأمن الوطني لدول الميدان المجاورة لمالي (الجزائر والنيجر وموريتانيا)، وأكّد كذلك على ضرورة الأخذ بالحسبان مسؤوليات الإشراف والتنسيق المنوطة بالاتحاد الإفريقي في مجال الحفاظ على السلم والأمن والدّعم المنتظر من الأمم المتّحدة. أمّا بخصوص النقطة الثالثة التي رافع من أجلها السيّد مساهل فتتلخّص في ضرورة التوصّل إلى حلّ سياسي تفاوضي في أقرب الآجال الممكنة لتفادي أيّ انزلاق يجرّ معه الأطراف التي تنبذ بشكل صريح الإرهاب والجريمة الدولية المنظمة ويرفضون أيّ مساس بالسلامة الترابية لمالي. في هذا الاتجاه أكّد ممثّل الحركة الوطنية لتحرير الأزواد موسى أغ أتاهر في رسالة وجّهها إلى الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون أن المتمرّدين التوارق للحركة طالبوا بإشراكهم في المفاوضات لحلّ الأزمة في منطقة شمال مالي، معتبرا (أنه من غير المعقول تصوّر حلّ نهائي للنّزاع وتحقيق سلم دائم) دون إشراكهم. وإذ ذهب في نفس اتجاه وجهة نظر الجزائر حذّر الأمين العام للأمم المتّحدة السيّد بان كي مون من تدخّل عسكري في مالي الذي قال إنه (يمكن أن تكون له عواقب إنسانية خطيرة بها فيها عمليات نزوح جديدة ونقائص في المجال الإنساني). وبالنّسبة لاستراتيجية إقليمية مندمجة لمنظمة الأمم المتّحدة حول الساحل الذي طالب بإعدادها في شهر جويلية الماضي مجلس الأمن أوضح السيّد أن أن هذه الهيئة الأممية المستقبلية ستمكّن من تعزيز القدرات الإقليمية لمكافحة اللاّ أمن والوقاية والتصدّي للأزمات المتفاقمة وترقية الحكامة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. من جهة أخرى، أعلن الأمين العام للأمم المتّحدة أنه سيعيّن مبعوثا خاصّا للمنطقة، حيث قال: (أنا عازم على تعيين مبعوث خاص للساحل يتكفّل باستكمال الاستراتيجية والإشراف على تنفيذها)، واعتبر أن هذا المبعوث الخاص (عليه أن يسهر على تناسق النشاطات التي تقوم بها مختلف هيئات الأمم المتّحدة والمساعدة على تعبئة دعم الموارد الضرورية لبلوغ هذه الأهداف). ودعا السيّد بان إلى دعم دولي استعجالي لسكان وحكومات منطقة الساحل التي قال إنها في (منعرج حاسم) ب 18 مليون شخص مسّتهم أزمة غذائية خطيرة، وفي هذا السياق أشار (إلى المجموعات الإرهابية والمنظمات الإجرامية العابرة للدول والانقلابات التي تهدّد السلام والهدوء) في المنطقة.