لا شك أن رمضان هو شهر الرحمة والمودة والتآزر، والشهر الذي يقترب فيه المؤمنون أكثر من بعضهم البعض، ويحسن الغني إلى الفقير، ويساعد القوي الضعيف، وتزول الكثير من العادات السيئة، لتستبدلها أخرى حسنة. بعدما كثرت مساوئ الشبكة العنكبوتية وتحولت إلى خطر يهدد المجتمع، حتى طفت سيئاتها على السطح وغطت حسناتها، هاهو المجتمع في شهر التوبة يستعمل الانترنيت في الأمور التي تنفعه وأمته، وتصبح هذه الوسيلة أداة لفعل الخير والإحسان إلى الغير، حيث أنّ الكثير من الشبان الذين كانوا يستعملون الانترنيت لأغراض دنيئة، من مثل معاكسة الفتيات والتغرير بهن عبر الشاشة قبل اصطيادهن، وآخرون ممن كانوا يزورون المواقع الالكترونية مثل القنوات الفضائية التي تنشر الإباحية والرذيلة ها هم يكفون على الأقل في رمضان عن هذه العادة، للتحول المواقع الالكترونية الشهيرة، والتي تجمع بين البشر، تتحول إلى مواقع تجسِّد تلاحم الشعب الواحد وتعاونه على البر والتقوى. موقع الفايس بوك الشهير الذي يلقى اكبر نسبة إقبال من طرف "الأنترنوت"، تحوّل إلى موقع للأعمال الخيرية، او على الأقل، فان الكثير من المواطنين الخيرين استعانوا به على فعل الخير، من ابسط تصرف وهو نشر بعض الإعلانات الخيرية الخاصة بالتبرعات لصالح الفقراء، والنداءات التي يضعها بعض الأشخاص لأناس محتاجين، وحتى بالنسبة للنداءات العاجلة مثل تلك التي تتخصص بالتبرع بالدم، حيث ما إن تفتح صفحات الفايس بوك، حتى تجد بعض النداءات المستعجلة، والتي تطالب الأشخاص الساكنين بالقرب من مستشفى معين بالاتجاه إليه بغرض التبرع بالدم لشخص ما، وهو الأمر الذي لا نجده، بطبيعة الحال، إلاّ على صفحات المسلمين من العرب والجزائريين، ولا يكثر إلاّ في شهر رمضان الكريم. تلك النداءات التي يتداولها الزوار فيما بينهم، والتي ينشرونها علها تلاقي محسنا قادرا على التبرع، من بينهم سفيان، والذي نشر على صفحته نداء لامرأة تطلب من المحسنين أن يتبرعوا لها بثمن عملية لا بد أن تجريها على ابنتها المريضة، سألنا سفيان عنها فقال:"لقد وصلني هذا النداء من احد أصدقائي وطلب مني أن انشره على صفحتي ففعلت، لان أصدقاء أصدقائي على الفايس بوك ليسوا أصدقائي، أي أن نشره على صفحتي الخاصة سيمكِّن أشخاصاً آخرين من الاطلاع عليه ومن ثمة نشره على صفحاتهم هم كذلك، وهكذا حتى يلقى النداء من يستجيب له، وحينها سيتصل مباشرة بالمعنية عبر بريدها الالكتروني، ولا يحتاج إلى واسطة، رغم أن النداء قد يكون مرَّ بعشرات ومئات الصفحات قبل أن يصل إليه، وهو أمرٌ جميل يمكن كل محتاج من أن يجد المعونة من الآخرين، وكل محسن من أن يجد محتاجا فعلا فيعطيه، وتكثر مثل هذه النداءات خلال شهر رمضان، كما يكثر المحسنون الذين يهتمون بها، ويستجيبون لها". أما فريال، والتي كانت تضع على صفحتها نداء لطفل يتيم يحتاج إلى إجراء عملية في إحدى البلدان العربية، ولهذا يطلب من ذوي الإحسان أن يتجهوا إليه بمد يد العون، وتقول لنا فريال في هذا الصدد:"لقد غير رمضان جو الفايس بوك كما غير جو الشوارع، فان الزائر للموقع يشعر فعلا بأنه على صفحات قوم مسلمين، وان شيئا ما تغير، فالكل ينشر السور والآيات القرآنية، ومقاطع فيديو لأئمة يتحدثون عن الدين، فتشعر حينها أن الانترنيت يمكن فعلا أن يتحول إلى أداة لنشر الخير والإسلام، وان استعماله لا يمكن أن ينحصر على الأشياء السلبية، فرسائل من مثل:"صل على محمد وستنال أجرا عظيما"، ورغم بساطتها إلاّ أنها تمكن الكثيرين من نيل الثواب، وحتى إن لم يفعلوا، فان مجرد التذكير بدين الله وأننا امة مسلمة، هذا فقط من شأنه أن يغيِّر الكثير في النفوس، رغما انه ومع انتهاء شهر رمضان يعود كلّ واحد إلى عاداته السيئة، ويفسد علينا بعض الأشخاص ديننا ببعض التصرفات الشيطانية، حتى صارت الانترنيت كلها، وقل فيها الخير".