هدف لهدف، وجائزة أمام جائزة، ولقب في مواجهة لقب.. هكذا دار الصراع بين الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو على مدار السنوات القليلة الماضية. وجاءت مباراة القمّة (الكلاسيكو) بين برشلونة وريال مدريد مساء الأحد لتلقي الضوء مجدّدا على هذا الصراع الذي يمثّل واحدا من أبرز الصراعات والمنافسات الكروية على مدار تاريخ كرة القدم. سجّل كلّ من اللاّعبين هدفي فريقه في المباراة التي انتهت بالتعادل (2/2)، والتي كانت فصلا جديدا من المواجهة الشرسة بين اللاّعبين، على غرار المنافسة بين أسطورتي كرة السلّة ماجيك جونسون ولاري بيرد وبين العدّائين سيباستيان كو وستيف أوفيت وبين لاعبي التنس جيمي كونورز وجون ماكنرو وبين سائقي (فورمولا-1) أيرتون سين وآلان بروست. وأكّد البرتغالي جوزي مورينيو المدير الفنّي للرّيال أنه (يجب علينا ألا نقول من منهما أفضل لاعب في العالم، هذان اللاّعبان ينتميان إلى كوكب آخر)، في إشارة إلى الصراع الدائر بين اللاّعبين على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم لعام 2012. وفاز ميسي بالكرة الذهبية في السنوات الثلاث الماضية على التوالي، ويأمل اللاّعب في الحفاظ على الجائزة هذا العام ليكون أوّل لاعب في التاريخ يحرز هذه الجائزة أربع مرّات. وفي المقابل، انتقل رونالدو إلى ريال مدريد العام 2009 قادما من مانشستر يونايتد أملا في استعادة هذه الجائزة التي توّج بها مرّة واحدة سابقة في عام 2009. ولم يكن رونالدو من قبل أكثر اقترابا من التتويج بالجائزة عنه في الوقت الحالي، لكن من الصّعب على أيّ أحد التكهّن بقدرته على اجتياز ميسي في التصويت النّهائي لاختيار الفائز بالجائزة، ليظلّ الصراع بين اللاّعبين محتدما حتى اللّحظة الأخيرة. ويتميّز العملاقان ميسي ورونالدو بالطموح الشديد من ناحية والتحسّن الذي يطرأ على مستواهما في كلّ عام عنه في العام الذي يسبقه، ورغم ذلك تتباين شخصيتهما تماما. شهدت كرة السلّة في الثمانينيات من القرن الماضي منافسة هائلة بين ماجيك جونسون ولارى بيرد. وأحرز جونسون لقب الدوري الأمريكي للمحترفين خمس مرّات مع لوس أنجلس ليكرز مقابل ثلاثة ألقاب لبيرد مع فريق بوسطن سلتيكس، ليحتدّ الصراع بينهما في (العصر الذهبي) لدوري كرة السلّة الأمريكي للمحترفين. كما لعب الاثنان سويا ضمن المنتخب الأمريكي الذي أطلق عليه وقتها (فريق الأحلام) وتوّج بالميدالية الذهبية للّعبة في دورة الألعاب الأولمبية عام 1992 ببرشلونة. وبعيدا عن المنافسة الشرسة بينهما في الملاعب، ارتبط اللاّعبان بصداقة قوية ومتميّزة خارج الملاعب. وكان تاريخ هذه المنافسة وأحداثها أمرا بارزا وما يزال محفورا في ذاكرة المشجّعين الأمريكيين. كما شهد عالم ألعاب القوى لحظات من المجد بالمنافسة والصراع بين كو وأوفيت في نهاية السبعينيات من القرن الماضي. وساهمت المنافسة بين الاثنين في جذب أنظار وسائل الإعلام إلى رياضة ألعاب القوى بشكل لم يظهر من قبل. واعتبر كثيرون أن الصراع بين هذين العدّائين فتح الطريق أمام العصر الحديث لألعاب القوى. وفي عالم التنس، كانت هناك أيضا مباريات هائلة ومواجهات كلاسيكية بين كونورز وماكنرو في الثمانينيات من القرن الماضي، والتي تفوق في شهرتها ذكريات المواجهات الرّائعة بين الإسباني رافاييل نادال والسويسري روجي فيدرر في السنوات الأخيرة. كما شهد عقد الثمانينيات أيضا منافسة شرسة بين بروست وسينا في عالم (فورمولا-1) وقدّم كلّ منهما مسيرة رائعة وخالدة على حلبات السباق. ورغم عدم وجود الرّوح العدائية بين بروست وسينا اتّسمت العلاقة بينهما بالبرود والفتور، لكن مقتل البرازيلي سينا في أحد الاختبارات بسان مارينو في عام 1994 كان نقطة تحوّل في مشاعر بروست اتجاهه، حيث قال: (عندما مات أيرتون سينا كانت نهاية تاريخي في عالم فورمولا-1). ولا تربط بين ميسي، 25 عاما، ورونالدو، 27 عاما، أيّ صداقة، لكنهما يقدّمان أمرا رائعا وهائلا وغريبا في تاريخ اللّعبة. ولم يشهد تاريخ اللّعبة من قبل أيّ منافسة مباشرة بين اللاّعبين من هذا الحجم والمكانة، وربما ساهم في ذلك انتماء اللاّعبين إلى اثنين من أكثر الأندية نجاحا وتنافسا، إضافة إلى اقتراب سنّ كلّ منهما من الآخر.