إخواني الحجيج، حافظوا على مكتسبات الحجّّ، وأدوا الصلوات الخمس في أوقاتها، وزكوا أموالكم، وصوموا رمضان، وتحروا ليلة القدر. كما تعودتم في موسم الحجّ الابتعاد عن الرفث والفسوق والجدال، احرصوا أن تسلم معاملاتكم وحياتكم من هذه الآفات. تفقدوا المحتاجين والفقراء والمعاقين والأرامل والأيتام، كما تفقدتم المساكين والضعفاء في وقت الحجّ. زكوا أنفسكم ولتكن نفوسًا مطمئنة راضية خاشعة، فلا كرهَ ولا حسد ولا بُغض ولا حقد. لتكن ألسنتكم رطبة بذكر اللّه تعالى على الدوام، كما لبيتم ودعوتم وذكرتم ربكم في المشاعر المقدسة. لتكن قلوبكم سالمة من الأحقاد والضغائن، زوروا الأقارب وصلوا الأرحام، وباركوا للجيران، وهنئوا الأصحاب والأحباب. هنيئًا لكم عودكم من الحجّ، ونرجو من اللّه تعالى أن تعودوا كما وعدكم ربكم مغفورًا لكم كما ولدتكم أمهاتُكم، فلا تركنوا للذنوب والمعاصي. تقبّل اللّه الطاعات والقربات وصالح الأعمال، واحرصوا على أن تكون أعمالُكم خالصة لوجه الله الكريم. لا تحرموا الأطفال والصغار من التوجيه والتربية والقدوة الصالحة، لاستشعار الحجّ ومقاصده. كما اغتنمتم فضائل الحجّ ومنافعه، اغتنموا فضائل الأمور ومنافع المواسم. إخواني الحجيج، اشكروا ربكم أن مكّن لكم وهيّأ الوسائل والطرق لأداء مناسك الحجّ براحة. تعودتم في الحجّ الصبر وتحمل الأذى وصفاء الروح وسمو النفس والأخلاق الحميدة، فلا تفوِّتوها واجعلوها نبراسًا لحياتكم القادمة. في الحجّ أعظم مؤتمر بشريّ فتذكروا يوم المحشر والموقف، والناس عراة يغشاهم العرق من كل جانب. وإليكم بعض المبشرات القرآنية، يقول تعالى على لسان إبراهيم الخليل: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا) البقرة: 128. ويقول عز وجل (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ* ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) الحج: 29، 30. ويقول سبحانه: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) الحج: 27، 28. إخواني الحجيج، إليكم مزيدًا من المبشرات النبوية، يقول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ شهد صلاتنا هذه -يعني فجر يوم العيد- ووقف معنا حتى يدفع، وقد وقف قبل ذلك ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه وقضى تفثه) (رواه أصحاب السنن). ويقول رسول الهدى: (ما من يوم أكثر من أن يعتق اللّه تعالى فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه يباهي بهم الملائكة) رواه مسلم. ويقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه) متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: ّالحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه. فطوبى.. لمن قُبل حجه وتبدل حاله بعد الحجِّ إلى أحسن حال وخير مآل. بقلم: زيد بن محمد الرماني موقع اتحاد العلماء المسلمين