صادف أمس الثلاثاء 31 أوت الذكرى ال 32 لاختفاء الامام موسى الصدر ورفاقه اثناء زيارتهم لليبيا، في الوقت الذي يصر فيه نجله ان والده "لا يزال على قيد الحياة؟"، مما يزيد من عمق الازمة السياسية بين لبنان وليبيا. وكان مؤسس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان الامام موسى الصدر سافر الى ليبيا في 31 أوت عام 1978 خلال الحرب الاهلية اللبنانية للاتصال بقياداتها، غير ان اثره اختفى بعد ذلك، اذ تقول طرابلس انه استقل طائرة متوجها الى ايطاليا، في حين يصر شيعة لبنان على ان النظام الليبي ضالع في اخفاء الصدر لاسباب سياسية. وعشية الذكرى اكد عضو كتلة "التحرير والتنمية" النيابية ياسين جابر، في بيان "حاجتنا اليوم وفي هذا الوقت بالذات، الى افكار ومبادىء الإمام الصدر لاخماد نار الفتنة التي تطل برأسها لزرع الشقاق بين اللبنانيين خدمة لاسرائيل التي جندت عملاءها ليقوموا بهذا الدور، لمنع لبنان من التقدم والاستقرار او ان يعرف اهله الاطمئنان او السلام". الضغط على القذافي من جهته، شدد صدر الدين الصدر نجل الامام موسى الصدر على ان والده ورفيقيه ما زالوا على قيد الحياة في ليبيا. وقال نجل الصدر عشية الاحتفال بذكرى اختفاء والده "الامام الصدر وسماحة الشيخ محمد يعقوب والاعلامي السيد عباس بدر الدين لا يزالون احياء واسرى في يد الزعيم الليبي معمر القذافي". واضاف "القضية لا لبس فيها ولا لغز ولا غموض، ولا شيء يحتاج الى جلاء، الأمر واضح في قضية الامام، فهو لا يزال واقفا ورفيقاه خلف القضبان". واشار الى ان "تحرير الامام الصدر والشيخ يعقوب والسيد بدر الدين سيكون بالضغط على القذافي". وكانت جماعة تطلق على نفسها اسم "ألوية الامام موسى الصدر" اعلنت التوصل الى معلومات جديدة قد تساهم في كشف ملابسات اختفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه. ونقلت صحيفة "الشرق الاوسط" اللندنية عن الجماعة قولها في بيان: "ان جريمة اختفائه لم تكن عفوية او وليدة اللحظة، بل تم التخطيط والتنسيق لها قبل اشهر عدة من اوت 1978، بين السلطات الليبية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". وطالبت الجماعة الرئيس السوري بشار الاسد "الذي يوفر اليوم الدعم والمأوى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، باستخدام نفوذه لكشف ملفات هذا التنظيم الفلسطيني، المرجح انها تحتوي تفاصيل اضافية حول هذه المؤامرة وربما القت الضوء على مصير الامام موسى الصدر، لانه من المحتمل جدا ان عناصر فلسطينية في ليبيا متورطة في هذه الجريمة". أزمة سياسية ويعود تصاعد الخلاف بين الجماهيرية الليبية ولبنان الى خلفية الاتهامات التي وجهتها جماعات لبنانية شيعية للزعيم الليبي معمر القذافي بالمسؤولية عن اختفاء الزعيم الشيعي الامام موسى الصدر عام 1978، وقد حظرت بعدها ليبيا دخول المواطنين اللبنانيين الى اراضيها. واعلن يومها ان هذا الاجراء محدود ولا يشمل اللبنانيين المقيمين رسميا في ليبيا او الذين يحملون تصاريح عمل هناك، كما استثنى القرار اللبنانيين المتزوجين من ليبيات. كما تعرضت العلاقات اللبنانية- الليبية لمنعرج آخر، حيث أغلقت ليبيا سفارتها في بيروت عام 2003 بدعوى أن الضغط اللبناني عليها لكي تكشف عن مصير الصدر يشكل اهانة لها. كما غاب القذافي عن القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 بعد تردد أنباء عن تلقيه تهديدات من جماعات شيعية لبنانية تلقي باللائمة على ليبيا في اختفاء الصدر. وساءت العلاقات كثيرا بين بيروتوطرابلس بعد ان اصدر احد قضاة التحقيق اللبنانيين عام 2008 قرارا اتهاميا في قضية اختفائه، حيث اتهم المحقق العدلي سميح الحاج، القذافي، باخفاء الصدر ورفيقيه. وطلب الحاج انزال عقوبة الاعدام "برئيس الجمهورية الليبية العقيد معمر بن محمد ابو منيار القذافي، الذي اوقف غيابيا بتاريخ 24 ابريل 2008، ولا يزال فارا من وجه العدالة لجهة التحريض على الخطف وحجز الحرية". ورأى مراقبون ان هذا الاجراء مجرد خطوة رمزية لانه من المستبعد تماما ان يمثل القذافي امام محكمة في لبنان. وبعد ايام من اصدار المذكرة، كررت ليبيا نفي اية علاقة لها بالقضية ملمحة الى ان اثارة بعض الدوائر اللبنانية للمسألة المثيرة للجدل يستهدف التشويش عليها ومحاولة ربطها بالارهاب خلافا للحقيقة. واكدت مصادر ليبية رسمية ان طرابلس برأت ذمتها من اختفاء الصدر بالوثائق والادلة والتي تؤكد انه غادر اراضيها بمحض ارادته مع مرافقيه الى العاصمة الايطالية روما، مشيرة الى ان ليبيا ابدت على الرغم من ذلك استعدادها للتعاون مع اي جهة عربية محايدة للتحقيق في ملابسات هذه القضية. ويشار الى ان الصدر وصل الى ليبيا بتاريخ 25 -8 - 1978 يرافقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين. وكان الصدر على موعد للاجتماع بالقذافي ليلة 29-30 أوت، لكن الصدر لم يظهر بعدها أبداً. وبينما تقول بعض المصادر ان اللقاء قد حدث، تقول الرواية الليبية ان القذافي الغى بشكل مفاجئ هذا الموعد خلال اجتماعه بمجموعة من الشخصيات اللبنانية.