اختتمت مساء أمس الاثنين بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة بالعاصمة الجزائر أشغال الملتقى الدولي الأوّل حول العولمة والتربية، والذي انطلق يوم الأحد بتنظيم من مخبر التربية والإبستيمولوجيا بالمدرسة بمشاركة عدد كبير من الأساتذة والمختصّين في التربية والعولمة ناقشوا في مداخلاتهم واقع العولمة وتأثيراتها على التربية في العالم وفي المجتمعات على وجه التحديد. حيث اشتملت تدخّلات الأساتذة على مواضيع مختلفة دارت معظمها حول الوضع الرّاهن للمجتمعات العربية وحاجتها إلى الديمقراطية والحرّية التي تكفلها التربية والتعليم. كما شملت التوصيات الأخيرة للمتدخّلين ضرورة تفعيل الدور الإيجابي للعولمة في التربية، خاصّة منظومة التعليم العالي التي تحدّد مستقبل المجتمعات. كما خلص المخاضرون إلى ضرورة التمسّك بالقيم والهوية الوطنية ومحاولة تعزيز الأبعاد الثقافية والتربوية للأجيال من أجل تحصينها من مخاطر الغزو والاستيلاب المعرفي لما له من أثر على التحصيل العلمي للطلبة والشباب، خاصّة الباحثين منهم. كما أثار الحاضرون بعض النقاط المتعلّقة بالتعليم الديني في العالم العربي والإسلامي، حيث دعوا إلى وجوب عولمة القيم من القرآن والسنّة، وفي هذا الصدد قدّم بعض الأساتذة من المملكة العربية السعودية نماذج لعولمة القيم الإسلامية ومحاولة استبدال تلك الغربية بالإسلامية. ومن أهمّ المحاضرات والمداخلات التي شهدها الملتقى في يوميه تلك التي تحدّث فيها الدكتور عمار جيدل عن حاجة العرب والمسلمين إلى الحرّية والديمقراطية بمعناها الإنساني، والذي يكفل لها الحصانة من تدخّل القوى العالمية في ثقافاتها. كما ركّز الدكتور جيدل على مشكلة التجاوب مع ما يقدّم لنا من ثقافات بما سمّاه عدم التجاوب الإيجابي. كما ركّزت مداخلة الدكتور عمار طالبي على ضرورة دعم ثقافاتنا للتخلّص من الاستيلاب الذي أصبح يؤثّر على التربية والتعليم في العالم العربي خاصّة، كما تحدّث عن التغيّرات الكبيرة في الأفكار والسلوك لأجيالنا، والذي سبّبته العولمة. كما تنوّعت مداخلات ضيوف الجزائر من تونس وليبيا وبنغلاديش ومصر، حيث تحدّث بعضهم عن تأثيرات العولمة في بلدانهم والبعض الآخر عن ضرورة الالتزام بالتعليم بالآيات القرآنية والعادات والأعراف التي تمثّل هوية المجتمعات ومرآتهم على العالم. وشهد الملتقى حضور عدد كبير من المشاركين من أساتذة ودكاترة من مختلف جامعات الوطن، إضافة إلى أعداد غفيرة من الطلبة الذين تنوّعت مداخلاتهم ومشاركاتهم في هذا الملتقى الأوّل من نوعه في المدرسة، حيث تحدّث بعض الضيوف عن الجزائر وأساتذتها بإسهاب كبير. حيث ذكر وكيل التربية بجامعة (شقراء) بالمملكة العربية السعودية عبد اللّه بن سعود المطوع عن الجزائر وعلمائها بشكل كبير، وفي لقائنا به تحدّث عن أهمّية مثل هذه الملتقيات التي تفعّل الحوار بين المتخصّصين من أجل الوصول إلى فكر مشترك، خاصّة في القضايا المصيرية المشتركة كالعولمة وتأثيراتها على التربية في الوقت الرّاهن للمجتمعات العربية. كما تحدّث الدكتور عبد السلام محمد خلف اللّه من ليبيا عن ضرورة تفعيل هذه اللّقاءات التي تمدّ أواصر المحبّة بين الأشقّاء العرب من الباحثين والطلبة والمتعطّشين إلى اكتشاف الجديد في عالم الفكر والتربية الحديثة. وكان الملتقى قد عرف تكريم أبا الفلسفة في الجزائر الدكتور محمود يعقوبي تكريما نوعيا وذلك بطباعة أهمّ مقالاته وشهادات عنه في كتاب وزّع على المشاركين يومي الملتقى، ليعرف هذا الملتقى نجاحا كبيرا وإقبالا أكبر خاصّة من الطلبة.