أكّد مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية أوّل أمس الثلاثاء أن الجزائر لم تقدّم أيّ طلب رسمي لفرنسا بالاعتذار عن جرائمها في حقّ الشعب الجزائري خلال الحقبة الاستعمارية، موضّحا أنها تنتظر مبادرة من الجانب الفرنسي في هذا الإطار. ومن جهة أخرى رأى مدلسي أن زيارة فرانسوا هولاند الذي وصل أمس إلى الجزائر، ستكون فرصة لتقييم العلاقات بين البلدين وتطويرها على كافّة الأصعدة. رمى مراد مدلسي وزير الشؤون الخارجية في حوار معه على قناة (فرانس 24) عشية زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر، والذي نزل بمطار هواري بومدين أمس الأربعاء، الكرة في مرمى فرنسا حين أكّد أن الجزائر تنتظر مبادرة من الجانب الفرنسي للاعتراف بجرائمه في حقّ الشعب الجزائري طيلة الفترة الاستعمارية التي دامت 132 سنة، مؤكّدا أن الجزائر لم تقدّم أيّ طلب رسمي يتعلّق بهذا الشأن.، وقال مدلسي في هذا الصدد: (الجزائر ليس لها طلب وهذا لا يمنع فرنسا من أن تقوم بكلّ مبادرة في قراءتها لهذا التاريخ المشترك)، مضيفا أن (الرجل السياسي لابد أن يأخذ بعين الاعتبار مشاعر الشعوب والرّأي العام، نحن في فترة متفائلة متفتّحة لتوسيع العلاقات). وأشار الوزير في ذات السياق إلى دور الرّأي العام الجزائري ونظرته إلى ملف الذاكرة التاريخية الذي أصبح محور اهتمام جميع شرائح المجتمع، مؤكّدا أن (الرّأي العام له دور حيث أصبحت له مكانة هامّة في المجتمع، ومن بين انشغالات الرّأي العام في الجزائر قضية الذاكرة). وشدّد الوزير من جانب آخر على ضرورة أن يتعامل (الرجل السياسي مع هذا الواقع بصفة شجاعة وبصفة مطمئنة لنجعل من هذه العلاقات علاقات تطمح نحو الآفاق وتسمح بحلّ مشاكل الماضي). وفي إجابته على سؤال حول التوتّر الذي يعود ليميّز العلاقة بين البلدين من حين إلى آخر أكّد مدلسي أن حساسية العلاقات بين فرنساوالجزائر أمر معروف منذ سنوات، مبيّنا أن هذه الحساسية لا يمكن أن تكون مانعا أمام تطوّر (العلاقات على أرض الميدان سنة بعد سنة)، وأشار إلى استمرار وجود بعض المشاكل التي تعكّر صفو العلاقات بين البلدين وقال في هذا الإطار إن هناك (بعض المشاكل تطلع من جديد وتلوّث الرّأي العام بصفة أو أخرى)، مضيفا: (تجاوزنا المشاكل إلاّ أن البعض منها لازالت مطروحة)، معربا عن أمله في أن تكون زيارة هولاند فرصة لحلّها. وقال مدلسي في هذا الصدد: (نرتقب من هذه الزيارة أن تكون هناك حلول فورية لبعض المشاكل التي لازالت عالقة)، مشيرا إلى أن هذه الزيارة ستحمل تغييرا لمسار العلاقات بين البلدين، وأضاف قائلا: (إذا أمكن أن يكون التغيير إيجابيا فعلاقاتنا مع فرنسا قوية جدّا وتستحقّ الاجتهاد المستمرّ)، مبرزا أن (زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ستكون فرصة ليست فقط لتقييم هذه العلاقات ولكن للبحث عن سبل تطوير هذه العلاقات في كلّ المجالات وعلى وجه الخصوص الميادين الاقتصادية والسياسية التي تعدّ كوسائل للقفزات النّوعية التي هي منتظرة بصفة أكيدة من الطرفين). أمّا عن الملف المالي والتباين الواضح في مواقف البلدين حوله فقد أكّد مدلسي أنه (كان ملفا ذا اهتمام مشترك منذ شهور)، مضيفا أن (المشاورات بين البلدين لازالت مستمرّة ما يقرّبنا كمواقف)، وأشار في ذات السياق إلى تشابه أهداف البلدين اتجاه الأوضاع في مالي، موضّحا أن (ما يجري في الساحل ومالي على وجه الخصوص لابد من دفعه إلى الأمام لتعزّز مالي وجودها في كلّ القطر المالي، وهو قاسم مشترك مع فرنسا)، مضيفا أن الجزائروفرنسا يعتبران بمثابة (أداة رئيسية من أجل تعزيز المؤسسات المالية والوحدة الوطنية إلى جانب القاسم المشترك الثاني الاستمرارية في محاربة الإرهاب)، معربا عن استعداد الجزائر (لبذل مجهودات مع أن هذه القضية ليست قضية تخص الجزائر فقط)، أمّا عن نقاط الخلاف مع الموقف الفرنسي فهي (موجودة في ترتيب الأولويات مع العلم أن الخلاف أصبح أقلّ اليوم). وأوضح مدلسي قائلا: (علاقاتنا ستكون متميّزة مع فرنسا في عدّة ميادين والجزائر كانت تصرّح دوما بأنه لازال هناك مجال واسع للاستثمار، ورأينا في الحكومة الجديدة في فرنسا أن هناك إرادة واضحة لتصبح هذه العلاقات الثنائية قوية). سلال: "زيارة هولاند ستتوّج بعقد عدّة اتّفاقيات اقتصادية" من جانبه، كشف الوزير الأوّل سلال لدى نزوله ضيفا على برنامج (لقاء اليوم) الذي تبثّه القناة الأولى للإذاعة الوطنية أن زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ستتوّج بتوقيع عدّة اتّفاقيات تخص مختلف مجالات التعاون بين البلدين، منها قطاعات الدفاع والصناعة والفلاحة والثقافة والتعليم والتكوين. كما اعتبر الوزير الأوّل أن زيارة هولاند (مميّزة وهامّة جدّا وتنطوي على نية حسنة من الجانب الفرنسي)، مؤكّدا أن الجزائر (ستسير وفق هذه النيّة الحسنة ضمن شراكة تبنى على الاحترام المتبادل والتوازن بين مصالح الطرفين)، وأضاف في ذات السياق أن هذه الزيارة التي تعدّ الأولى للرئيس الفرنسي منذ توليه الرئاسة من شأنها أن تفتح (آفاقا جديدة في مجال التعاون بين البلدين). وأوضح الوزير في هذا الصدد (البعد الكبير) الذي تعتريه هذه الزيارة التي قال إنها (ستتّجه نحو المستقبل)، خصوصا فيما يتعلّق بتنقّل الأشخاص لا سيّما فئة الشباب الرّاغبين في مواصلة دراستهم في الخارج، معربا عن أمله في أن يتوصّل البلدان إلى اتّفاق ثنائي في هذا المجال. ومن جانب آخر، جدّد الوزير الأوّل دعم الجزائر للحوار بين مختلف أطراف النّزاع في شمال مالي للخروج بحلّ سياسي لهذه الأزمة، مشدّدا على ضرورة أن يكون هناك (حوار قوي ومستمرّ بين الأطراف المتنازعة في مالي) وبيّن في ذات السياق أن الجزائر لعبت (دورا هامّا لتخليص سكان المنطقة من الحركات الإرهابية الناشطة هناك)، مؤكّدا أن الجزائر (ستدعّم النّظام المالي في استعمال القوة ضد الحركات الإرهابية وستعمل على أن يتمّ ذلك بموافقة جميع سكان مالي ودول الجوار). أمّا عن الاهتمام الفرنسي بالقضية فقد أرجعه الوزير الأوّل إلى تداعياتها على أمن دول منطقة الساحل، مشيرا إلى أن الجزائر (التي تملك نظرة واقعية للأحداث) في (تشاور مستمرّ) مع شركائها في المنطقة بخصوص هذه القضية.