تعيش بعض الدواوير بولاية الشلف حياة بدائية وتقليدية، ونحن ورغم أننا في 2012 إلا أنها لازالت تترقب قطار التنمية والحضارة الغائبة عن ساحتها بشكل كبير، والتي تعد من بين الأحلام التي لم تتحقق إلى يومنا هذا من بينها منطقة الدرايز التي يعيش سكانها حياة العزلة والتهميش بأعالي بلدية تاجنة. حيث تشهد المنطقة حياة ريفية محضة تنعدم فيها أدنى شروط العيش الكريم، تجمعات سكانية متناثرة هنا وهناك عبر مسالك ترابية متحجرة وعرة، زادت معاناتهم إضافة إلى الأوحال التي تعرقل حتى سير الراجلين، حيث تتواجد بالمنطقة أزيد من 600 عائلة تجمعها ظروف قاسية وصعبة للغاية، كما لم يتذوقوا طعم الاستقلال لحد الساعة، فحتى الماء في دوار الدرايز يعد أحد الأحلام التي يترقبها السكان، فيعتمد هؤلاء السكان على الآبار للحصول على قطرات من الماء.. وحسب السكان الذين حاورتهم (أخبار اليوم) فإنه من غير الممكن أن تغطي حنفية واحدة تتوسط الطريق الرابط بين منطقة زرقة والمصدق يحصل فيها المواطن على برميل ماء واحد خصوصا في فصل الصيف أين يكثر الطلب على هذه المادة الضرورية، وحسبهم أنهم ذاقوا المرارة وكل المتاعب في فصل الشتاء، حيث عانوا من صعوبة التنقل إلى مكان تواجد الحنفية لجلب الماء، لذا أجبروا على حفر الآبار لسد حاجتهم، وفي هذا الصدد يقول (السيد تلمساني.ع) ممثل السكان (إننا في فصل الصيف نحترق تحت الشمس الحارة لساعات طويلة ولا نكترث للأمر لكن في الشتاء والبرد القارص لا يستطيع أي إنسان الصمود تحت الأمطار خاصة الأطفال)، وأضاف قائلا هل نحن مواطنون نرى بالعين المجردة؟ ألا يعلم المسؤولين بوضعيتنا البدائية التي نعيشها ونحن في سنة 2012؟ في الوقت الذي بلغت التكنولوجيا ذروتها عبر كامل التراب الوطني وفي العالم ونحن لم نتذوق أو ننعم بطعم الاستقلال لحد الآن، والمؤلم في الأمر أن هؤلاء الأبرياء ينقلون براميل الماء على ظهور الدواب، وحتى من يملكون سيارة لا يستطعون استعمالها نظرا لطبيعة المسالك الترابية الوعرة، والتي تصبح عبارة عن أوحال لا تصلح حتى للراجلين ما أدى إلى توقف عدد هائل من الأطفال عن الدراسة نظرا لانعدام وسائل النقل. ورغم كل الشكاوي والكتابات المتكررة لم تجد نداءات الاستغاثة التي رفعها سكان المنطقة صدى لدى السلطات المحلية بهدف انتشالهم من المعاناة والعزلة المفروضة عليهم. وفوق كل ذلك فإن المرضى في الدرايز يعانون الأمرين نظرا لعدم وجود قاعة علاج أو مركز صحي أو عيادة طبية، وأكد لنا السكان أنه في حالة مداهمة المرض أو أي مكروه لأحد منا فليس عليه إلا الاستنجاد بسيارة 4_4 أو ما تسمى (بالباشي) والتي تعتبر السبيل والمنقذ الوحيد بالمنطقة لإقالته إلى مستشفى الشرفة أو أولاد محمد بسعر يصل إلى حدود 4000 دينار جزائري، أما عن النساء الحوامل في حالة يداهمهن المخاض يجبرن على وضع موالدهن على قارعة الطريق أو كما قال أحد السكان (نساؤنا أصبحن يضعن موالدهن بالبر والهواء الطلق قبل الوصول إلى مصالح التوليد بمستشفى الشرفة)، وأضاف قائلا (إن بعض نساء المنطقة تعرضنا لنزيف حاد كاد يودي بحياتهن وهناك من فقدت جنينها قبل وصولها لمقر الدائرة بسبب انعدام وسائل النقل)، وأمام هذا الوضع المأساوي من خلال حرمان السكان من الماء والطريق والعيادة يناشد سكان الدرايز التدخل العاجل للسلطات المحلية انتشالهم من دائرة العزلة والحرمان والتهميش والحياة البدائية وإلحاقهم بركب الحضارة كباقي الجزائريين في سنة تحتفل فيها الجزائر بمضي خمسين سنة على الاستقلال..