قرية زرقة، واحدة من القرى النائية والمعزولة، التابعة لبلدية تاجنة بولاية الشلف، أثناء تنقلنا إلى عين المكان لم نكن نتصور أن هناك جزائريين لازالوا يعيشون حياة بدائية، ومعاناة يومية في ظل انعدام أدنى ضروريات ومتطلبات الحياة الكريمة، تجمعات سكانية متباعدة ومتناثرة عبر طرق ترابية وحجرية، زادت معاناتهم إضافة إلى الأوحال التي تعرقل حتى سير الراجلين، فيما تتواجد بالمنطقة أزيد من 400 عائلة تجمعها ظروف واحدة، ويتخبطون في مشاكل يومية لا تعد ولا تحصى· الماء في منطقة (زرقة) يعتبر توفره أحد المستحيلات السبع، الذي لن يتحقق أبدا فليس بالمنطقة كلها سوى حنفية واحدة بالطريق الرابط بين منطقة بوحماد وبلدية تاجنة، وهي بعيدة جدا عن مقر إقامة السكان وتعد المصدر الوحيد لإمداد السكان بالماء منذ الاستقلال· وحسب السكان الذين تقربنا منهم فإنه من غير المعقول أن يغطي برميل واحد يحصل عليه المواطن في عز الصيف حاجيات المنزل كله أما في الشتاء فإنها الكارثة الكبرى حسب القاطنين بعين المكان حيث يصعب على النساء أو الأطفال التنقل إلى مكان تواجد الحنفية لجلب الماء بسبب الأوحال نظرا لطبيعة المسالك الترابية الوعرة، وفي هذا الصدد يقول السيد عبد القادر تلمساني أنهم مثلا في فصل الصيف وشهر رمضان المنصرم يمكثون تحت الشمس الحارقة بالساعات وأحيانا يشترون مياه الصهاريج حيث الدلو الواحد ب 20 دج وهذا لا يغطي الطلب نظرا لاستعماله المفرط، أما في فصل الشتاء فيواجهون معاناة وقساوة لا مثيل لها خاصة الأطفال الدين لا يتحملون البقاء تحت الأمطار والبرودة الشديدة· والملفت للانتباه أن هؤلاء الأبرياء لا يستطعون نقل أوعية الماء أو البراميل إلا على ظهور الدواب، نظرا لوضعية الطرق الترابية الوعرة الملتوية والتي هي عبارة عن أتربة لا تصلح حتى للراجلين ما أدى إلى توقف عدد هائل من الأطفال عن الدراسة نظرا للمسافة الطويلة عن مقاعد الدراسة التي تبعد ب 3 كلم بالإضافة لانعدام وسائل النقل بكل أنواعها فالوسيلة الوحيدة التي يستنجد بها السكان هي سيارة (الباشي) التي تقل المسافرين والمتمدرسين والمرضى· وحسب محدثينا فإنه بالرغم كل الشكاوي والكتابات المتعددة التي رفعها هؤلاء للسلطات المحلية بهدف انتشالهم من العزلة والتهميش الذي يتخبطون فيه إلا أن مشاكلهم وحياتهم البدائية لازالت تطبع يومياتهم دون أن تتدخل السلطات المحلية لانتشالهم من تلك الوضعية المماثلة رغم أننا في 2011 حسبهم إلا أن لا جديد يذكر يرفع عنهم الغبن كما لم يتذوقوا طعم الاستقلال لحد كتابة هذه الأسطر· أما الأمرّ والأدهى فهو أن المرضى في منطقة (زرقة) يعانون الأمرين نظرا للغياب التام لقاعة علاج أو مركز صحي أو عيادة طبية، وأكد لنا السكان أنه في حالة مداهمة المرض أي مواطن من المنطقة فليس له حل سوى الاستنجاد بسيارة (الكلوندستان) نوع الباشي لنقله إلى مستشفى تنس أو الشطية بسعر باهظ غالبا ما يصل إلى حدود 2500 أو 3000 دينار جزائري، أما عن النساء الحوامل فمعظمهن يتعرضن لفقدان مواليدهن وأخريات يداهمهن المخاض داخل السيارات قبل الوصول إلى مصلحة الولادة بالشرفة أو الشطية· وأمام هذه الوضعية الكارثية التي تتخبط فيها العائلات من حرمان وتهميش يناشد سكان (زرقة) والقرى المجاورة لها على غرار بني ماغليف والدرايز المعزولة المتواجدة على مستوى بلدية تاجنة السلطات المحلية والولائية وعلى رأسها والي الشلف انتشالهم من العزلة الحرمان والمعاناة وحياة الترييف التي لازمتهم منذ الاستقلال، عبر صفحات (أخبار اليوم) عسى أن يسمع لهم صوت من الجهات الوصية·