أكد باحثون في الثقافة الشعبية نهاية هذا الأسبوع خلال الأيام الثقافية الوطنية للفلكلور التي تتواصل في يومها الثاني بالنعامة على ضرورة إبراز القيمة التاريخية والحضارية للتراث الثقافي والفولكلور الجزائري. وأبرز أساتذة من جامعات تيزي وزو وسيدي بلعباس وتيسمسيلت ووهران والنعامة خلال مداخلات ألقيت بدار الثقافة أهمية الحفاظ على الطبوع الغنائية والرقصات المستوحاة من التراث القديم التي تعدت شهرتها حدود الوطن والتعريف بتلك الألوان الفنية الأصيلة التي تظل مصدر فخر للثقافة العريقة المميزة لعدة جهات من الوطن. وألح هؤلاء الباحثين على أبعاد إبراز القيمة التاريخية والحضارية وكذا الغنى والتنوع الذي يتميز به التراث اللامادي في الجزائر وضرورة جمعه وتدوينه وإخضاعه للبحث العلمي الدقيق. وأضاف المشاركون في الجانب الأكاديمي لهذه التظاهرة أن مثل هذه المناسبات الثقافية من شأنها أن تسمح للأجيال القادمة بالاستلهام من أنواع الموسيقى التراثية ورقصات الفولكور التي وجدت طريقها إلى قلوب الشباب خاصة، ودراسة مختلف أنواع التراث الفني القديم الذي يصنع مجد الثقافة الجزائرية. وذكرت الباحثة طعام شامخة من جامعة تيسمسيلت بأن طبوع الفلكلور الشعبي والموسيقى والقصص والألعاب الشعبية والحرف التقليدية وحتى النكتة والفكاهة هي (شاهد في عصرنا الحاضر على هوية الأمة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ) لكن وللأسف-- كما أضافت--(لم يحظ التراث اللامادي بالاهتمام والدراسة بالقدر الذي شهده التراث المادي) مما يحتم حماية التنوع الثقافي في مواجهة العولمة والمخاطر التي تهدده. وأكد الباحث بلوحي محمد من جامعة سيدي بلعباس في مداخلة بعنوان (الموروث الثقافي ممارسات ودلالات) أن الكثير من مظاهر التراث غير المادي (مهددة بالتلاشي) بعد أن أصبحت فئات من المجتمع لا تعير أهمية لهذا التراث، مفسرا ذلك بالتطور التكنولوجي السريع الذي أحدث (شرخا) في العلاقة بين الشيوخ من جهة والشباب والأطفال من جهة أخرى. واستدل المحاضر في ذلك بالصور المتحركة التي عوضت حكايات الجدات بالرغم من أن هذه الأخيرة تنمي الخيال لدى الأطفال. وخلص الأستاذ طيبي من جامعة وهران بدوره إلى أن هذا الفولكلور أو الإرث الثقافي المتنوع من الذخائر الروحية والفكرية للمجتمع وجب المحافظة عليه باعتباره أحد مبادىء التنمية المستدامة. وأكد أن التراث اللامادي هو (طاقة متجددة) للمجتمع مما يستدعي تشجيع البحث والابتكار في مجال حماية التراث اللامادي وقابليته للتحديث والعصرنة. وتتواصل فعاليات الأيام الثقافية الوطنية للفولكلور بدار الثقافة عبد الحميد بن باديس بالنعامة بمشاركة واسعة لباحثين وفرق فولكلوية وشعراء ينشطون برنامج هذه التظاهرة التي حوّلت بهو دار الثقافة إلى قبلة لعشاق وهواة الموسيقى والأغنية والرقص التراثي وألوان الفنون الشعبية. وتمثل التظاهرة بالنسبة للفرق المشاركة فرصة لإبراز إمكانياتهم ومواهبهم الفنية وتثمين التراث الغنائي الأصيل باللغتين العربية والأمازيغية، كما يشكل هذا الحدث الفني فرصة لإثراء النقاش الأكاديمي من خلال الندوات المتواصلة واللقاءات الفكرية التي ينشطها أساتذة جامعيون لبحث واقع وآفاق الأغنية والفولكور في الجزائر. وتمتد فعاليات هذا الحدث الثقافي المتزامن مع العطلة المدرسية الشتوية نحو مختلف بلديات الولاية التي تعيش على وقع الأنغام الفلكلورية عبر قاعات دور الشباب وبساحاتها العمومية التي تحتضن عروضا فنية مختلفة للموسيقى والرقص الشعبي والصناعات التقليدية للمنطقة وسط حضور غفير للعائلات.