تُعرف البرازيل بأنها من أكبر الدول في أمريكا اللاتينية من حيث المساحة وعدد السكان، حيث يبلغ تعدادها 200 مليون نسمة، بينما يبلغ عدد المسلمين في البرازيل مليون ونصف مليون نسمة، وهم من أصول إفريقية وشامية ومسلمون برازيليون جدد، ويتوزعون على ولايات البرازيل المختلفة ويتمركز أكثرهم في ولاية (ساو باولو)، وينحدر غالبية شباب المسلمين من أصول عربية. بيد أنَّ الشباب المسلم في البرازيل يواجه مشاكل عديدة كثيرة ومعقدة، وتحتاج أن تدرس بعناية ويُتخذ حيالها الكثير من الإجراءات التي تساهم في حلها، وقد ألقيتُ الضوء على أهم هذه المشاكل التي تواجه الشباب المسلم في البرازيل. أولاً: فقدان الهوية إنَّ شباب المسلمين الذين وُلِدوا على أرض البرازيل لم يتم تربيتهم بصورة إسلامية جيدة، وإنَّما تَمّت تربيتهم على مبادئ قومية أو حزبية ضيقة، مما أفرز لنا جيلاً مفتقدًا لهويته الإسلامية، وبعضهم ناقمٌ على كل ما له صلة بالإسلام والمسلمين، برغم ما تقوم به بعض المساجد والدعاة للتقليل من هذه الظاهرة، حيث كان للتركيز على القبلية واجترار مشاكل البلدان الإسلامية في الواقع الذين تعيشه الجالية المسلمة أثر سلبي يدفع ثمنه شباب المسلمين هذه الأيام. ثانيًا: الجهل بالشعائر الإسلامية الأدهى من ذلك أنَّ الكثير من شباب المسلمين يجهلون مبادئ الإسلام الأساسية بسبب عدم اهتمام الأهل وقلة المدارس والمساجد المتخصصة في التربية والتعليم الديني، وندرة عدد الدعاة والمشايخ في البرازيل حيث يصل عددهم 60 داعية ينتشرون على ولايات البرازيل المختلفة، حيث يوجد حوالي 120 مسجد أي لا يوجد إمام أو داعية في الكثير منها، وعدد محدود من المدارس التي تعنى بتدريس اللغة العربية وبعض التعاليم الإسلامية، كما لا يتكلم الكثير من الشباب اللغة العربية مما يجعل التواصل من الدعاة الذين لا يجيدون اللغة البرتغالية صعبًا وهذا يعوق عملية التربية والتعليم، وعزوف الكثير من الشباب عن حضور مجالس العلم. ثالثًا: الانحلال الأخلاقي يكمن هذا الانحلال الأخلاقي في الحرية التامة التي تمنح للشباب في هذه البلاد، سواء شرب الخمور، وتعاطي المخدرات، وغيرها من الأمور التي تبدو طبيعية في عرف المجتمع البرازيلي، مما يؤثر سلبًا على الشباب، حيث تعرَّض الشاب المسلم لكثير من هذه الإغراءات المحرمة، وتعرضت المرأة بشكل عام لكثير من الاعتداءات، وأصبح دورها هو إشباع غريزة الرجل، وقد دفع هذا الأمر الكثير من الشابات المسلمات للزواج من برازيليين بغضّ النظر عن دينهم، والكثير من الشباب المسلم الذي لم يكتفِ بالعلاقة الزوجية إنما تعداها إلى العلاقات المحرمة. رابعًا: الظروف المعيشية السيئة اضطر الشباب المسلم تحت وطأة الفقر الذي انتشر بين العائلات المسلمة ألا يستكمل تعليمه للعمل في أي وظيفة لتأمين معيشة كريمة لأهله وأسرته، مما أفقد الجالية المسلمة الكثير من الكفاءات والعقليات الشابة، بينما يُهتم بأبناء المسيحيين اللبنانيين عناية خاصة وأقاموا لهم النوادي والمستشفيات ومؤسسات للبحث العلمي مما جعلهم يصلون لأرقى المستويات داخل دولة البرازيل، ويحققون نجاحات مهمة على المستوى السياسي والاجتماعي. خامسًا: الارتداد عن الإسلام يعزى ذلك إلى زواج المسلمين من برازيليات وعدم حرصهم على تربية أبنائهم على مبادئ الدين الإسلامي وانشغالهم بالتجارة, وكذلك عدم اهتمام المؤسسات الإسلامية في الوقت الذي تقوم فيه الكنيسة بالتواصل الاجتماعي مع أبناء الجالية وحل مشاكلهم الاقتصادية بالتواصل مع تلك العائلات.. كل هذه الأسباب مجتمعة كانت أسبابًا لتحول بعض أبناء الجالية لاعتناق النصرانية. كما نلاحظ الكثير من المظاهر التي تحوَّل فيها أبناء المسلمين إلى النصرانية ومنهم من يعمل بالكنائس وبعضهم أصبح كاهنًا وهو يحمل اسمًا إسلاميًا، حيث يقول الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم (كان والداي مسلمين، يصومان رمضان ويؤديان بقية الشعائر، لكنهما لم يطلبا منا أبدًا اعتناق الإسلام، وإنما تركَا لنا الحرية المطلقة لاختيار الديانة التي نريد، لذا فأنا لم أتخلَّ عن الإسلام، لأنني لم يسبق لي أن كنت مسلمًا). سادسًا: تعاطي الخمور والمخدرات انجراف نسبة من شباب المسلمين في تعاطي المخدرات وشرب الخمور يعدّ من المشاكل الكبيرة التي تواجه الجالية المسلمة اليوم، حيث تناقلت وسائل الإعلام بعض الحوادث لاصطدام بعض السيارات بالمارة وكان من يقودها شباب من أبناء المسلمين كانوا في حالة سكر شديدة، إضافة لموت بعض الشباب المسلم في قضايا تصفية حسابات بين مروجي المخدرات، وكذلك موت بعضهم حال حملهم لمخدرات في بطونهم لتهريبها خارج البرازيل، ويوجد الكثير من الشباب في السجون البرازيلية من المتهمين في قضايا المخدرات. سابعًا: البطالة بدأت هذه المشكلة في التزايد مع دخول البرازيل إلى مصافّ الدول الاقتصادية القوية، فغالبية أبناء المسلمين كانوا من التجار، ولم يتعوَّدوا على حياة الوظيفة فحينما ضعفت تجارة الآباء وكانت علوم الأبناء ضعيفة فقد بحثوا عن وظائف للحياة من خلالها وكانت هذه الوظائف ضعيفة الأجر والكثير منهم لم يجد عملاً فكان عالة على المجتمع المسلم، أو صيدًا سهلاً للعصابات أو تجار المخدرات للكسب غير المشروع. ثامنًا: مشاكل المسلمين الجدد برغم هذا فإنَّ الإقبال على اعتناق الدين الإسلامي ظاهرة متنامية داخل البرازيل، وشهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا والإعلام عمومًا مهتمٌّ بهذه الظاهرة، إلا أنَّه توجد مشاكل كثيرة تعترض لها هذه الشريحة من شباب المسلمين ومنها: أولاً: الشعور بالتمييز غالبية المسلمين الجدد من جيل الشباب وهم يشعرون بنوع من التمييز داخل الجالية المسلمة والتي أغلبها من أصول عربية، وتوجد للأسف حالات كثيرة من هذا التمييز حتى داخل المساجد مما يدفع هؤلاء المسلمين للانزواء أو حمل أحقاد على العنصر العربي. ثانيًا: مشاكل النساء نسبة من يعتنقن الإسلام من النساء أكثر من الرجال وغالبية هؤلاء النساء في مرحلة الشباب ويلتزمن بالحجاب ويمارسن الشعائر الإسلامية في المساجد والمناسبات الإسلامية، وتكمن مشكلتهن في عدم وجود الزوج المسلم الذي يعفُّها عن اقتراف الحرام. ثالثًا: البرامج الموجهة قلة البرامج الموجَّهة للمسلمين الجدد وكذلك تعدد المدارس التي تغذيهم بالمعرفة على شبكة الإنترنت تعد من أكبر المشاكل التي تواجه الشباب المسلم الذي يعتنق الإسلام، ولذلك هم عرضة لكثير من المواد التي يتم ترجمتها للغة البرتغالية والتي تحمل أفكارًا إرهابية أو فتاوى لا تصلح للمجتمع الغربي، وتوجد بعض النماذج التي تأثرت بتلك الأفكار وادعت بين عشية وضحاها أنهم مشايخ وأخذوا يتصدرون للفتوى ويحكمون على المسائل بنقل بعض الأفكار عن طريق شبكة الإنترنت. تاسعًا: المهاجرون الشباب من البلدان الإسلامية بدأت هجرة هؤلاء الشباب في الازدياد خلال السنوات الأخيرة ومعظم هؤلاء من قارة إفريقيا، وتتمثل مشاكلهم في وقوعهم ضحايا لأرباب الشركات الضخمة والذين يستخدمونهم أسوأ استخدام فبعضهم يعمل بصورة غير قانونية، مما يجعله يصبر على معاملة هي أشد سوءًا من معاملة الرقيق في القرون الماضية، وهذا ما دفع وزارة العمل أن ترفع شكاوى حتى على بعض المؤسسات الإسلامية لاستغلالها لهؤلاء المهاجرين وحاجتهم وتعاملها معهم بصورة تتناقض مع أبسط القواعد الآدمية. * نلاحظ الكثير من المظاهر التي تحوَّل فيها أبناء المسلمين إلى النصرانية ومنهم من يعمل بالكنائس وبعضهم أصبح كاهنًا وهو يحمل اسمًا إسلاميًا، حيث يقول الرئيس الأرجنتيني السابق كارلوس منعم (كان والداي مسلمين، يصومان رمضان ويؤديان بقية الشعائر، لكنهما لم يطلبا منا أبدًا اعتناق الإسلام، وإنما تركَا لنا الحرية المطلقة لاختيار الديانة التي نريد، لذا فأنا لم أتخلَّ عن الإسلام، لأنني لم يسبق لي أن كنت مسلمًا).