كان بن أفليك وكاثرين بيغلو وراء اثنين من أبرز الأفلام التي حصدت إشادة واسعة في عام 2012، وهما على التوالي Argo و Zero Dark Thirty. تتنافس هذه الاستثمارات المربحة في هوليوود على جائزة أفضل إخراج خلال حفل جوائز الأوسكار في الشهر المقبل. لكن حين أُعلنت ترشيحات الأوسكار أخيراً، تبين أن تلك النتائج أغفلت تكريم أفليك وبيغلو. فقد ذهب اثنان من الترشيحات الخمسة إلى مخرجَين مستبعدَين من خارج هوليوود: فنان من نيو أورليانز يبلغ 30 عام... أثار ترشيح بين زيتلين ومايكل هانيكي (حقق فيلم Beasts of the Southern Wild والعمل الدرامي الفرنسي التقليدي Amour معاً 12 مليون دولار في الولاياتالمتحدة) ضجة عارمة في هوليوود، فحاول الجميع فهم ما حدث. قالت إيمي باسكال، من مجلس الإدارة في شركة (سوني بيكتشرز) التي أطلقت فيلم Zero Dark Thirty: (ليس لدي أي نظرية لتفسير ما حدث. لا أفهم ذلك. يُبدي الجميع دهشتهم مما حصل. بيغلو هي ركيزة هذا الفيلم). على صعيد آخر، قال المخرج أنغ لي الذي ترشّح بدوره عن فيلم المغامرة (الثلاثي الأبعاد) Life of Pi، إلى جانب ستيفن سبيلبرغ (عن فيلم Lincoln) وديفيد راسل (عن فيلم Silver Linings Playbook): (إنها صدمة كبيرة. ثمة نمط معين يتم اتباعه في العادة لاختيار المرشحين. لكن ما من نمط واضح هذه السنة). وحتى مايكل باركر، أحد أعضاء مجلس الإدارة في شركة (سوني بيكتشرز الكلاسيكية) التي أنتجت فيلم Amour، لم يفهم السبب الذي حال دون ترشيح بيغلو، مع العلم أن أفليك وبيغلو رشحا للجوائز الكبرى في المهرجانات كافة تقريباً. نتائج سيئة طرح عدد من المصوّتين والنقاد والمرشحين لجائزة الأوسكار تفسيرات محتملة حول هذه النتائج التي تُعتبر الأسوأ في السنوات الأخيرة، بحسب رأي مراقبي جوائز الأوسكار. شملت النظريات احتدام الجدل حول دقة مشاهد التعذيب في فيلم Zero Dark Thirty أو تركيز المصوّتين على أفلام أخرى ظنّا منهم أن أفليك وبيغلو سيضمنان الفوز (كما يحصل حين يحصد المرشح السياسي المتقدّم في استطلاعات الرأي نسبة تصويت أقل من المتوقع). شعر البعض بأن الأصوات انقسمت بين أفليك وبيغلو لأن العملين يرتكزان على لحظات صادمة وحساسة من التاريخ الحديث: يتمحور أحد الفيلمين حول أزمة الرهائن في إيران (1979) فيما يتطرق الفيلم الآخر إلى مطاردة أسامة بن لادن، وقد ظن البعض أن لائحة المرشحين تعكس رغبة في استكشاف خيارات جديدة. كذلك أُخذت في الاعتبار سياسة هوليوود وخصوصيات عملية التصويت على الجوائز. كانت النتيجة لافتة، بالنسبة إلى بيغلو تحديداً، كونها أول امرأة فازت بجائزة الأوسكار عن فئة الإخراج في فيلم The Hurt Locker. ربما انهارت فرصها بسبب الجدل المحتدم حول فيلمها، فقد اعتبر بعض المشرّعين، مثل السيناتورة ديان فاينشتاين (ديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا)، أن الفيلم يعرض مغالطة كبرى كونه يروّج فكرة أن أسلوب التعذيب ساهم في تحديد موقع بن لادن. تحديد الخيارات اختلفت ترشيحات الأوسكار عن اختيارات (نقابة المخرجين الأميركيين) التي صدرت في وقت سابق. تكون اختيارات هذه النقابة في العادة مؤشراً قوياً على وجهة نتائج الأوسكار، لكن اقتصرت النتائج المتشابهة على اثنين من الخيارات الخمسة فقط (سبيلبرغ ولي). في السنوات الماضية، كان أعضاء أكاديمية جوائز الأوسكار يتأثرون بنتائج (نقابة المخرجين الأميركيين)، لكن هذه السنة، انتهى التصويت على ترشيحات الأوسكار قبل أسابيع من إعلان النقابة عن اختياراتها. كذلك كان يصعب تجنب المراوغات التي تحصل في عملية التصويت على ترشيحات الأوسكار. صحيح أن جائزة الأوسكار تُعتبر إحدى أرقى الجوائز، لكن تقرر مجموعة صغيرة الترشيحات عن الفئات كافة باستثناء أفضل تصوير. بالتالي، حتى لو كانت (نقابة المخرجين الأميركيين) مؤلفة من 15 ألف عضو تقريباً، يبقى الفرع الذي يتولى ترشيح الأعمال في أكاديمية جوائز الأوسكار أصغر بكثير، وهو يتألف من 360 شخص تقريباً. يعدد المصوتون خياراتهم الخمسة وفق نظام الاقتراع التفضيلي ويحقّ لكل عضو أن يمنح صوتاً واحداً. وفق ستيف بوند، ناقد لجوائز الأوسكار ولديه موقع إلكتروني The Wrap، يحتاج أي مخرج إلى 62 صوتاً فقط كي يترشح للجائزة: إنه مجموع ضئيل وقد يؤدي إلى خيارات مفاجئة حتماً. حسب دراسة أجرتها صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) في السنة الماضية، يبلغ متوسط عمر فرع المخرجين الذين يختارون المرشحين 64 عاماً. كان هذا الأمر على الأرجح كفيلاً بمساعدة Amour على الترشّح لأنّ الفيلم يتمحور حول التقدم في السن. لكن برزت عوامل ثقافية أخرى أيضاً. كشف الكاتب والمخرج كيث غوردون (أحد المصوّتين على جوائز الأوسكار)، أنه وضع زيتلين على رأس لائحته لأنه لاحظ وجود (نزعة إلى مشاهدة أفلام غريبة وأقل ضخامة). أُقصي من اللائحة توم هوبر، الفائز عن فيلم The King_s Speech منذ سنتين، ومخرج فيلم (Les Miserables 2012). كشف جو كافالييه، إعلامي وعضو في فرع التصويت، أنه (ضجر من ترشيح الأشخاص أنفسهم): (أظن أن الناس يجب أن يقوموا بخيارات غير متوقعة ويفكر أشخاص آخرون ممن تحدثتُ معهم في الأكاديمية بالطريقة نفسها). ربما تُعتبر هذه الخيارات مؤشراً على تقبّل السينما المستقلة، لكنها تشير إلى تقلّص عالم الأفلام أيضاً. فاز هانيكي بجوائز أوروبية عدة، منها جائزة (السعفة الذهبية) في كان خلال سنتين من السنوات الأربع الفائتة. لكن حتى وقت قريب، لم يكن قد ترشح يوماً لجائزة الأوسكار. تأثير سياسي قال كيفن هوكس، مخرج مسلسلات تلفزيونية مثل Prison Break، إن فيلمَي Argo و Zero Dark أُقصيا لأنهما تطرقا إلى أحداث حساسة وحديثة العهد. أضاف هوكس: (يصعب أن نتجاهل واقع أن الجدل السياسي له تأثير على النتائج. نحن أمام فيلمين يتمحوران بشكل أساسي حول مواضيع سياسية. أثبت لنا التاريخ الحديث تراجع فرص الأفلام المقتبسة من أحداث حقيقية كونها تثير الجدل ولطالما انهارت فرص الأفلام المماثلة في الماضي). لذا اعترف بأنه صوّت لفيلم بيغلو وليس أفليك. لم يردّ أفليك وبيغلو على الاتصالات للتعليق على الموضوع، لكن أعلن أحد المقرّبين منهما أنهما حزنا حين سمعا هذه النتائج. قال ويليام غولدنبيرغ، محرر سينمائي كتب عن الفيلمين: (أعلم أنهما يشعران بخيبة كبيرة. يرتكز الفيلمان على براعة الإخراج بشكل أساسي، لذا يتعجّب الجميع من عدم ترشيحهما). مع ذلك، اعتبر البعض أن تلك الترشيحات هي مؤشر إيجابي على شمولية الجائزة. أوضحت جانين باسنجر، أستاذة الدراسات السينمائية في جامعة ويسليان التي ارتادها زيتلين: (لا يشمل تاريخ الأوسكار أمثال هاورد هوكس أو ألفرد هيتشكوك. من وجهة نظري، يجب أن نشيد بالأكاديمية لأنها بدأت تنظر أخيراً إلى المشهد العام لصناعة الأفلام في الولاياتالمتحدة. إنه أهم عنصر وهو يشير إلى اتباع نمط مستقل حقيقي).