يحرص أهل بعض المناطق الجزائرية على العادات والتقاليد المتوارثة في حفلات الزفاف بنفس الصورة التي كانت عليها منذ قديم الزمان، ما عدا بعض التغيرات الطفيفة، ومنها الغلاء في إقامة الأفراح واستعمال الموسيقى العصرية وشراء الألبسة التقليدية الغالية بالنسبة للعروسة، وهذا في مختلف المناطق. في حين أن الزواج في الجزائر لم يبق مرهونا بقبول الزوجين تأسيس بيت واحد، ولكن تكلفة الحياة وتقاليد الأعراس حوّلت الزواج لعملية صعبة ومعقدة، وباهظة الثمن فبمجرد موافقة الطرفين على خوض الحياة الزوجية، تبدأ معاناة التحضير لمراسيم الزواج والحفل ورغبة العروس في الظهور أمام المدعوين باللباس الأجمل والأكثر أناقة. ولقد قمنا بجولة في الجزائر العاصمة وبالضبط في الأبيار، أين التقينا ب(دلال وسفيان) في محل لبيع الألبسة التقليدية الخاصة بلباس العروس وهما مقبلان على الزواج في أوائل مارس، فأكدا أن التحضيرات تسير بشكل متسارع لهذا الموعد الهام في حياتهما. تقول دلال إن اللوازم الخاصة بحفل الزواج مكلفة، كما صرحت بأنها لم تشتر كل اللوازم، وخصوصا فيما يتعلق بالألبسة التقليدية، التي يجب أن ترتديها ليوم الحفل. وأضافت أن التقاليد تفرض على العروس الجزائرية أن ترتدي أكثر من ست بذلات، وأغلبها تمثل ثقافة وتقاليد الأسر الجزائرية، هنا تدخلت صاحبة المحل، قالت إن على كل عروسة أن تبدو يوم حفلها بأجمل مظهر لأن الحفل لن يتكرر مرة أخرى، ورغم موضة الفساتين الأوربية التي اكتسحت الأسواق إلا أن العروس مضطرة يوم الحفل إلى الظهور بألبسة تحافظ على التقاليد الجزائرية عملا بالمثل الشعبي الجزائري القائل (الجديد حبو والقديم لا تفرط فيه) وهذا ينطبق تماما على التنوع الموجود في ساحة الألبسة الخاصة بالأعراس، التي زينت واجهات الألبسة النسائية سيما وأن الأعراس أصبحت تقام على مدار السنة وليس تحديدا في فصل الصيف كما جرت العادة خلال السنوات الماضية. ومن جهة أخرى أكدت فضيلة، 26 سنة، وهي مقبلة على الزواج أنها سترتدي أربعة فساتين فقط يوم عرسها وهذا بسبب الغلاء الفاحش في المحلات والأسواق، قالت إنها سترتدي ألبسة تقليدية، بالإضافة إلى فستان عصري تبعا لموضة هذه السنة. وأكد لنا رفيق صاحب محل بيع فساتين الأعراس بالعاصمة، أن الإقبال على الفساتين كبير جدا وفي كل أشهر السنة خصوصا في شهر جويلية وأوت وهي الفترة التي تكثر فيها الأعراس والحفلات، وقال إن المقبلين على الزواج يفضلون هذه الفترة لأنها فترة عطلة سنوية وتماشيا مع موضة الألبسة الخاصة بالأعراس التي تظهر بشكل ملفت للانتباه في هذا الفصل، وللإشارة أن الأعراس أصبحت تقام خلال الفصول الأربعة على عكس ما كان في السابق باستثناء اختيار البعض لفترة العطلة. عن الزبائن يقول رفيق إنهم يختلفون ما بين نساء ورجال ولكن الغالبية نساء بحكم نوع التجارة التي أمارسها، وأحيانا يكون الزبائن زوجين مقبلين على الزواج أو نساء تردن الحضور لحفلات واختيار أحسن وأجمل الفساتين، فأما ما يتعلق بالأسعار يقول رفيق، إنها ليست في متناول جميع الطبقات لهذا أتخذ طريقة البيع بالتقسيط على أن يتم شراء الفستان من طرف الزبونة في ظرف أقصاه أربعة أشهر. وحول هذه العملية تقول إحدى الزبونات إنها اشترت ثلاثة فساتين من هذا المحل بطريقة التقسيط منذ شهر جانفي حتى يتسنى لها دفع كل المبالغ قبل موعد الزواج، وإلا فلن تتمكن من ذلك، كما أضافت أن الموضة يجب أن نتبعها لكن التقليدي يجب المحافظة عليه لأنه يمثل الخصوصية الجزائرية والتي تتنوع من منطقة لأخرى. وترتدي العروس فساتين مختلفة الصنع وحسب تقاليد أغلب مناطق الوطن، من اللباس التقليدي العاصمي وهو لباس ترتديه العروس التي تقطن بالعاصمة، ويعرف باسم (الجبة العاصمية) وثمنه غال جدا واللباس التقليدي القبائلي وهو خاص بمنطقة القبائل الكبرى، ويعرف باسم (جبة القبائل) كما أن هناك اللباس الذي ترتديه العروس في منطقة الشرق الجزائري ومشهور باسم (قندورة الفرقاني) بالإضافة إلى اللباس التقليدي الوهراني) وفق منطقة الغرب الجزائري. كما ترتدي العروس الجزائرية ألبسة أخرى تبعا لمناطق مختلفة كمنطقة الأوراس بالشرق الجزائري حيث ترتدي العروس لباسا معروفا باسم (ملحفة شاوية) وترتدي معه كل الحلي الخاصة بالمنطقة المصنوعة من الفضة. وأجمعت الكثير من الفتيات والنساء على أنه لا يوجد ألبسة أحسن من اللباس التقليدي لأنه يمثل عمق الثقافة والتقاليد الجزائرية، ويحافظ عليها من الاندثار والزوال.