تحت شعار "أنا غاضب جدا"، أطلقوا صافرة الغضب ضد الفقر والجوع والضغط على الحكومات لكي تضع القضاء والهيمنة على الجوع في صادرة أولوياتها، حيث أظهر تقرير أممي حديث أن عدد الجياع في العالم لا يَزَال مرتفعاً على نحوٍ "غير مقبول"، رغم الإنجازات الأخيرة المتوقّعة التي خفّضت الرقم الكُليّ إلى دون المليار نسمة على الصعيد العالمي. وأشار التقرير السنوي الرئيسيّ المعنوّن "حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم - التصدّي لانعدام الأمن الغذائي في ظلّ الأزمات المُمتدة"، المتوقع أن يَصدُر مشاركةً بين منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "FAO" وبرنامج الأغذية العالمي "WFP" في أكتوبر المقبل إلى أن 925 مليون نسمة هم مَن يعانون الجوع المُزمن في غضون العام الجاري 2010، أي ما يَقل بمقدار 98 مليون شخص عن 1.023 مليار الوارد في تقديرات عام 2009. وقد أُعلن عن الأرقام الجديدة التي حصلت شبكة الاعلام العربية "محيط" على نسخة منها قبيل موعد اجتماع القمّة المقرَّر عقده في نيويورك خلال 20 - 22 سبتمبر 2010، والذي دُعي إليه للإسراع بإحراز تقدّم في إنجاز أهداف الألفيّة الإنمائية للأمم المتّحدة "MDGs"، وأوّلها هدف إنهاء الفقر والجوع. وصرَّح الدكتور جاك ضيوف، المدير العام للمنظمة "فاو" قائلاً: "مع ذلك إذ يهلك طفلٌ من جرّاء المشكلات المُترتّبة على الجوع كلّ ستّ ثوانٍ تَبقى تلك أكبر فضيحة ومأساة"؛ مضيفاً: "ذلك غير مقبول". وفي الوقت ذاته، حذر الدكتور ضيوف من أن الارتفاع المستمر لمستوى الجوع في العالم "لا يجعل من الصعوبة بمكان فحسب تحقيق هدف الألفيّة الأوّل لخفض الجوع، بل أيضاً تحقيق أيٍ من الأهداف الإنمائية الأخرى للألفيّة". وأكّد ضيوف أن "بلوغ الهدف الدولي لخفض الجوع يواجه خطراً حقيقياً"، مشيراً إلى أن الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية في حالة استمرارها من الممكن أن تَطرَح مَزيداً من المُعوِّقات أمام جهود تقليص أعداد الجياع على الصعيد الدولي. وقالت السيدة جوزيت شيران، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي:" إن الإجراءات القوية والعاجلة التي اتخذتها الأمم والعالم أجمع قد أثبتت فعاليةً في وقف التَزايُد السريع لانتشار الجوع". وأضافت: "لكن الوقت لم يحن للاسترخاء.. ولا بد لنا من الإمساك بزمام الجوع للحيلولة دون أن يَفلِت من قبضتنا، إذا كان لنا أن نضمن الاستقرار ونَصون الحياة والكرامة الإنسانية". وأوضح التقرير أن الانخفاض الكلّي في عدد الجياع خلال العام 2010 نتج على الأكثر عن توقعات تجدُّد النمو الاقتصادي هذا العام خصوصاً لدى البلدان النامية مع اتجاه تراجع أسعار المواد الغذائية منذ منتصف 2008؛ عِلماً بأن الزيادة الأخيرة في أسعار المواد الغذائية، إن استمرت، سوف تُلقي بعقباتٍ في مسار المزيد من الجهود المبذولة لخفض أعداد الجياع. ومن بين أهداف الألفيّة الإنمائية الثمانية التي تَعزُم أطراف الأممالمتحدة على تحقيقها بكل جديّة يتعَّهد الهدف الأوّل بتقليص عدد الجياع من نسبة 20 إلى 10% بحلول عام 2015. غير أنه لم يتبق سوى خمس سنوات ولم تَزل هذه النسبة في حدود 16% حالياً. وأوضح التقرير أن الاستمرار في تَزايُد عدد من يعانون نقص الغذاء بالمقياس التاريخي، حتى خلال فترات النمو الاقتصادي المرتفع والأسعار المنخفضة للمواد الغذائية يدل على أنّ الجوع هو مشكلةٌ هيكلية أساساً، لذا من الواضح أنّ النمو الاقتصادي حتى وإن كان ضرورياً إلا أنه لن يكون كافياً لمحو الجوع في إطار فترةٍ زمنية مقبولة. وأشار الدكتور ضيوف إلى أنه مع ذلك أن "ثمة قصص نجاح مُسجَّلة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية"، ومثل هذه النجاحات لا بد من حَذوها والاستزادة منها. ويتضمّن التقرير نتائج أخرى، حيث يعيش ثُلثا مجموع من ينقُصهم الغذاء في العالم لدى سبعة بلدان فقط، إسلامية أو تعيش بها أقليات إسلامية كبيرة، هي باكستان، بنغلاديش، أندونيسيا (أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان)، الصين، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، الهند؛ وأن أكثر الأقاليم عدداً لمَن يُعانون نقص الغذاء لم تَزل آسيا ومنطقة المحيط الهادي حيث يبلغ مجموع الجياع 578 مليون شخص؛ حيث لم ينفكّ معدل الجياع الأعلى قائماً في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إذ يبلغ 30 بالمائة من المجموع العام للسكان في عام 2010، أي 239 مليون شخص. وفي وقت سابق، أعلن الدكتور جاك ضيوف عن إطلاق حملة "المليار جائع" في شهر ماي الماضي التي تحِث زعماء العالم على الإسراع باتّخاذ إجراءاتٍ فعّالة لمحو الجوع. وإلى الآن وقَّع أكثر من نصف مليون شخص العريضة الشبكية المتاحة عبر الإنترنت، والتي تَهيب بصنّاع القرار السياسي أن يتخذوا من قضية الجوع أولويتهم القصوى؛ بينما يُتوقَّع أن يصل العدد الكلي للمُوقَّعين على العريضة إلى رقم المليون مع نهاية العام. وقالت السيدة يوكيكو أومورا، نائب رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد": "جياع العالم ليسوا مجرد أرقام بل هم بشرٌ من النساء والرجال الفقراء الذين يناضلون لتنشئة أطفالهم وتهيئة حياة أفضل لهم، وهم شبابٌ يكافحون من أجل مستقبلٍ أفضل. ومن الُمفارقة أن معظم هؤلاء يقطنون المناطق الريفية لدى البُلدان النامية، حيث يتضح أن نحو 70% من أفقر فقراء العالم مِمَن يعيشون على أقل من مقابل دولارٍ أمريكيّ واحد يومياً يقيمون في الأرياف. وفي حين يعتاش 4 من كل 5 أشخاص من أولئك على الزراعة يبلغ مجموعهم الكلي نحو مليار شخص".