فيما هدد القضاة بالإضراب والاعتصام المفتوحين مطالب بإبقاء خيارات مصر مفتوحة لمواجهة التهديدات الإثيوبية أعلن الرئيس المصري محمد مرسي أن بلاده ستتخذ جميع الوسائل والإجراءات لحماية أمنها المائي، وقال إنه لن يقبل المساس بحصة مصر في نهر النيل، على خلفية سد النهضة الإثيوبي، بينما طالب ساسة مصريون بعدم استبعاد أي خيار في التعامل مع إثيوبيا. وقال مرسي، خلال اجتماع ضم عدداً من رؤساء أحزاب الأغلبية والمعارضة، وقادة سياسيين ومفكرين من تيارات إسلامية، لمناقشة قضية سد النهضة الإثيوبي، إن الأمر يستوجب من كافة الأطراف الوقوف صفاً واحداً (لكي نعمل على منع وقوع أي تهديد لمصر بأي شكل من الأشكال)، مؤكداً أنه لن يغض الطرف عن أية محاولة للمساس بحصة مصر من نهر النيل. وذكر أن مؤسسات الدولة تتحمل المسؤولية كاملة فيما يخص نهر النيل بدءاً من الرئيس مروراً بالحكومة والمسؤول المباشر عن ملف النيل، مشيراً إلى أن الأمن المائي جزء من المفهوم الشامل للأمن. واستطرد الرئيس قائلاً إن أهمية ملف الأمن المائي دعته لعرض الأزمة على كافة القوى السياسية بشفافية تامة. من جانبه طالب رئيس حزب النور السلفي يونس مخيون بإقالة وزير الموارد المائية والري محمد بهاء الدين، معتبراً أن أداءه في منتهى الضعف وأنه قصّر في مواجهة الأزمة، داعيا إلى مكاشفة الشعب بحقيقة الأوضاع حيال موضوع السد، قائلا إنه جزء من مخطط إسرائيلي ضد مصر. ومن جهته وصف رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين سعد الكتاتني تقرير اللجنة الثلاثية حول سد النهضة بأنه غير مطمئن، وباعث وعلى القلق، داعياً إلى وقفة من جميع المعنيين بهموم مصر وبعدم المزايدة السياسية في موضوع أمن قومي. بدروه، قال رئيس حزب الوسط الإسلامي أبو العلا ماضي إن السد الإثيوبي يمثل خطورة كبيرة على الأمن القومي تستوجب استنفارا عاما للشعب والدفاع عن المياه ولو بالقوة المسلحة، مع الارتكاز للضغط الدولي والاتفاقات الدولية ذات الصلة بنهر النيل، لافتاً إلى أن استبعاد الحل العسكري يضعف موقف مصر التفاوضي. وكان تقرير اللجنة الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي، والتي تضم عشرة أعضاء بواقع اثنين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، إلى جانب أربعة خبراء دوليين في مجال هندسة السدود والموارد المائية، قد ذكر أن هناك قصوراً شديداً في الدراسات والتصميمات المتعلقة بالسد، بالرغم من إعلان إثيوبيا أن للسد منافع كثيرة، وليست له آثار على دولتي المصب (السودان ومصر). وذكر التقرير، الذي نشرته وسائل إعلام مصرية، أن الخبراء الدوليين يقولون إن هذه الدراسات تحتاج إلى تحديث، حيث إن بعض الدراسات قديم، ويجب أن يتم تحديثها في ضوء ما هو موجود على الأرض. وأشار التقرير إلى أن السد سيسبب بعض التأثيرات البيئية والمائية، ويؤثر على الثروة السمكية مع تدهور خصوبة الأراضي الزراعية خاصة في السودان. وأوصى بضرورة وجود احتياطات إنشائية تسمح بتوفير الحد الأدنى من احتياجات المياه لدولتي المصب، وهو ما لم توضحه الدراسات المقدمة من اللجنة، موضحاً أنه (في حالة ملء الخزان في فترات الجفاف سيكون له آثار سيئة وأكثر خطرا لأنه سيقل منسوب المياه في السد العالي أقصى جنوب مصر). وفي سياق مغاير نظم مئات من القضاة وأعضاء النيابة العامة في مصر وقفة احتجاجية أمام مقر دار القضاء العالي وسط العاصمة القاهرة مساء أول أمس في تصعيد لاحتجاجهم ضد مشروع قانون جديد للسلطة القضائية تجري مناقشته حاليا في مجلس الشورى. وتقدم الوقفة أحمد الزند الذي يرأس نادي القضاة، وهو ناد اجتماعي في الأساس لكنه سعى في الفترة الأخيرة ليكون رأس الحربة في الهجوم الذي يشنه بعض القضاة على مشروع قانون السلطة القضائية، الذي يقول مقدموه إنه يمثل خطوة على طريق إصلاح القضاء الذي عانى من الفساد شأنه شأن كل قطاعات الدولة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وحمل المشاركون في الوقفة الاحتجاجية على مشروع القانون، واعتبروا أنه بمثابة مذبحة للقضاة، في إشارة إلى أن المشروع ينص على خفض سن التقاعد للقضاة من 70 إلى 60 عاما، وهو ما من شأنه أن يتسبب في إبعاد نحو 3000 قاض عبر إحالتهم للتقاعد. وانضم إلى القضاة مئات من المواطنين الذين عبروا عن تضامنهم مع مطالب القضاة، ورددوا هتافات مؤيدة لهم، في حين حاول بعضهم اقتحام البوابة الخلفية لدار القضاء العالي، مما دفع قوات الأمن التي تواجدت بكثافة للتصدي لهم. كما شارك عدد قليل من الشخصيات العامة، بينهم تهاني الجبالي التي كانت نائبة لرئيس المحكمة الدستورية العليا قبل أن تستبعد تطبيقا للدستور الجديد، وكذلك مظهر شاهين الذين كان خطيبا لمسجد عمر مكرم الواقع بميدان التحرير في فترة الثورة وما بعدها، إلى جانب الإعلامي توفيق عكاشة الذي اشتهر بانتقاده للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. وأصدر القضاة المحتجون بيانا قالوا فيه إنهم سيلجؤون إلى تعليق عملهم والاعتصام للتعبير عن الرفض لما وصفوه بتغول الدولة متمثلة في سلطتيها التنفيذية والتشريعية على السلطة القضائية وعلى القضاء واستقلاله. ودعا البيان (جموع شعب مصر بمختلف طوائفه واتجاهاته للوقوف خلف قضائه)، كما عبر عن رفضه لاحتكار فصيل سياسي بعينه، وذلك في إشارة إلى قوى التيار الإسلامي خصوصا جماعة الإخوان المسلمين التي يقول القضاة المحتجون إنها تسعى للهيمنة على سلطات الدولة بعد أن وصل أحد أعضائها إلى موقع رئاسة الجمهورية. كما خطب الزند أمام المتظاهرين، واعتبر أن هذه الوقفة الاحتجاجية تعبر عن تضامن بين الشعب والقضاة في مواجهة السلطة، وأضاف أن (قضاء مصر سينتصر على طيور الظلام الذين يريدون أخونته واستعباده، وهو أمر لن يتحقق حتى لو في الأحلام). واستخف الزند بما تردد عن مطالبة النائب العام لمجلس القضاء الأعلى برفع الحصانة عن الزند كي يتيسر استجوابه في بلاغات مقدمة ضده، وقال إنه لا يعبأ بذلك.