يتّجه الأكراد في شمال سوريا لتشكيل حكومة مستقلّة لإدارة مناطق وجودهم في شمال البلاد، فيما وصف مسؤول كردي الحكومة بأنها ستكون مؤقّتة، في وقت حذّرت فيه تركيا من أيّ توجّه انفصالي. قال سكرتير حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم إن الأزمة في سوريا لا نهاية قريبة لها في الأفق، مشيرا إلى أن هناك حاجة ملحة داخل المجتمع في غرب كردستان لتشكيل إدارة ذاتية ديمقراطية. وتعني عبارة غرب كردستان المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا، لا سيّما محافظة الحسكة (شمال شرق) وبعض مناطق حلب. وأضاف المسؤول الكردي أن الأمر هو (مشروعنا منذ عام 2007 لتأمين احتياجات النّاس)، مشدّدا على أن الحكومة ستكون مؤقتة، وأنه بمجردّ أن يكون هناك اتفاق شامل ضمن سوريا في المستقبل (عندها يمكن أن نضع حدا لهذه الإدارة). من جهته، أكّد المتحدّث باسم (مجلس الشعب لغرب كردستان) شيرزاد الأيزدي التوجّه إلى تشكيل الحكومة. وقال إن الإدارة الكردية ستكون بمثابة (حكومة محلية مؤقّتة)، وإنها ستتّخذ الإجراءات لتنظيم انتخابات في المناطق الكردية، موضحا أن التجربة ستكون (في بعض الأوجه مشابهة لتجربة إقليم كردستان)، وأكّد أن مقترحات تشكيل الحكومة وتنظيم الانتخابات تخضع للنقاش بين أطراف كردية متعددة، وأن ثمة (فكرة أن تكتب دستورا مؤقّتا حتى لا يكون هناك فراغ في المنطقة). وتتولّى مجالس محلية إدارة المناطق الكردية في شمال سوريا منذ انسحاب قوات نظام الرئيس بشار الأسد منها منتصف عام 2012. وعُدت خطّة الانسحاب من هذه المناطق تكتيكية بالنسبة للنّظام الذي يحتاج إلى هذه القوات في المعارك ضد مقاتلي المعارضة في مناطق أخرى من البلاد، وتشجيعا للأكراد على عدم الوقوف إلى جانب المعارضين بهدف الحفاظ على سلطتهم الذاتية. ويحاول الأكراد عموما تجنيب مناطقهم النزاع المستمر في سوريا منذ منتصف مارس 2011، عبر إبقائها في منأى عن مقاتلي المعارضة أو القوات النظامية. ويشكّل الأكراد ما نسبته 15% من سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة، ويتركزون في شمال البلاد. ولم يطالب أكراد سوريا علنا بدولة مستقلّة على غرار أقرانهم في شمال العراق، لكنهم يأملون منذ بدء الاحتجاجات ضد النظام السوري في الحفاظ على الصيغة الحالية بإدارة مناطقهم، والتي تعد أقرب إلى حكم ذاتي. وشهدت بعض المناطق الكردية اشتباكات بين مقاتلي اللّجان الكردية ومقاتلي المعارضة السورية الذين يرى بعضهم أن الأكراد هم أقرب إلى النّظام. وتدور منذ أيام معارك عنيفة بين الأكراد ومقاتلين ينتمون إلى جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام، المرتبطتين بتنظيم القاعدة. وأدّت الاشتباكات المتواصلة إلى سيطرة الأكراد على بلدات وقرى في محافظة الحسكة، وطرد المقاتلين من مدينة راس العين الحدودية مع تركيا. ومن جهته، حذّر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو المجموعات الكردية في سوريا من أيّ اتجاه انفصالي، ومن (العواقب الخطيرة) التي يمكن أن تنجم عن سيطرتهم على هذه المدينة.