أعلن الائتلاف الحاكم في تونس بقيادة حركة النهضة قبوله مبدئيا مبادرة الاتحاد العام للشغل والمنظمات الراعية للحوار الوطني التي تقترح استقالة الحكومة لإنهاء أزمة سياسية تعصف بالبلاد منذ اغتيال قياديين بارزين من المعارضة. وقال القيادي عامر العريض البارز بحركة النهضة "ردنا كان إيجابيا على مبادرة الاتحاد كمنطلق للحوار مع الفرقاء السياسيين". ومع أن العريض أشار إلى وجود "بعض التحفظات" فإنه أكد الاستعداد لنقاش النقاط ضمن الحوار الذي رجح أن يبدأ الثلاثاء المقبل. وتنص المبادرة على دعوة الفرقاء السياسيين إلى القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة، لتحل محل الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع مع انطلاق الحوار الوطني. وقال الاتحاد العام للشغل، الذي يتفاوض بين الحكومة الائتلافية والمعارضة، إن المبادرة الجديدة تدعو الأحزاب إلى الاتفاق على الشخصية الوطنية خلال أسبوع واحد بالتوازي مع استئناف أشغال المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان). ورد الائتلاف الحاكم في بيان "إننا نؤكد حرصنا على إنجاح الحوار من خلال التسريع بإنهاء المسار التأسيسي والتوافق حول البديل الحكومي والوصول إلى انتخابات نزيهة وشفافة في أقرب الآجال". من جانبه قال عماد الدائمي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية شريك النهضة بالائتلاف، "ردنا كان إيجابيا". وكانت حركة النهضة قالت في وقت سابق إنها ترفض تقييد مهمة المجلس الوطني التأسيسي مثلما يطلب الاتحاد، وإنها تريد تحديد صلاحيات الحكومة المقبلة وتاريخ استقالتها لتحديد تاريخ للانتخابات. أما المعارضة، فما زالت تدرس الرد النهائي على المبادرة الجديدة. يُذكر أن المسار الانتقالي تعثر منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي يوم 25 جويلية الماضي مع دعوة المعارضة لحل المجلس التأسيسي، واستقالة الحكومة المؤقتة الحالية وتشكيل حكومة كفاءات وطنية بدلا منها تتولى إدارة المرحلة والإشراف على انتخابات نزيهة. داخلية تونس تقر بفشلها في حماية البراهمي من جانب آخر، اعترف وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو بأن وزارته فشلت في حماية النائب المعارض محمد البراهمي الذي اغتيل في 25 جويلية الماضي رغم أنها تلقت في 12 من الشهر نفسه تحذيرا في هذا الشأن من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وقال الوزير أثناء جلسة مساءلة أمام المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) نقلها التلفزيون الرسمي مباشرة "أنا أعتبر هذا الاغتيال الفشل البيّن للداخلية طيلة الأشهر الستة الماضية". لكنه تدارك بالقول "صحيح فشلنا في حماية البراهمي، لكننا أحبطنا عشرات التفجيرات والاغتيالات التي كانت مبرمجة في ليلة 27 من رمضان الماضي وما بعدها". وأوضح وزير الداخلية أن إدارة الأمن الخارجي كانت تلقت إشعارا من المخابرات الأميركية باحتمال اغتيال البراهمي. وأضاف الوزير بن جدو أن الاستخبارات الأميركية أبلغت في 12 جويلية الماضي عبر رسالة باللغة الإنجليزية إدارة الأمن الخارجي بوزارة الداخلية التونسية معلومة مفادها إمكانية استهداف محمد البراهمي". وأوضح أن المدير العام للمصالح المختصة (المخابرات) وجه نسخا من رسالة سي آي إيه بعد ترجمتها إلى العربية إلى مسؤولي عدد من الإدارات الأمنية بوزارة الداخلية لإجراء ما يتعين في نطاق الاختصاص، "لكن قبل أن ينجز هؤلاء ما أنيط بعهدتهم تم اغتيال الشهيد محمد البراهمي". وأقر الوزير بوجود خطأ في التقدير وعدم سرعة في الإنجاز لدى أجهزة الأمن التي قال إنها لم تتعامل مع التحذير الأميركي معاملة خاصة. وقال بن جدو إن تحقيقا إداريا فتح لتحديد المسؤوليات في البطء في التعامل مع الإشعار بإمكانية حدوث اغتيال، لكنه نفى في الوقت نفسه مزاعم بالتواطؤ في الاغتيال داخل وزارة الداخلية.