غزت تجارة الكباش كالعادة معظم المناطق بالجزائر، فقبل عشرين يوما تقريبا من حلول عيد النحر، تحولت الطرقات و المساحات إلى سوق مفتوح على بيع الكباش، التي فاق ثمنها هذا العام كل التوقعات، فلقد تجاوزت 12 مليون للكبش الواحد في اغلب المناطق، ولا كبش لمن يذهب لسوق الكباش وفي جيبه ثلاثة ملايين دينار.. س.بوحامد اللجوء إلى تجميع كل رواتب العائلة من اجل المشاركة في شراء كبش العيد لهذه لسنة، لم يعد ممكنا وأصبح بعيد المنال لدى العديد من الأسر التي اعتادت على اللجوء إلى هذه الوسيلة من اجل استكمال تكاليف الأضحية التي ترتفع كلفتها عاما بعد اخر.. التشارك في أضحية هذا الموسم تعذر على هذه الاسر، فلقد بغات تكلفة الأضحية مستويات قياسية، لا يمكن بلوغها الا بدفع أربعة او خمسة رواتب شهرية دفعة واحدة.. فلا خروف اقل من ثلاثة ملايين دينار، وهذا واقع تعرفه كل اسواق الماشية، بل ان البعض منها لا يحتوي ابدا على كباش تباع باقل من 7 ملايين، وعليه فان العيد النحر لهذا العام سيكون فقط لمن استطاع اليه سبيلا، فالعلاء يلفح كل من يدخل سوق الماشية، و الاسباب تبقى نفسها في كل موسم، فالبيع العشوائي و المضاربة بالأسعار يقفان دوما خلف هذه النار التي تطارد الجزائريين في كل اضحى.. الاقتراض لمواجهة تكاليف الأضحية في المقابل ورغم النار التي تنشب في عبر مختلف نقاط بيع الماشية منذ ازيد من أسبوعين، الا ان هناك نسبة معتبرة من العائلات لجزائرية لا تتخلف ابدا عن موعد الأضحى، مهما ارتفعت الاسعار فان الاضحية لها مكان قار في بيوت هذه الاسر التي تعتبر هذه الأضحية فرضا مقدسا واجب التادية ولو كان عن طريق الاستدانة و للجوء الى الاقتراض لتسديد تكاليف الكبش ذو القرون للكبيرة.. ولقد أكدت لنا البعض من هذه العائلات انها تجد نفسها ملزمة بشراء الأضحية على الر غم من ارتفاعها المستمر في موسم، ففي الكثير من الأحيان تلجا لى الاقتراض من الغير من اجل استكمال تكاليفها، فالمهم هو دخول الكبش الى بيتها مهما كانت الظروف، في حين ان عائلات اخرى تلجا الى الشراء مرغمة امام غيرة الاطفال الذين ينتظرون هذه المناسبة السنوية بفارغ الصبر، فتقديم الفرحة لهم هي واجب كما تراه هذه العائلات ولو كان حمله ثقيلا، فالمهم البسمة و الفرحة في ايام العيد.. وبين التباهي و التفاخر من جهة وادخال الفرحة للاطفال من جهة اخرى، فان الجزائريين لا يتخلف اكثرهم عن الاضحية التي تعد ذو مكانة كبيرة لديهم، ولها الكثير من المميزات لا يمكن لهم الاستغناء عنها ولو كلفهم ذلك كل رواتبهم والبقاء بدون دخل او مصروف.. مصارعة الكباش تلهب الأحياء الشعبية وعيد النحر هو أيضا فرصة للعديد من الشطار من العامة من اجل كسب المزيد من الارباح، فمنهم واكثرهم الشباب يلجؤون الى اقتناء بعض الكباش التي لا تتعدى في العادة اكثر من هشرة كباش ومن ثمة عرضها في فضاء ضيق وبشكل عشوائي يكون بعيد عن اعين الراقابة، ومنهم من يفتح فناء بيته لاحتضان الكباش مقابل المال، او محله القديم المهترئ الذي لا يفتح الا في العيد امام الكباش و الحشيش من اجل جلب الدخل الذي يتفاوت على حسب المنطقة وعلى حسب ما تضمه المنطقة من اماكن منماثلة تنشط بطريفة عشوائية وما اكثرها.. وحتى الاطفال المتمدرسون يدخلون في هذه اللعبة، فمنهم من يلجا الى بيع الحشيش بعد الخروج من المدرسة، ومنهم من تدفع له بعض العائلات من اجل رعاية كباشها واخراجهم من اجل الرعي في الامامن التي تعضم بعض السهول او المساحات الخضراء.. وهذه كلها امور طبيعية مقبولة، الا ان هناك فئة اخرى تتخذ طرقا شاذة من اجل الربح السريع الملطخ بدماء الكباش قبل موعد النحر.. ولقد بدات العديد الاحياء الشعبية في احتضان مباريات المصارعة بين الكباش التي يشرف عليها هؤلاء الشباب مقابل المال، وهذا النوع من القمار الذي يستسلل كل موسم في الاحياء الشعبية، تكون في الغغالب نهايته جد بشعة خاصة بالنسبة للاضحية التي تصرف عليها العائلة كل مدخراتها وتلجا للاستذانة للظفر بكبش معتبر، وفي الاخير يقع فريسة لعصابات القمار، فيتعرض للكسر والجرح وربما للموت في حلبة المصارعة والتي فيها البقاء للاقوى.. وهناك كباش مدربة من اجل هذا النوع من المصارعة، بحيث تظهر عارية من الصوص نقترنة بقرون خشنة وطويلة تدور حول رساها استدارة يخشاها حتى الانسان، رغم ان الكبش لم يخلق للمصارعة، خاصة في هذه المناسبة الدينية العزيزة على الجزاريين بشكل كبير، الا انه ما وقع في العديد من الاحياء الشعبية في الاونة الاخيرة يظهر جليا، ان المراهقين و الشباب وحتى الاطفال تخلوا عن اجراء مباريات كرة القدم فيما بينهم كالعادة في الملاعب الجوارية، وانما تحولوا الى مشاهدين فاعلين في حلبة المصارعة بين كباش كادت تكون اضحية العيد ولكنها تحولت الى وسيلة للتسلية والقمار باسلوب مشين.. مراهقون يتبادلون فيديوهات المصارعة ولان الفايسبوك تحول إلى الوسيلة الأكثر استعمالا في وسائل الاتصال بين الجزائريين، فانه تحول أيضا الى وسيلة للدعاية للقمار بالكباش، وللتفاخر بصور الكباش من خلال بعض الشباب للكباش التي اشتروها بأثمان ملتهبة.. وهناك منهم من لجا إلى التصوير مباريات المصارعة وعرضها على اليوتوب من اجل جلب المزيد من المتتبعين لهذه المصارعة، ولقد واكب العديد من المراهقين هذه الأحداث من خلال تناقل هذه الصور و الفيديوهات، بحيث أصبح الشغل الشاغل لهم في الآونة الآخرة آخر فيديو لمباريات المصارعة بالكباش، وأكثرها عنفا بين اكبر الكباش، التي لم تبقى كباش وإنما أطلق عليها أسماء لاعبين مشهورين من اجل الإثارة وجلب الانتباه.. وبين كل هذه الأجواء المحيطة بعيد النحر فان الجزائري كالعادة يقف مشدوها أمام جنون الأسعار الذي اكتسح أسواق الماشية بشكل خطير رغم الرقابة المفروضة من مصالح التجارة و الأمن، إلا أنها تبدو غير كافية لكبح جماح مافيا الماشية..