برمجت محافظة المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي في طبعته الثامنة بالمدية، خرجات فنية إلى بعض البلديات النائية، بهدف توسيع متعة العروض المسرحية خارج المنافسة، على غرار عودة العنبر- العودة -بريكولاج -الفرطاس - تمر وجمر وسي مرتي، حيث تنقلت هذه الفرق إلى عدد من بلديات مقر الدوائر بأعمال فنية متنوعة (مونولوج وعروض مسرحية) رسمت البسمة لدرجة الضحك في نفوس شباب متعطش لمثل هذه العروض لا تخرج عن عنصر الفكاهة موضوع المهرجان. وقد ترجمها نخبة من الفنانين على خشبات الركح المسرحي، فأمتع الجمهور المدني المولع بأبي الفنون طيلة أربعة أيام، وحسب ملاحظاتنا فقد تنوع الإقبال بين الجيد والمتوسط، ومن الجنسين حسب الإمكانات المتوفرة بهذه البلديات النائية، مما دفع بمحافظة المهرجان إلى برمجة أكثر من خرجة لكل من سي المحجوب (بخرجتين) العمارية (بثلاث خرجات). المتفرجون اكتشفوا من خلالها ألوانا فنية تحاكي واقعهم المعيش وبقالب هزلي مضحك يحمل عدة دلالات وإيحاءات، تفاعل معها الجمهور المتلقي وصفق لها طويلا، خاصة أن الكل كان متلهفا ومتشوقا، وهذا ما لمسناه عند حلولنا بهذه البلديات سي المحجوب والعمارية، بني سليمان، البروافية إلخ... من وامري كانت البداية من وامري كانت بداية البداية بعرض مونولوج للممثل الفكاهي أمين موساوي حمل عنوان البريكولاج تفاعل معه الجمهور المستقبل على مدار ساعة من زمن، تناول هذه الأخير مراحل حياة الطفل في زمننا هذه منذ خروجه إلى النور حتى يصبح مسؤولا ومروره بعدة مراحل، ودخوله مختلف الأطوار الدراسية، إلى غاية تحقيق حلمه بالانتقال إلى الجامعة ومن ثم التخرج، حيث أسقط الممثل شخصيته على حال شباب اليوم.. ليتفاعل الجمهور بقوة مع المونولوج. لهفة أحفاد عمي حسان بالبروافية محطتنا الثانية كانت إلى البروافية مدينة الفنان القدير حسن الحسني، كان أبناؤها في الموعد كيف لا وهم يعشقون الفن الرابع حتى النخاع، حيث غصت دار الثقافة بالجمهور ومن كل الأعمار وبمختلف الأجناس، إذ استمتعوا طوال ساعة من الزمن بمسرحية (وزير وربي كبير) للتعاونية الثقافية بور سعيد. تمثل العرض في مشهد كوميدي بطله الفنان القدير جمال بوناب وبطريقة فكاهية هادفة ترسم مشاهد الوساطة والرشوة التي تغلبت على الكفاءة، وتجلى ذلك المشهد في وزير أمي يحلم بمسؤوليات متعددة مستعملا النفاق والتلاعب للوصول إلى المسؤولية، مشهد فيه انتقاد لاذع لتصرفات بعض الأشخاص في وقتنا الحالي الذين يستعملون مختلف الأساليب للاستيلاء على مناصب عالية على حساب المبادئ والأخلاق، تجلى ذلك في مظهر سي عمار الذي وصل به الأمر إلى حد الركوع أمام جدته وتقبيل قدميها في مشهد ساخر على الأشخاص المتعطشين للمسؤولية وحب التسلط، وكان له ذلك بعد تم اختياره وزيرا للفلاحة رغم جهله لخبايا هذا القطاع، فتغيرت طباعه ونسي حتى المقربين منه، غير أن دوام الحال من المحال، حيث تلقى (سي عمار الوزير) مكالمة من رئيس الجمهورية تخبره بأن الوزير الأول وبمعية مجلسه الوزاري قد قدموا استقالة جماعية وهو ما لم يتقبله (سي عمار) الذي كان عاشقا للمسؤولية فكانت الصدمة كبيرة.. جمهور البروافية صفق مطولا على هذا العمل المسرحي. شباب سي المحجوب يكتشفون الفن الرابع غادرنا مدينة وامري لننتقل إلى محطة ثالثة بلدية سي المحجوب التي كان لها شرف احتضان عرض مسرحي للممثل فارس سعديت القادم من مدينة الهضاب العليا سطيف. هذا الأخير وبمسرحيته التي حملت اسم (عودة العنبر) استطاع أن يشد جمهور سي المحجوب على مدار ساعة من الزمن، واستطاع بخفة دمه وتواضعه داخل القاعة وخارجها أن يكسب قلوب المئات من سكان سي المحجوب، الذين هتفوا باسمه مطولا لأنه حقا كان فارسا وبدون جواد، في ظل نقص إمكانات العمل بهذه البلدية النائية التي يعشق أبناؤها كل ما له صلة بالفن الرابع الذي حل ضيفا عندهم فكانوا ،في مستوي الحدث. إقبال واسع في العمارية محطة أخرى كانت من مدينة 3200 شهيد، استقبلنا سكانها الذين كان معظمهم من أطفال المدارس وكلهم شوق للتعرف على ما حمله لهم هذا المهرجان من عروض فكاهية، حيث كان جمهور العمارية على موعد هذه المرة مع مسرحية (سي مرتي) من إنتاج فرقة وفنون لمدينة العلمة ولاية سطيف. أحداث العرض المسرحي الشيق الذي استمر عرضه قرابة ساعة من الزمن، دارت ول ربة بيت وزوجها العاطل عن العمل المهتم بالمطالعة وكل ما له علاقة بالثقافة، في حين الزوجة تسعى جاهدة لتوفير لقمة العيش لأبنائها، وهنا يحصل صدام بين الزوجين تتخلله مشاهد مسرحية في قالب فكاهي تجاوب معه جمهور العمارية. بني سليمان نهاية الحكاية محطتنا الأخيرة كانت مدينة بني سليمان المضيافة حللنا بها ضيوفا، فكانوا كرماء معنا حملنا لهم عرضا مسرحيا لفرقة تعاونية الفوارة لولاية سطيف يحمل عنوان مسرحية (تمر وجمر) يجسد فيها شخصية السلطان وخادمه في قالب فني فيه الكثير من السخرية والتهكم، بأداء في غاية الجدية. استمتع الجمهور السليماني قرابة ساعة من الزمن، حيث خرج الكل راضيا مطالبين في الوقت ذاته بعدم تذكرهم مرة في السنة فقط.