ازدهر استهلاك الهواتف الذكية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، خاصة بين فئة الشباب، لأنها بمثابة مركز للاتصالات الهاتفية وألبوم للصور ومخزن للأغاني والموسيقى وسينما متنقلة وكمبيوتر، لكنها أيضا مستودع لتخزين المعلومات الشخصية تُسيل لعاب القراصنة والقائمين على برامج التجسس، فالهواتف الذكية قادرة على تقديم كل خدمات الاتصالات لكنها أداة تجسس مفضلة لقراصنة الأنترنت.. تعتبر الهواتف الذكية من أبرز وسائل الجريمة الإلكترونية، وفي الجزائر اتخذ هذا النوع من الإجرام اتجاها مخيفا، فحسب مصالح الأمن التي كشفت مؤخرا عن معطيات جد خطيرة، فقد تمكنت هذه الأخيرة من معالجة 380 قضية تتعلق بالجريمة الإلكترونية خلال السداسي الأولى من السنة الجارية، كما شهدت السنة الماضية 515 جريمة إلكترونية منها 126 قضية خاصة بالاستغلال غير القانوني للأداة المعلوماتية.. وحسب مايكل هانغه، وهو مدير المكتب الألماني لأمن تقنية المعلومات في مدينة بون بغرب ألمانيا، الذي قام برصد وملاحظة هجمات القراصنة على الهواتف الذكية: (إننا نلاحظ نشاطاً إجراميا تجسسيا يتم في الخفاء على الهواتف الذكية. وهو لا يتمثل فقط في قراءة البيانات ورسائل البريد الإلكتروني الموجودة فيها، بل يتعدى ذلك إلى سماع المكالمات الهاتفية ومعرفة أماكن تواجد الأشخاص الذين يتصل المستخدم بهم، فضلاً عن معرفة أرقام هواتفهم وعناوين بريدهم الإلكتروني). ورغم أن شبكة الأنترنت العالمية موجودة منذ ما يزيد عن العشرين عاماً، إلا أنها لا تزال قيد الإنشاء والتطور، لاسيما في مجال شبكة الأنترنت المتنقلة أو المحمولة. فمنذ حوالي أربع سنوات نزل إلى الأسواق جهاز آي فون، وبذلك أصبحت الهواتف الذكية تلعب دورا كبيرا في مجال شبكة الأنترنت المتنقلة. وتتوقع الرابطة الألمانية لتقنية المعلومات BITKOM أن يشهد العام 2014 زيادة في نمو مبيعات الهواتف الذكية بنحو أربعين في المائة. لكن يبقى الاستخدام الآمن لهذه الأجهزة الرقمية، التي تتمتع بقدرتها على تقديم كل خدمات الاتصالات، موضع مجازفة. وهذا هو ما يعتقده لوتار ماكيرت، نائب رئيس شركة آي بي إم في ألمانيا والمسؤول عن سلامة أجهزة الاتصالات في الشركة (قبل عشر سنوات كان الناس يستخدمون الهاتف الجوال لإجراء المكالمات الهاتفية فقط، ولكن الهاتف الجوال أصبح اليوم رفيقهم الدائم ومركز الاتصال والتحكم بالنسبة إليهم). وكلما أصبحت أجهزة الاتصال أكثر ذكاء صار لديها المزيد من (الثغرات الأمنية)، ولأن عدد أنواع الهواتف الذكية يتنامى بشكل هائل (يصبح التحدي أكبر في إيجاد التقنيات المناسبة لحمايتها)، كما يقول لوتار ماكيرت. فحماية الهواتف الذكية عملية صعبة جدا من الناحية التقنية، وذلك لملاءمتها للعمل مع العديد من أنواع الأجهزة الأخرى من خلال الفتحات الموجودة عليها كمداخل ومخارج للمعلومات الرقمية. فلهذه الأجهزة مداخل ومخارج لنقل المعلومات لا سلكيا: وهي قصيرة المدى مثل بلوتوث وشبكات تناقل المعلومات المحلية W-Lan، بالإضافة إلى شبكة جي إس إم GSM العادية، التي تعمل عليها شبكة أنترنت الهاتف النقال في كل مكان، ناهيك عن مدخل النقل التسلسلي للمعلومات الرقمية والمعروف باسم يو إس بي USB، الذي يتم ربط الهاتف الجوال من خلاله مع الكمبيوتر لتبادل المعلومات. وهذه ميزة نستطيع من خلالها استخدام شبكة الأنترنت من خلال خيارات مختلفة)، ولكن كل خيار من هذه الخيارات يمثل نقطة ضعف يمكن أن يستغلها مهاجمو شبكة الأنترنت وقراصنتها. وأكثر ما يثير اهتمام قراصنة شبكة الأنترنت ويجذب مهاجميها، هي أجهزة الهاتف الحاسوبية عالية الأداء مثل الهواتف الذكية، وذلك لأسباب عدة: فهذه الهواتف الجوالة تحتوي على بيانات ومعلومات كثيرة ذات أهمية خاصة للمستخدم، مثل رسائل البريد الإلكتروني وكلمات السر، وأرقام الهواتف والمذكرات ووثائق الأعمال، التي تمثل فريسة مغرية لجواسيس المال والأعمال والاقتصاد. وقد يتمكن مهاجمو الأنترنت وقراصنتها من تنزيل برامج التجسس الفيروسية في الهواتف الذكية. وهم يفضلونها على الكمبيوترات العادية، لأن الهواتف الذكية تكون متصلة بشكل دائم بخط الأنترنت. وبالتالي يستغل القراصنة هذه الهواتف الذكية عن طريق تنزيل برامج فيروسية ويستخدمونها رغماً عن أصحابها كمنصات لبعث رسائل إقحامية Spam أو رسائل قصيرة بشكل أوتوماتيكي ومتكرر إلى كل هواتف وإيميلات الأشخاص المرتبطين بريديا أو هاتفيا بهاتف المستخدِم. ومن خلال العدد الضخم للمعلومات المرسلة بشكل أوتوماتيكي تتضرر أيضا الكمبيوترات الخوادم، وهي الكمبيوترات المركزية التي توفر خدمة الأنترنت.