تتعرّض هوِية الجزائر والجزائريين لعدوان قذر يستهدف (سلخ) الرداء الإسلامي والعربي من على مظاهر حياتنا اليومية التي زحفت إليها سلوكات دخيلة تماما عن قيم وتقاليد وأعراف المجتمع الجزائري الذي بات عرضة لقصف تغريبي مكثّف نجح في إلحاق ضرر كبير بالهوِية الجزائرية التي تواجه خطرا حقيقيا على أكثر من صعيد في ظلّ تكالب التغريبيين والعلمانيين، وكذا التنصيريين والماسنويين ومن سار في فلكهم على الجزائر المسلمة. ليس من قبيل المبالغة الحديث عن مخطّط قذر يحاك ببراعة شديدة بهدف تسميم عقول وأجسام الجزائريين، على السواء، خاصّة منهم الشباب الذين يتعرّضون لعدوان حقيقي يقوده عليهم بارونات (الزّطلة) وغيرها من أنواع السموم من جهة و(أهل الضلال والتضليل) من مبشّرين وتغريبيين ومن سار في فلكهم من جهة ثانية. وأعادت بعض الأحداث المتلاحقة التي تمسّ الأمن الرّوحي للجزائريين إلى الواجهة الحديث عن مدى حصانة الجزائر أمام مخطّطات التبشير والإفساد الأخلاقي، فبعد أيّام من الحديث عن اكتشاف عدد غير قليل من المصاحف المحرّفة وشهور من الحديث عن شبكات التنصير السرّية التي بلغ تكالبها على الجزائريين حدّ طبع الإنجيل في الجزائر جاء الدور على الكتب شبه المدرسية التي باتت تستخدم من قِبل بعض الجهات المشبوهة بهدف الترويج لأفكار مسمومة. وفي هذا السياق كانت وزارة الشؤون الدينية قد دعت وزارة التربية إلى وجوب التحرّك الفوري لسحب القاموس المسمّى (المنجد الميسّر) الصادر عن دار نشر تقع بولاية باتنة ومنعه من التداول في الأوساط المدرسية والمؤسسات التربوية بأطوارها الثلاثة بسبب احتوائه على إساءة إلى الدين الإسلامي ونشر مفاهيم التنصير بشكل صريح، إضافة إلى أخطاء لغوية. ولحسن الحظّ فقد تعاملت وزارة التربية بالجدّية المطلوبة مع تنبيه وزارة غلام الله، فأوعزت بدورها إلى مسؤوليها الولائيين تأمرهم بالتجنّد بفعالية لسحب القاموس ومنعه نهائيا وبالمتابعة المتواصلة و(الجادّة) لتجسيد عملية السحب. وللأسف الشديد، أصبحت مثل هذه الأخطاء والخطايا أمورا عادية في بلد يُفترض أن شعبه بالكامل أو على الأقل 99 بالمائة منه يدين بالإسلام ويرفض المساس به، بغض النّظر عن مستوى التزامه وتدينه. ولم يعد غريبا أن تحجز مصالح الرقابة أحذية كتب عليها لفظ الجلالة، أمّا الملابس التي تحمل علامات الماسونية والنجمة السداسية التي ترمز لليهود، فحدث ولا حرج. مخطّط تسميم عقول وسريرة الجزائريين ينفّذ بالتوازي مع مخطّط تسميم أجسامهم وتغييب وعيهم من خلال دفعهم إلى الإدمان على المخدّرات وغيرها من الموبقات، حيث يتواصل عدوان (بارونات الزّطلة وأخواتها) على الجزائر والجزائريين، حيث تمّ حجز أكثر من 127 طنّ من القنّب الهندي خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2013، حسب ما ذكره الديوان الوطني لمكافحة المخدّرات والإدمان عليها. وبعملية حسابية بسيطة نجد أنه يتمّ حجز ما معدله 530 كيلوغرام من (الزّطلة) يوميا في الجزائر، وهو رقم خطير جدّا، خصوصا إذا علمنا بأن ما خفي أعظم، حيث لا يتمّ حجز سوى نسبة قليلة من الكمّيات الموجّهة للترويج، الأمر الذي دفع السلطات إلى الاعتراف بأن الظاهرة باتت مقلقة كثيرا. وحسب المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدّرات والإدمان عليها محمد زوغار فإنه تمّ حجز مجموع 875ر127.098 كيلوغرام من القنّب الهندي و968ر293 غرام من الكوكايين و7ر172 غرام من الهيرويين خلال الثمانية أشهر الأولى من السنة الجارية (جانفي-أوت) على المستوى الوطني. واستنادا إلى حصيلة إجمالية لمصالح مكافحة المخدّرات (جمارك ودرك وطني والمديرية العامّة للأمن الوطني) أكّد السيّد زوغار أن كمّية القنّب الهندي التي حجزت خلال الثمانية أشهر الأولى من سنة 2013 (هائلة)، واصفا إيّاها ب (الظاهرة المقلقة). وكانت كمّية القنّب الهندي التي حجزت طوال سنة 2012 قد قدّرت ب 157 طنّ. وأوضح السيّد زوغار أن المخدّرات الصلبة المحجوزة (كوكايين وهيرويين) (تقتصر على غرامات)، وأكّد أن (مجمل كمّية القنّب الهندي التي تمثّل أكبر كمّية من المخدّرات المحجوزة قادمة من البلد المجاور المغرب). الشيخ بن خليفة الشيخ عبد القادر حموية: "الجزائرأصيلة ولا ترضى إلاّ بالأصالة" حثّ الإمام عبد القادر حموية إمام مسجد بلكور بالجزائر العاصمة، على ضرورة وعي الشباب الجزائري من أجل محاربة ظاهرة الحرب على الهوِية الجزائرية التي اكتسحت البلاد في السنوات الأخيرة. وأكّد الإمام أن المشكلة الحقيقة وراء هذا الغزو الفكري لثوابت الجزائر ليس محصورا في الحجم الخارجي المعادي، بل هو كامن في الأمّة ذاتها أي (فينا نحن كشعب)، ودرجة المعاناة والدفاع عن مقوّمات الدولة، مضيفا أن الشابّ الجزائري أصبح يلبس ويأخذ دون أن يبحث عن المصدر وإن كان الشيء الذي يتلقاه يتنافى ومقوّماته الشخصية أم لا. وقال إمام مسجد بلكور إن هذا التصرّف يتنافى وشخصية الفرد لأن الإسلام يحثّ على ضرورة اكتساب شخصية وهوِية حرّة ذات ثوابت مقدّسة لا يمكن التنازل عنها، مردفا أنه في حال إذا ما تخلّى المرء عن مقوّماته ومعتقداته وثوابت وطنه فإن معنى ذلك أنه قام ببيع ذمّته وهذا مرفوض شرعا، على حدّ تعبيره، وقال إن المسلمين لابد لهم من التميّز عن غيرهم كون اللّه تعالى ميّزهم بالإسلام عن باقي البشر. وأضاف المتحدّث أن مجتمعنا لا يشعر بخطورة هذا الأمر، قائلا: (الغرب أدرك أنه لا يمكنه التغلّب على الدول الإسلامية بالقوة، لذا ارتأى أن يقوم بتعديل في الهوِية عن طريق التهويل وطريقة التفكير المضرّة بالدين). وشدّد الشيخ عبد القادر حموية في سياق حديثه على ضرورة وقوف النخبة المثقّفة في وجه هذه التيارات من خلال الوقوف والتصدّي بتنظيم لجنة قراءة ومراجعة بالنّسبة للكتب المدرسية الدينية والتاريخية والثقافية، إلى جانب دور المجتمع والإعلام بغية الحدّ من هذا التدخّل أو كما أسماه (الهجوم الغربي على معتقداتنا)، وفي ختام كلامه أكّد أنه يثق في الشعب الجزائري كون (هذه الأرض أصيلة ولا تبغي غير الأصالة).