استثمار اجتماعي: سوناطراك توقع عدة اتفاقيات تمويل ورعاية    وهران : الطبعة الأولى للمهرجان الوطني "ربيع وهران" من 1 الى 3 مايو المقبل    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    الأمم المتحدة: 500 ألف فلسطيني نزحوا من منازلهم بغزة منذ منتصف مارس الماضي    بلمهدي يعرض مشروع قانون الأوقاف    بنو صهيون يستهدفون النازحين في غزّة    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    إرهابيان يُسلّمان نفسيهما للسلطات العسكرية    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    معارك التغيير الحضاري الإيجابي في تواصل    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    سوناطراك توقّع مذكرتين بهيوستن    اجتماع بين زيتوني ورزيق    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    تواصل هبوب الرياح القوية على عدة ولايات من البلاد    نثمن عاليا هذه المبادرة التي "تجسدت بعد أن كانت مجرد فكرة    توقع نموا ب2 % للطلب العالمي سنتي 2025و2026    الجزائر قامت ب "خطوات معتبرة" في مجال مكافحة الجرائم المالية    في اختتام الطبعة ال1 لأيام "سيرتا للفيلم القصير    الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, ترأس, اجتماعا للحكومة    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    الجزائر تنتهج آليات متعدّدة لمجابهة الاتجار بالبشر    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    "خطأ شكلي" يحيل أساتذة التربية البدنية على البطالة    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    الألعاب المتوسطية 2026: تارانتو تحتضن غدا الخميس ندوة دولية لتسليط الضوء على التحضيرات الخاصة بالنسخة العشرين    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    أيام من حياة المناضل موريس أودان    سوناطراك: حشيشي يعقد اجتماعات مع كبرى الشركات الأمريكية بهيوستن    تجمع حقوقي يستنكر استمرار قوة الاحتلال المغربي في اعتقال ومحاكمة السجناء السياسيين الصحراويين بسبب الرأي    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    صادي يؤّكد ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    توقيع 8 اتّفاقيات بين الجزائر والصين    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    تأكيد على الأهمية التي تكتسيها الفتوى في حماية الهوية الوطنية    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفحات الله في أيام دهره.. 1
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 10 - 2013

(من الصفوة أقوام مذ تيقظوا ما ناموا، ومذ سلكوا ما وقفوا فهم في صعود وترق، كلما عبروا مقاما إلى مقام رأوا نقص ما كانوا فيه فاستغفروا (ابن الجوزي).
خلق الله الإنسان من ضعف، تتنازعه لواعج الهوى وبواعث الشهوات، ذلك أن الطبيعة البشرية الخطاءة تحول بينه وبين الوصول إلى المثالية والكمال المطلق، ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة متضافرة على استحالة تحول النموذج البشري الإنساني الظلوم الجهول إلى ملائكي معصوم من الخطإ مجبول على الطاعة دون جهد أو معاناة ؛ قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا} [الإسراء: 67]، وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو عليه مقيم لا يفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذُكِّرَ ذكَرَ) (رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وصححه الألباني).
وأمام هذا الضعف البشري الذي جبل عليه الإنسان وقوة نوازع الهوى كان لا بد من كسر معادلة القصر النسبي لعمر الإنسان من جهة وعداد الحسنات التي ينبغي أن يفوق عددها السيئات - من جهة أخرى - حتى تثقل موازين صاحبها يوم القيامة فيكون من الناجين، قال تعالى: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ } [الأعراف: 8، 9]، لتحقيق هذا التوازن منح الله عباده مواسم وأماكن ضاعف لهم فيها العمل الصالح وفتح لهم فيها أبواب الخير مشرعة على مصاريعها، يقبل من عاصيهم ويعفو عن مسيئهم ويمنح مستجديهم، عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات الله عز وجل فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم) (أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان، وأبو نعيم في الحلية).
ونفحات الله المشار إليها هنا: منح من خزائن رحمته يصيب بها من يشاء من عباده المؤمنين، من صادف نفحة منها سعد سعادة الأبد، قال علماء السلوك والأخلاق: التعرض للنفحات الترقب لورودها بدوام اليقظة والانتباه من سِنة الغفلة حتى إذا مرت نزلت بفِناء القلوب.
قال العلامة المناوي: ومقصود الحديث: إن لله فوائض مواهب تبدو لوامعها من فتحات أبواب خزائن الكرم والمنن في بعض الأوقات، فمن تعرض لها مع الطهارة الظاهرة والباطنة بجمع همة وحضور قلب حصل له منها دفعة واحدة ما يزيد على هذه النعم الدائرة في الأزمنة الطويلة على طول الأعمار، فإن خزائن الثواب بمقدار على طريق الجزاء، وخزائن منن النفحة لا تفرق فيما تعطي عليه، والجزاء له مقدار ووقت معلوم ووقت النفحة غير معلوم بل مبهم في الأزمنة والساعات، وإنما غُيب علمه لنداوم على الطلب بالسؤال المتداول كما في ليلة القدر وساعة الجمعة، فقصد أن نكون متعرضين له في كل وقت قياما وقعودا وعلى جنوبنا وفي وقت التصرف في أشغال الدنيا، فإن المداوم يوشك أن يوافق الوقت الذي يفتح فيه فيظفر بالعطاء الأكبر ويسعد بسعادة الأبد.
وقد شكا بعضهم إلى أستاذه طول سهره بالليل وأن السهر قد أضر به ثم قال: أخبرني بشيء أجتلب به النوم، فقال له أستاذه: يا بني إن لله نفحات في الليل والنهار تصيب القلوب المتيقظة وتخطئ بالقلوب النائمة فتعرض لتلك النفحات ففيها الخير، فقال: يا أستاذ تركتني لا أنام بالليل ولا بالنهار.
وتذاكر قوم قصر الليل عليهم فقال بعضهم: أما أنا فإن الليل يزورني قائماً ثم ينصرف قبل أن جلس، وقال علي بن بكار منذ أربعين سنة ما أحزنني شيء إلا طلوع الفجر، وقال الفضيل بن عياض: إذا غربت الشمس فرحت بدخول الظلام لخلوتي فيه بربي، فإذا طلع الفجر حزنت لدخول الناس عليّ.
وقال أبو سليمان: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا، وقال بعض العلماء: ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملّق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة، وقال بعضهم: قيام الليل والتملّق للحبيب والمناجاة للقريب في الدنيا ليس من الدنيا هو من الجنة أظهر لأهل الله تعالى في الدنيا، لا يعرفه إلا هم، ولا يجده سواهم روحاً لقلوبهم.
ذلك أن مقادير ما يظفر به المتعرض للطف الله تعالى في الأحوال والأعمال يجري مجرى الصيد وهو بحسب الرزق فقد يقل الجهد ويجل الصيد وقد يطول الجهد ويقل الحظ، والمعول وراء هذا الاجتهاد على نفحة من نفحات الرحمن فإنها توازي أعمال الثقلين، وليس فيه من اختيار العبد إلا أن يتعرض لتلك النفحة بأن يقطع عن قلبه جواذب الدنيا فإن المجذوب إلى أسفل سافلين لا ينجذب إلى أعلى عليين، وكما يقول الغزالي: كل مهموم بالدنيا فهو منجذب إليها فقطع العلائق الجاذبة هو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها) وذلك لأن تلك النفحات والجذبات لها أسباب سماوية؛ إذ قال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]، وهذا من أعلى أنواع الرزق والأمور السماوية غائبة عنا فلا ندري متى ييسر الله تعالى أسباب الرزق فما علينا إلا تفريغ المحل والانتظار لنزول الرحمة وبلوغ الكتاب أجله كالذي يصلح الأرض وينقيها من الحشيش ويبث البذر فيها وكل ذلك لا ينفعه إلا بمطر ولا يدري متى يقدر الله أسباب المطر إلا أنه يثق بفضل الله تعالى ورحمته أنه لا يخلي سنة عن مطر فكذلك لا تخلو سنة وشهر ويوم عن نفحة من النفحات فينبغي أن يكون العبد قد طهر القلب عن حشيش الشهوات، وبذر فيه بذر الإرادة والإخلاص وعرضه لمهاب رياح الرحمة، وكما يقوى انتظار الأمطار في أوقات الربيع وعند ظهور الغيم يقوى انتظار تلك النفحات في الأوقات الشريفة وعند اجتماع الهمم كما في يوم عرفة ويوم الجمعة وأيام رمضان وغيرها، فإن الهمم والأنفاس أسباب - بحكم تقدير الله تعالى - لاستدرار رحمته حتى إن الأمطار تُستدر بها في أوقات الاستسقاء، وهي لاستدرار أمطار المواهب ولطائف المعارف والعطايا من خزائن ملكوت الله أشد مناسبة منها لاستدرار قطرات الماء واستجرار الغيوم من أقطار الجبال والبحار.
... / ... يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.