يستعد الوزير الأول أحمد أويحيى، للنزول نهاية شهر سبتمبر الجاري أو مطلع شهر أكتوبر المقبل، إلى البرلمان لعرض بيان السياسة العامة للحكومة، ووضع أويحيى في أجندته عرض قانون ضبط الموازنة الذي انقطعت الحكومة عن عرضه منذ 1989 عندما دشنت البلاد مرحلة من الإنتكاس السياسي والعنف، ورأى أويحيى أن مطالب سياسيين بالإطلاع على موازنة الحكومة بات أقوى من الرد بالرفض في وقت بلغت نفقات البلاد مستويات قياسية. يبدو أن الوزير الأول أحمد أويحيى، قرر فعلا التوجه إلى نواب البرلمان لعرض حصيلة أداء حكومته على وذلك عملا بالدستور، بصفته المسؤول الأول عن تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية ومنسق عمل الحكومة، ولم تلتزم الحكومات المتعاقبة منذ بداية الألفية بنص الدستور، فرفضت عرض البيان تارة تحت مبرر أن البرنامج هو نفسه (البرنامج السياسي والإقتصادي للرئيس بوتفليقة) وتارة بمبرر أن تغيير رؤساء الحكومة والوزراء لم يبدل من البرنامج في شيء. وتلقى أويحيى، انتقادات لاذعة قبل أشهر قليلة فقط، بسبب »إحجامه« عن عرض برنامج عمل الحكومة عقب التغيير الحكومي الذي قام به رئيس الجمهورية وتم بموجبه تغيير عدة وزراء واستدعاء آخرين لمهام أخرى وتعيين لأول مرة نائبا للوزير الأول في شخص نور الدين يزيد زرهوني. وتلفت مصادر برلمانية، إلى أن أويحيى، يكون رأى أن نزوله إلى البرلمان هذا العام، الأحسن أن يرفق بقانون ضبط الموازنة، وكان هذا المشروع يعرض بانتظام على النواب خلال فترة الحزب الواحد، غير أنه تم التراجع عن هذا التقليد عشية دخول البلاد مرحلة التعددية السياسية سنة 1989، وأثار النواب في العديد من المرات الموضوع خلال مداخلاتهم لمناقشة قوانين المالية، بعد أن بلغت ميزانيات الدولة أرقاما قياسية. وقد كررت الحكومة أكثر من مرة، في السنوات القليلة القادمة، من خلال المراسلات التي وجهتها للبرلمان بغرفتيه، التزامها بتقديم مشروع القانون المذكور ضمن قائمة المشاريع القانونية التي ينتظر إحالتها على الهيئة التشريعية، لكن ذلك بقى مجرد كلام لا يترجمه الفعل السياسي، حيث تجد الحكومة اليوم نفسها ملزمة بتبرير أوجه صرف المال العمومي خلال مدة تعليق قانون ضبط الميزانية، الذي يعتبر آلية حاسمة من الآليات الرقابية التي يخولها الدستور للهيئة التشريعية. والواضح أن قرار أويحيى، بضرورة التجاوب مع البرلمان، مرتبط بسلسلة أحداث وطنية سياسية واقتصادية متتالية، وسيكون نزول أويحيى إلى البرلمان لمواجهة النواب، الثاني بعد أول خصص لعرض مخطط عمل الحكومة في ديسمبر 2008، بعيد التعديل الدستوري. لكن إذا كانت الحكومة ربما ترى في عرضها لبيان السياسة العامة أمرا غير ملزم، فإن البرلمان له نفس القدر من المسؤولية جراء التزامه الصمت عن صلاحيات خولها له الدستور ولا يريد ممارستها، وهو ما يعني أن الغرفة السفلى والعليا لا تمارس السلطة التشريعية ولا الرقابية وتكتفي فقط بالوظيفة.