انطلقت مسيرات مؤيّدي الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، في القاهرة وعدّة محافظات، عقب صلاة الجمعة أمس، تحت شعار (لا للعدالة الانتقامية)، وهي الجمعة الأولى بعد إنهاء حالة الطوارئ، وحظر التجوال الذي استمر 3 أشهر. جاءت مظاهرات أمس استجابة لدعوة من (التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب)، المسؤول عن تنظيم الاحتجاجات الداعمة لمرسي، لمطالبة القضاء المصري أن (يكف عن تمزيق ثوب العدالة النقي، ويتوقف عن حط مقامها الرفيع)، في إشارة إلى محاكمة مرسي وأنصاره بتهم التحريض على العنف والقتل. ويعتبر يوم أمس هو بداية الأسبوع الحادي والعشرين من الاحتجاجات المؤيدة لمرسي التي بدأت في 28 جوان الماضي، واليوم ال141 منذ ذلك التاريخ، وال136 منذ عزل مرسي في ال 3 من شهر جويلية الماضي. وانطلقت مسيرة من مسجد (السلام) بمدينة نصر، شرقي القاهرة، في طريقها إلى قصر الاتحادية الرئاسي، ورفع المشاركون في المسيرة إشارة (رابعة العدوية) وصور مرسي ولافتات تحمل شعارات (كلنا مصريون)، (لا للظلم والتهميش). كما انطلقت مسيرة حاشدة من مسجد (المراغي) بحي حلوان (جنوبي القاهرة)، عقب صلاة الجمعة للتنديد ب (الانقلاب العسكري)، ورفع المتظاهرون صورا لمرسي وشعار (رابعة العدوية)، كما ردّدوا هتافات منددة بما وصفوه ب (الأحكام القاسية) التي طالت معارضي (الانقلاب)، ورددوا هتافات (يا قضاة يا قضاة.. بينا وبينكم حساب اللّه)، (لا عدالة انتقامية يسقط حكم العسكرية)، وجابت المسيرة عدّة شوارع رئيسية بحلوان. وشهدت محافظة الجيزة (غرب القاهرة)، خروج مسيرات من عدة مساجد عقب صلاة الجمعة، وطافت شوارع حي الهرم، ولوحظ تراجع أعداد المتظاهرين في الهرم، على وجه الخصوص، مقارنة بمسيرات سابقة. وفسر بعض المشاركين هذا التراجع بتفضيل المتظاهرين الذهاب إلى مسيرات أخرى بالقاهرة، لدعم المتظاهرين الذين تكرر الاعتداء عليهم خلال الأسابيع الماضية، خاصة مسجد (العزيز باللّه) بحي الزيتون، القريب من قصر الاتحادية الرئاسي ومقر وزارة الدفاع. وشهدت مدينة السادس من أكتوبر،غربي القاهرة، خروج 5 مسيرات من عدة مساجد، جابت شوارع المدينة للمطالبة بعودة مرسي للحكم. وخرجت مسيرة من أنصار مرسي من منطقة السيوف (شرق الإسكندرية)، رافعين شعار (رابعة العدوية)، وصورا لمرسي مدون عليها (نعم للشرعية.. ضد الانقلاب العسكري)، وسط هتافات (يسقط يسقط حكم السيسي). في المقابل، تجمع العشرات بمحيط مسجد القائد إبراهيم (وسط الإسكندرية)، بعد صلاة الجمعة، تأييدا لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، ورفع المشاركون في الوقفة صورا للسيسي، ورددوا الهتافات المؤيدة للجيش والشرطة، وشهدت منطقة (برج العرب)، غرب، مسيرات مماثلة. وامتدت المسيرات المؤيدة لمرسي إلى مدينة السويس (شرق القاهرة)، وسط هتافات (حسبنا اللّه ونِعم الوكيل) و(مرسي هو رئيسي) بمشاركة أسر قتلى الاحتجاجات الأخيرة وذوي السجناء من أنصار مرسي. وقال مصدر أمني إنه لن يتمّ السماح للمسيرات بالوصول إلى ميدان الأربعين، وسط السويس، للحيلولة دون نشوب مواجهات مع معارضي الرئيس المعزول، حسب قوله. وشهدت محافظتا الإسماعيلية (شرقي القاهرة)، المنوفية (دلتا النيل)، وبني سويف (وسط)، والمنصورة (دلتا النيل)، كذلك مسيرات لأنصار مرسي، وردد المشاركون فيها هتافات مناهضة للسيسي والقضاء المصري، والذي يصفونه ب (المسيس)، وطالبوا بسرعة تطهيره من العناصر (الفاسدة)، على حد قولهم. وتأتي مسيرات الجمعة بعد يوم واحد من مرور 3 أشهر (الذكرى ربع السنوية) علي فض قوات الأمن اعتصام مؤيدي مرسي في ميداني (رابعة العدوية) و(نهضة مصر) بالقاهرة الكبرى يوم 14 أوت. وأعلن هاني محمود، وزير التنمية الإدارية، انتهاء حالة الطوارئ وحظر التجوال، المفروضان منذ نحو ثلاثة شهور، مع حلول مساء الخميس. وكانت الحكومة المصرية المؤقتة قد أعلنت فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال يوم 14 أوت الماضي، وهو اليوم الذي فضت فيه قوات الأمن اعتصامين لمؤيدي مرسي في ميداني (رابعة العدوية) و(نهضة مصر)، ما أسقط مئات القتلى، حسب السلطات، وفجر موجة من العنف في العديد من المحافظات المصرية. في غضون ذلك، حددت محكمة الجمالية يوم 6 فبراير المقبل موعدا للنظر في استئناف 12 طالبا صدر في حقهم حكم بالسجن 17 عاما على خلفية أحداث اقتحام مشيخة الأزهر نهاية أكتوبر الماضي. وكانت محكمة جنح الجمالية برئاسة المستشار عمر محمود قضت قبل يومين بمعاقبة 12 من طلاب جامعة الأزهر بالسجن 17 عاما وتغريمهم 64 ألف جنيه لكل منهم، لاتهامهم بمحاولة اقتحام مبنى مشيخة الأزهر، وإثارة الشغب والتعدي على موظفي وأمن المشيخة، وهو ما ينفيه الطلاب وعائلاتهم، مؤكدين أن بلطجية اعتدوا عليهم قبل أن يسلموهم لأمن المشيخة. وعلق التحالف على الأحكام الصادرة في حقّ طلاب الأزهر قائلا: (وفي فاجعة قضائية، فوجئ المجتمع المصري بأكمله بالسجن لمدة 17 عاما على طلبة أزهريين لاتهامهم بمحاولة اقتحام مشيخة الأزهر، بينما نجد أن من يقتل إنسانا بتعذيبه أو استهدافه بسلاح قاتل لا يقدم للمحاكمة). وأشار البيان إلى وقائع اعتقال الفتيات والسيّدات أثناء مشاركتهن في الفعاليات المعارضة للانقلاب وإصدار النيابة قرارات بحبسهن، وقال (إن أشد ما يؤلم النفس ومعاني الرجولة أن تجد هذه العناصر القضائية الموتورة تشارك في هجمة الانقلاب على نساء مصر وفتياتها وطالباتها، فيأمرون بحبسهن على ذمة قضايا واهية باهتة، ويجددون لهن الحبس مرة تلو الأخرى). وبعد مرور ثلاثة أشهر على فض اعتصامي (رابعة العدوية) و(النهضة) المؤيدين لمرسي يوم 14 أوت الماضي، قالت مصلحة الطب الشرعي إن عدد الضحايا الذين سقطوا في أحداث فض اعتصام رابعة بلغ 627 قتيلا، بينما بلغ عدد الضحايا منذ تلك الأحداث وحتى الأربعاء الماضي 989 قتيل. وأوضحت المصلحة في أول تقرير لها منذ فض الاعتصامين، أن مشرحة (زينهم) استقبلت 377 جثة لأشخاص قتلوا في (رابعة)، وأن مسجد الإيمان بمدينة نصر استقبل 167 جثة لضحايا فض رابعة، وأشارت إلى مقتل العشرات جراء فض اعتصام ميدان النهضة وفي أحداث رمسيس التي وقعت بعد يومين من فض الاعتصامين. مرسي يتمسّك بالشرعية ويدعو إلى استمرار التظاهر في السياق، جدد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي رفضه للانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمه، وأكد في رسالة نقلها عنه فريق الدفاع الذي التقاه في محبسه بالإسكندرية، أنه كان (مختطفا قسرا ورغما) عنه، وطالب مؤيديه بمواصلة الاحتجاجات حتى إسقاط الانقلاب وتبعاته. وقدّم مرسي في الرسالة التي أملى عناصرها على أعضاء هيئة الدفاع، الذين قاموا بصياغتها، معلومات عن مكان وجوده بعد (الانقلاب العسكري مستوفي الأركان)، وأوضح أنه نقل في الثاني من جويلية الماضي إلى مقر الحرس الجمهوري، ومنه إلى إحدى القواعد البحرية في الخامس من الشهر نفسه. كما أكد الرئيس المعزول أنه لم يلتق خلال فترة (اختطافه) سوى مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون ووفد حكماء الاتحاد الأفريقي وأربعة محققين رفض التجاوب معهم لأنه لا يعترف بشرعية المحاكمة والإجراءات التي اعتمدتها، والتي وصفها بغير الدستورية. ونفى مرسي أن يكون قد التقى أي موفد من القوات المسلحة أو ممثل لوسائل الإعلام، وقال إن ما نسب إليه بهذا الصد لا أساس له من الصحة، وأكد أن مصر لن تسترد عافيتها إلا بزوال ما ترتب عن الانقلاب ومحاسبة من أراق الدماء التي لا يملك أحد حق العفو عنها ولا يمكن معالجة أثارها سوى بالقصاص العادل، وقال إن استقرار البلاد وتحقيق المصالحة بين أبنائه يمر عبر اعتبار الانقلاب (جريمة وخيانة) ومحاسبة المسؤولين عنه. وأكّد الرئيس المعزول أنه يستمد القوة للمواصلة في الصمود من إصرار المصريين على مواصلة الاحتجاج، ودعاهم إلى الثبات على هذا الموقف، واعتبر أن حقوقه الشخصية لا تساوي شيئا أمام حقوق المواطنين، ووجّه (تحية صادقة لأبناء الشعب الذين انتفضوا ضد الانقلاب منذ لحظته الأولى)، واعتبر ما حصل بمصر في الثالث من جويلية الماضي (انقلابا عسكريا مستوفيا لجميع أركانه)، ووصف هذا الانقلاب بأنه (جريمة وخيانة لله وللرسول وللقسم وللدستور وللقائد الأعلى وللجيش المصري). ودعا مرسي إلى المصالحة، مؤكدا أن الانقلاب تسبب في فرقة داخل الشعب المصري، وأن الوضع لن يعود إلى ما كان عليه إلا بزوال هذا الانقلاب وما ترتب عليه، ومحاسبة القائمين عليه، وطالب بالقصاص العادل منهم. كما أعلنت وزارة الداخلية المصرية أنه تم نقل الرئيس المعزول محمد مرسي من محبسه بغرفة الحجز الوقائي الملحقة بمستشفى سجن برج العرب إلى زنزانة انفرادية منذ يومين وسط تكتم شديد، وقد اعتبر تحالف دعم الشرعية الإجراء عقابا لمرسي بسبب بيانه الأخير. ونسبت مواقع صحفية مصرية إلى اللواء أحمد حلمي -مساعد أول وزير الداخلية للأمن- قوله إن قطاع السجون قام بنقل مرسي -المحبوس على ذمة قضية قتل متظاهري الاتحادية- إلى زنزانة انفرادية بسجن برج العرب، بعد انتهاء مدة الحجر الصحي التي استمر فيها لمدة عشرة أيام. وقال مصدر أمني إن نقل مرسي إلى زنزانة انفرادية إجراء متبع في الحالات التي يُخشى على حياته من باقي النزلاء، على خلفية حدوث أي مشاجرات أو مشاكل مع باقي النزلاء، وإن وضعه في الحبس الانفرادي لتأمين حياته.