تعتبر الرطوبة من أكثر العوامل المسببة للأمراض المزمنة، ومن أكثر الأمراض المنتشرة في الأماكن الرطبة نجد الالتهاب الصدري وعلى رأسها الربو والزكام الحاد، بحيث تنشط هذه الأمراض وتزيد حدتها بين الأفراد الذين يقطنون في مساكن هشة تحاصرها الرطوبة من كل ناحية أو في بيوت القصدير أين يصبح للرطوبة والتلوث مكانا ثابتا على طول العام ويزداد التصاقا بمكانه ويتسع خلال فصل الشتاء.. يعرف مرض الربو انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة خصوصا لدى فئة الأطفال في الأوساط المدرسية، إذ بلغ عددهم في بعض الأحياء الملوثة أزيد من23 بالمائة من الأطفال المتمدرسين المصابين بمرض الربو، وتقل نسبتهم في الأحياء غير الملوثة إلى مايفوق 10 بالمائة، كما نجد أن الربو ينتشر لدى الأطفال في السنة الأولى أو الثانية من العمر، و50 بالمائة من هذه الحالات يمكن أن تختفي أعراضه مع مرور السنوات، إلا أنها تعود تظهر في ست سنوات وتتطور بشكل خطير. هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى انتشار المرض في بلادنا انطلاقا من التلوث البيئي والعامل الوراثي وحتى الاكتظاظ المروري وذلك نتيجة انتشار مادة المازوت التي تتسرب في الهواء والتي تلعب فيها مشتقاتها الغازية دورا في التلوث البيئي، الشيء الذي يجعل هذه الأخيرة تدخل في القصبات الهوائية والتي تؤدي إلى مشاكل خاصة لدى الأطفال الذين لديهم مشاكل تنفسية. أفادت مراجع مختصة في الأمراض الصدرية بالمركز الاستشفائي الجامعي بوهران، أن 54 بالمائة من المصابين بالربو البالغ عددهم أكثر من 4.1 مليون مصاب في الجزائر، أي ما يعادل 750 ألف شخص غير مشتركين لدى الضمان الاجتماعي، وهو ما يصعّب مهمة التكفل الأنسب بهذه الشريحة الواسعة نظرا لغلاء بعض الأدوية المستعملة لمعالجة داء الربو. وفي هذا الصدد دعا رئيس الفيدرالية الجزائرية والجمعية الولائية لمرضى الربو الدكتور محمد بن خداش إلى تكوين المصابين بالربو حول كيفية تسيير مرضهم بتجنب العوامل السلبية كالمناطق الملوثة والتدخين وكذا تطبيق العلاج المقدم من طرف الطبيب المعالج. وحسب نفس المتحدث فقد تم تسجيل حوالي 5ر1 مليون حالة إصابة بداء الربو بالجزائر استنادا إلى تقرير المنظمة العالمية للصحة لسنة 2011 منها أكثر من 40 ألف حالة بولاية مستغانم. من جهته أبرز رئيس مصلحة الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي لوهران الأستاذ برابح يحيى أن مرض الربو بالجزائر تطور من 2 إلى 6 بالمائة ما بين 1980 إلى يومنا هذا، مشيرا إلى أن للجزائر إمكانات مادية وبشرية إلى جانب هياكل استشفائية للتكفل بالمصابين بهذا الداء. وأكد على ضرورة التكفل بمرضى الربو خصوصا بالمناطق الملوثة (المناطق الصناعية) من خلال التحسيس والتربية الصحية للعائلات والمرضى مع تطبيق التوصيات الوطنية لوزارة الصحة والسكان للوصول إلى انخراط أحسن للعلاج. ولقد أظهرت دراسة ألمانية حديثة أن نشأة الأطفال الصغار في مسكن ترتفع به نسبة الرطوبة والعفن تزيد من خطر إصابتهم بالربو والزكام والتهاب الجلد العصبي، كما أن هذا الخطر يرتفع أيضا حتى لدى الأطفال الذين قضوا أول سنة من حياتهم فقط في مسكن به هذه الظروف. وأجرى الدراسة باحثون بجامعة أولم الألمانية، وقاموا بجمع معلومات من 46 ألف أسرة لديها أطفال تتراوح أعمارهم بين ثمانية و12 عاما من عشرين دولة حول العالم، وشملت المعلومات الحالة الصحية للطفل والظروف السكنية التي يعيش فيها. وإلى جانب ذلك، تم إخضاع 26 ألف طفل لاختبار حساسية وفحص عينات غبار مأخوذة من مساكنهم للتحقق من وجود حشرة العث بها. وأظهرت الدراسة وجود علاقة واضحة بين العيش في مسكن تزداد به نسبة الرطوبة، وبين ازدياد معدل الإصابة بالربو والزكام والتهاب الجلد العصبي لدى الأطفال. وتوصلت أيضا إلى أن هذا الخطر يرتفع لدى الأطفال الذين قضوا أول سنة من حياتهم فقط في مسكن به مثل هذه الظروف. وقد تبين أيضا أن الرطوبة والعفن يقعان على رأس المسببات الرئيسية لهذه الأمراض أكثر من حشرة العث الموجودة في غبار المنزل، مع العلم بأنه تم التحقق من هذه العلاقة بالنسبة لجميع الدول العشرين المشاركة تقريبا. أرضيات "بي.في.سي" ترفع خطر إصابة الطفل بالربو حذرت الرابطة الألمانية لأطباء أمراض الرئة من استعمال الأرضيات البلاستيكية المصنوعة من مادة البولي فينيل كلوريد (بي.في.سي) في غرفة الأطفال، لأن هذه المادة تزيد من خطر إصابة الأطفال بالربو. وتستند الرابطة في ذلك إلى نتائج دراسة سويدية حديثة اكتشف خلالها الباحثون ارتفاع خطر الإصابة بالربو لدى الأطفال الذين ناموا خلال الأعوام الخمسة الأولى من عمرهم في غرف تحتوي على هذا النوع من الأرضيات، وذلك بمعدل الضعف تقريبا عن غيرهم على مدار عشرة أعوام. وأوضحت أن السبب ربما يرجع إلى احتواء هذه المادة على ما يسمى (الفثالات) التي يشتبه في أنها تضرّ بالخصوبة وتحفّز الإصابة بالأمراض المزمنة كالحساسية والربو. كما أوصت الرابطة بألا تنام النساء الحوامل في غرف محتوية على هذا النوع من الأرضيات، لأنها تزيد من خطر إصابة الطفل بالربو أيضا في مراحل لاحقة من عمره.