الرقية من العين ثابتة شرعاً، والمراد بالعين مايقع على الإنسان بسبب العين، أي بسبب نظر إنسان لآخر على وجه الحسد. قال الحافظ ابن حجر: والعين نظر باستحسانٍ مَشُوبٍ بِحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر. فتح الباري .وقد اختلف العلماء في تفسير الأثر المترتب على العين، وأظهرها ما حكاه الحافظ ابن حجر، قال رحمه الله تعالى: قال المازري: زعم بعض الطبائعيين أن العائن ينبعث من عينه قوة سُمِّيَّةٌ تتصل بالمعين فيهلك أو يفسد وهو كإصابة السم من نظر الأفاعي، وأشار إلى منع الحصر في ذلك مع تجويزه، وأن الذي يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص لآخر. فتح الباري10/200. وقد وقع هذا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالرقية من العين، كما أخرج الترمذي وصححه والنسائي من طريق عبيد بن رفاعة عن أسماء بنت عميس أنها قالت: يا رسول الله إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم؟ قال: (نعم...) الحديث. وله شاهد من حديث جابر أخرجه مسلم، قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لآل حزم في الرقية، وقال لأسماء: (مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة، أتصيبهم الحاجة؟) قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم. قال: (أرقيهم) فعرضت عليه فقال: (أرقيهم) وقوله (ضارعة) أي نحيفة. وقد شرع الله تعالى الرقية للذي يصاب بالعين لما يترتب عليها من آثار سيئة وأضرار بسبب الحسد. وقد أخرج البزار من حديث جابر بسند حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس). قال الراوي: يعني بالعين. وقال النووي في الحديث إثبات القدر وصحة أمر العين وأنها قوية الضرر. شرح النووي على مسلم 14/174. وعن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رَأى في بَيْتِهَا جَارِيَةً في وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فقال: (اسْتَرْقُوا لها فإن بها النَّظْرَةَ). رواه البخاري. وأما كيفيتها: فيضع الراقي يده اليمنى على المحسود ، أو يمسح بيده اليمنى جسد المحسود، وذلك إذا كان الراقي رجلاً يرقي رجلاً أو رجلاً يرقي أحد محارمه النساء، وإلا فلا يجوز للرجل أن يمس امرأة من غير محارمه حتى لو كان من أجل الرقية، ثم يقرأ الراقي الرقية الشرعية عليه، مثل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين ويدعو بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم. ومن هذا ما رواه البخاري في صحيحه عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بيده الْيُمْنَى وَيَقُولُ:(اللهم رَبَّ الناس أَذْهِب الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا).