أثار منح الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب جائزة (نجيب محفوظ) للشاعر العراقي سعدي يوسف في الاجتماع الأخير للاتحاد الإثنين الماضي بالقاهرة برئاسة محمد سلماوي، جدلا وغضبا وتنديدا بين هيئات ومؤسسات وأدباء وشعراء ومثقفين. وانتقدت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بشدة قرار الاتحاد منح جائزته للشاعر يوسف، وذلك بعد قصيدته المثيرة للجدل (عيشة بنت الباشا) التي اعتُبرت مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وزوجته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. ودعت المنظمة الأزهر الشريف إلى التدخل والمطالبة بإلغاء القرار. وقالت المنظمة في بيان لها إن يوسف (نظم قصيدة يتطاول فيها على النبي محمد وعلى أم المؤمنين عائشة بأسلوب دنيء وعبارات مسيئة)، وتابعت أن (قرار الاتحاد خاطئ ومشجع على مثل هذه المواقف الهابطة والمسيئة التي لا تمت إلى عالم الأدب والإبداع بأي صلة). وطالبت الإيسيسكو الاتحاد الذي يرأسه محمد سلماوي بإلغاء هذا القرار (تأدبا مع مقام رسول الله وزوجته الطاهرة، واحتراما لمشاعر مئات الملايين من المسلمين في العالم). وعقد اتحاد كتاب مصر اجتماعا عاجلا، لكن الأمين العام مصطفى القاضي نفى أن يكون أثير في الاجتماع موضوع سحب الجائزة من يوسف. وكانت منظمة (شعراء بلا حدود) قد أزالت اسم الشاعر من قائمتها لأفضل مائة شاعر عربي بعد هذه القصيدة. من ناحيته قال أستاذ فقه اللغة في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة الدكتور محمود الربيعي (أعتقد أن الذي يسيء في قصائد شعرية إلى الرموز المقدسة للمسلمين أو أي أصحاب عقائد، لا يمكن أن نعدَّ كلامه شعرا، لأن الشعر طاقة روحية ومن ضمن أهدافه تعميق الحالة الوجدانية لدى الإنسان). وأضاف الربيعي (لي رأي في الجوائز كلها بما فيها جائزة نوبل.. إنها مسيسة تُعطى لاعتبارات بعضها أدبي وبعضها غير أدبي، تتزيى دائما بزي الأدب وتنفذ أغراضا وأجندات غير أدبية). وقال أستاذ الأدب والنقد بكلية آداب عين شمس الدكتور إبراهيم عوض (أنا قرأت القصيدة وهي بلا قيمة من الناحية الفنية، ويخلط فيها الكلام السوقي الذي تردده العامة في الشارع، مع مقاطع ألفها بنفسه ليس فيها فن ولا ذوق ولا خيال محلق). وحمّل عوض في حديثه الأمة الإسلامية وعلماءها وقادتها مسؤولية هذا الانفلات عند بعض الملاحدة والعلمانيين والهجوم على نبينا وعلى ديننا الحنيف. من جهته أكد مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة سابقا ماجد يوسف أن (المسألة ليس لها علاقة بجائزة اتحاد الأدباء، ونجيب محفوظ بريء من هذه الجائزة التي تحمل اسمه، وقد رفض سابقا أن تمنح الجامعة الأمريكية للروائيين جائزة تحمل اسمه). وأدان ماجد يوسف إعطاء الجائزة للشاعر سعدي يوسف حتى لو كانت الجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ، لأن (النيل من عقائدنا وكل ما درجنا على احترامه هو هدف لكل القوى المعادية للعروبة وللإسلام). وبدوره أكد أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر الدكتور محمود عباس أن اتجاهات يوسف الأيدولوجية في معظم شعره (تكشف لنا اتجاهاته الدينية والفكرية وعلاقته بالكون والحياة، فهو ينزع دائما إلى روح التمرد العاصف على واقع الحياة). وأضاف عباس أن يوسف يعتمد في شعره غالبا على أقنعة يتوارى خلفها، مرتدا إلى عهود الخرافة والأساطير، وربما ارتد في شعره إلى روح التمرد الشعوبي القديم، ذلك الفكر الحاقد والتوجه النفسي البغيض لكل ما هو عربي وإسلامي. يذكر أن سعدي يوسف شاعر ومترجم عراقي ولد في البصرة عام 1934، ويقيم في بريطانيا منذ 15 عاما، وكان قد حصل على عدة جوائز أدبية بينها جائزة سلطان العويس عام 1990 قبل أن تسحب منه لاحقا عام 2004.