"أخبار اليوم" تبحث في خبايا الطلاق وسط المجتمع الجزائري رجال القانون والدين يحذرون من تصدع المجتمع تعتبر ظاهرة الطلاق مشكلة خطيرة تؤدي إلى تفكك الأسرة وتهتك بالنسيج الاجتماعي، وما يصاحبها من مضاعفات خطيرة تتعدى حدودها كيان الأسرة، لتتحول إلى هدم المجتمع، وإن كانت هذه الظاهرة عالمية في شموليتها ولا تنطبق على المجتمعات العربية والإسلامية، بل تمس حتى الأمم الراقية والغربية، كونها عالمية في حدوثها ولا تخضع للزمان والمكان، بل هي قديمة وحديثة في الوقت ذاته، والجزائر واحدة من المجتمعات التي تفشت فيه هذه الظاهرة، ولعل الأرقام التالية تبين ذلك، حيث تحفل محاكمها بقضايا الطلاق بشكل يومي، ففي تقرير لوزارة العدل الجزائرية يكشف عن تزايد نسبة حالات الطّلاق في الجزائر خصوصًا في السّنوات الأخيرة، حيث قدّرت حالات الطّلاق في سنة 2010 بحوالي50 ألف حالة، منها 5628 حالة خلع و 24658 حالة طلاق بإرادة فردية من الرّجل، بينما حالات الطّلاق بالتّراضي قدّرت ب 144118 حالة، وهي أرقام مخيفة لم تشهدها الجزائر من قبل، كما سجّل في سنة 2008 قرابة 39383 حالة طلاق، وفي سنة 2004 حوالي 30 ألف حالة بين طلاق بالتّراضي والخلع. ولعل الأرقام الحديثة تجعل المستمع أو القارئ لها يندهش، كونها لا تبعث على الارتياح نظرا لكثرة القضايا التي تفصل فيها المحاكم، وأخرى بعيدة عن العدالة.. إعداد: ت. كريم الطلاق .. كلمة باتت تتكرر كثيرا في المجتمع مؤخرا، وصرنا نسمع عن العديد من الحالات التي تزوجت وانتهت بالطلاق، وهو ما تعكسه أرقام بعض الإحصائيات عنه، أين تكشف عن ارتفاع نسبته في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن تعنت بعض الأزواج والزوجات وراء حدوث هذه الظاهرة، فهم لا يدركون قيمة نعمة الزواج التي أنعم الله بها عليهم، ولا يحققون بينهم معاني المودة والرحمة. ولعدم فهم كل من الزوج والزوجة حقوقهما يقع الطلاق، وعدم التوافق النفسي في العلاقة الخاصة بين الزوجين يجعلها غير متزنة!! بل تؤدي إلى إحباط أحدهما أو كليهما. والطلاق، هو عبارة عن إنهاء عقد بين شريكين دون إهانة أو إذلال ودون تعد على حقوق أحد الشريكين، فإنهاء العقد في حالة الطلاق أصبح أولى لعدم التمكن من الاستمرارية، وقد ضيق الله فرص الطلاق بترك فترة للتروي والتفكير وتقوى الله.. قال تعالى ((يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا * فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلك ما يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا)). وحيث جعل الله سبحانه وتعالى الطلاق في يد الرجل لأن الرجل أقل انفعالا ولأنه أقل عاطفة فهو عقلاني أكثر من كونه عاطفيا .. وفي هذا الشأن فإن الإسلام يقول إنه لا يجوز أن يطلق الرجل المرأة إلا لسبب شرعي، وإذا طلقها دون سبب فيجب عليه أن يدفع لها تعويضا في مقابل هذا الطلاق، وذلك للأضرار التي ألحقها بها، وهذا ما نسميه الطلاق التعسفي. وهناك عدة نماذج من الطلاق التعسفي، فقد يكون تعدد الزوجات سببا في تطليق إحداهن لأتفه الأسباب بسبب الغيرة أو الخلاف في معاملة إحداهن، فهذه مخالفة شرعية يجب أن ينتبه لها الزوج، وبعض الرجال يظلم زوجته ويسيء معاملتها، فتعتبر ذلك احتقارا لها وتهوينا بشأنها، وما يعلم مثل هؤلاء الأزواج أن حق الزوجة على زوجها كحقه عليها. يحق لها أن تكون محترمة ومقدرة من طرف زوجها حتى تشعر بإنسانيتها وشخصيتها داخل الأسرة، كذلك فارق السن يعتبر سببا من أسباب الطلاق، فإحساس المرأة أنها تصغر زوجها كثيرا يشعرها بالفخر وبحب التكبر عليه، ما يتولد من مشاكل تعتبر تافهة تنهي علاقتهما الزوجية بالانفصال. هذه الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق وهي في معظمها ترجع إلى الوازع الديني والبعد عن الأخلاق الفاضلة والتعاون في الحقوق والواجبات، أو تعود إلى الخروج عن بعض أعراف وعادات المجتمع الإسلامي. من الطبيعي أن تكون هناك علاقة بين ارتفاع نسبة الطلاق وبين التغييرات الاجتماعية التي تتسارع في المجتمع، غير أن ما يستدعي الانتباه أكثر هو حدوث الطلاق لأسباب بسيطة وتافهة في كثير من الأحيان، وعدم الاكتراث لظاهرة الطلاق في المجتمع سواء عند الرجل أو عند المرأة، إذ أصبحت المحاكم تعج بقضايا الطلاق بعد فترة وجيزة من الزواج. من ميثاق غليظ إلى ارتباط قابل للتفكك في أي لحظة وكأن ما كان ميثاقا غليظا أصبح مجرد ارتباط تافه يمكن أن يفك في أي لحظة بعد فترة وجيزة من الزواج، فقد سمعنا عن طلاق في الأسبوع الأول من الزواج بسبب إخفاء الزوجة بعض الأسرار المتعلقة بحياتها قبل الزواج، وآخر بسبب ارتداء الحجاب أو النقاب أو بسبب اكتشاف الرجل عدم عذرية المرأة، ومع اكتشاف أحدهما عدم قدرة الآخر على الإنجاب، فالطلاق لم يعد ذلك الأمر النادر والغريب في مجتمعنا، فقد انتشر بشكل كبير جداً، وأصبح هناك الكثير من حالات الطلاق لفتيات صغيرات. إن المرأة التي تتعرض للطلاق لأتفه الأسباب لا تأبه في البداية ولا تشعر بمحنتها، لاعتقادها بأن القانون سيتكفل بجميع حقوقها، لكن وبمجرد أن تدخل في مشاكل لا نهاية لها تدرك حجم المشكلة التي تتخبط فيها، قد تتسرع المرأة في قراراتها وتقودها في ذلك عواطفها لا عقلها، فكلما أحست بالضيق أو جرحت مشاعرها من قبل زوجها أو كرهت الرجل لسبب أو لآخر، لا تفكر إلا في الطلاق، لذلك أصبح يشهد قسم شؤون الأسرة في المحاكم نزاعات مستمرة بين الأزواج متعلقة بالطلاق، وعند الاستفسار عن السبب نجده أتفه ما يكون، والواقع يقول إن هناك أسبابا تافهة وأسبابا جدية. فهل من المعقول أن تنتهي شراكة بين طرفين وصفها الله عز وجل بالميثاق الغليظ، لسبب تافه، وحسب التجربة الميدانية أظهرت أن جل الحالات تحدث في الحالات المتسرعة بالزواج، دون الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يدعم ترابط الزوجين، أو البحث عن العوامل التي تجمعهم من إحساس وتفاهم وحالات عاطفية لها علاقة تساهم في تمتين الرابطة الزوجية، ولا شك أن الأمور التي تبنى على المظاهر والحسابات الشخصية، كالجمال، المال، شهادة علمية، المكانة الاجتماعية.. غيرها وتكون بعيدة كل البعد عن الناحية التي تتعلق بالعواطف والثقة بين الطرفين .. فإن العلاقة الزوجية لا يمكن لها في أي حال من الأحوال أن تستمر في أوضاع قد تكون سببا في تغيير نظرة طرف على حساب طرف آخر، فالشيء الوحيد الذي يجب أن يجمع بين الرجل والمرأة لبناء الأسرة هو ترسيم هدف واحد معزز بالثقة والحب والترابط المتين، دون أن تكون علاقتهما مبنية عل الغريزة الطبيعية التي قد لا تؤدي وظيفتها على أحسن ما يرام نتيجة سبب ما، وبالتالي يجد أحد الطرفين أمام وضعية لم يحسب لها حساب في بداية الأمر، تلك هي المعضلة الحقيقية التي تهدد الأسرة في بدايتها، كما أن إصابة أحدهما بمرض ما أو بالعقم قد يكون سببا مباشرا وفي كثير من الحالات التي تنتهي بالطلاق، أو بالزواج للمرة الثانية، دون استشارة الأولى. كل هذه الأسباب لها موقع جدي في البنية الاجتماعية. تعددت الأسباب والنتيجة واحدة توجد عدة أسباب لظاهرة الطلاق في المجتمع ومن بينها، غياب الالتزامات التربوية والمادية تجاه الأولاد وبصفة خاصة من الآباء وعدم توفير الحياة المعيشية المناسبة، وكذلك تشكل مشكلة عدم الإنجاب سبباً قوياً للطلاق، حيث أن كثيرا من الأزواج يكونوا قد اتفقوا على الإنجاب قبل الزواج وبعضهم الآخر اتفقوا مسبقا على عدد الأولاد، إلا أن بعضهم أخلوا بالاتفاق وخاصة النساء منهم، حيث أن ظروف الحياة الزوجية اعترضتها بعض المتغيرات مثل عدم تحمل الزوج المسؤولية، وجود الخدم وتدخلهم في تربية الأولاد أهم العوامل البارزة في أسباب الطلاق سواء التي تحدث من الخادمة أو من الزوجة، حيث يحتل سلوك الخدم الترتيب الأول من المشكلات ويلي ذلك تكاسل الزوجة عن أداء الواجب المنزلي والعائلي، طريقة الزواج نفسها حيث تبين أن بعض الزوجات تتمعن طريق الأهل وذلك عن طريق المعرفة الشخصية عن طريق القرابة بطرق مختلفة مثل الجيران والعمل والخاطبة وتبين أن الموافقة تكون من أهل الطرفين ويكون زواجهما إجباريا). وتبين أن الزواج عن طريق الأهل والأقارب يسبب الكثير من المشكلات حيث يعول كل من طرفي الزواج الثقة على اختيار الأهل وبالتالي لا تترك فرصة للطرفين للتعارف واكتشاف كل منهما شخصية الآخر، كما أن عدم اختيار الشخص لقرينته أو إذا فرضت عليه فرضا لاهتمامات عشائرية أو اجتماعية أو غيرها في حالات تحكمها العادات والتقاليد وتجني على الأسرة الطلاق والانفصال، وأحيانا يتدخل الوالد في اختيار زوجة لابنه لاعتبارات معينة، في الوقت الذي يرفض ابنه ذلك الأمر، فيحدث انفصام الرابطة الزوجية في وقت قصير جدا، كما أنه من أسباب حالات الطلاق وجود زوجات أخريات في العصمة، وأفصحت منهن أن تردد الزوج على الزوجة الأخرى أكثر من الزوجة الثانية كان دافعا (قويا) لطلب الطلاق، وتبين أيضا أن من أسباب الطلاق انعدام الحوار والتفاهم بين الزوجين حيث أن الحوار قد ينتهي بالضرب والشتم والسب والخصام وكثير غيرها، أما بالنسبة لأسباب الطلاق عند المرأة خصوصا فعدم القناعة بمفهوم الزواج وعدم النظرة الشرعية مع ضعف الدين كالصلاة، الحجاب الشرعي، سوء الخلق مثل كثرة الكلام، الجدال، رفع الصوت.. الغيرة الزائدة..عدم العناية بجمال البيت.. عدم العناية بالجمال في اللباس..التقصير في العناية بالأطفال..كثرة الخروج من المنزل..موافقة صديقاتها في كل شيء.. كثرة المطالبة بالكماليات والأمور المالية.. عدم الصب على: (قلة الوضع المالي، الوضع الصحي، الوضع الوظيفي...) إغفال الإشباع العاطفي لدى الزوج..إفشاء الأسرار إلى خارج المنزل.. معصية الزوج وجحود نعمه..الفارق الكبير في العمر والحالة المادية.. طلب الكمال في الزوج..وغيرها الكثير. الطلاق أصبح ظاهرة كونية وعالمية لم تعد هذه الظاهرة مسألة إقليمية أو تخص مجتمعا ما أو دولة ما أو عشرية ما، بل أخذت بعدا كونيا وبعدا تاريخيا تعود إلى الأزمنة الغابرة، باتت الظاهرة تشهد تزايدًا مستمرا في المجتمع الجزائري وهذا التزايد لا محال سيؤثّر على استقرار الأسرة الجزائرية وبالتالي على بنية المجتمع المحلّي الجزائري، وفي هذا الصّدد يقول أستاذ في القانون: (بأنّ الطّلاق بالرّغم من أنّه مشكلة لها طابع الخصوصية إلّا أنّ تأثيره يتعدّ بالفرد ليشمل المجتمع ككل، فأطراف العلاقة المتضرّرون من الطّلاق يلحقهم الأذى النفسي والمعنوي لفترات طويلة ممّا يترتّب عليه خلل في التركيبة الشخصية لبعض أفراد المجتمع، لهذا يجب معالجتها في أقرب وقت وبأي وسيلة ومعرفة الأسباب التي أدّت لحدوثها بشكل متزايد، ومحاولة منّا معرفة العوامل التي أدّت إلى تزايد هذه الظاهرة في مجتمعنا قمنا بإجراء عدّة مقابلات مع رجال القانون وبعض علماء الاجتماع وسيكولوجيين وحتّى شيوخ الدّين، عرضوا الأسباب كل حسب تخصّصه لكنّهم أجمعوا على ضرورة الاهتمام بهاته المشكلة. ويقول أستاذ القانون وهو محامٍ لدى الهيئات القضائية المحلية والوطنية بأنه كثيرًا ما تتبّع حالات الطّلاق، فأقرّ بأنّ غالبيتها تنبثق عن سوء تفاهم أو عن أسباب تافهة، وتعكس الظاهرة حسبه لا مسؤولية أحد الزّوجين أوكلاهما معًا. ويعتبر الانفصال المتزايد للعلاقات الزوجية في الجزائر إلى بنية شباب الجيل الجديد والسّرعة القياسية التي يتمّ فيها الزّواج رغم المعرفة السّطحية لكل طرف بالآخر، ويضيف بأنّ الزّواج في الجزائر يحفل بتناقضات وصراعات عديدة بين الطّرفين، وعادة ما تنقصهم الكثير من الجدية إمّا لصغر سنّهما أو لاعتقادهما بأنّ مشروع الزّواج هو مجرّد محطّة حياتية إجبارية ينبغي المرور بها كما فعل الجميع. وترجع ظاهرة الطّلاق حسب هذا الخبير السّيكولوجي إلى أسباب أخرى تتعلّق بما أنتجته الاستقلالية المالية للمرأة المتزوّجة في الجزائر، وهو ما شكّل حسبه عاملًا مشجّعًا على الاستقلال الذاتي الذي يؤدّي إلى عدم التّواصل الزّوجي وبالتّالي الانفصال. لذا فإن أسباب اجتماعية لها علاقة وطيدة بالناحية الاجتماعية بالدرجة الأولى هي غالبا ما تكون من مسببات الطلاق بين الزوجين، ويعود ذلك لعدم تحمل أحدهما أو كلاهما، ما يحيطهم من منغصات اجتماعية وأسرية، فينتهي الحال بالانفصال، وإن كان ذلك لا يجب أن يكون الحل الأوحد لمعالجة القضية، بل يجب أن يكون ذلك بمثابة الحل الوحيد لكلا الطرفين لكي يجد أحدهما ضالته التي لم يجدها عند الطرف الآخر، وهذا ما يجب التركيز عليه، وأيضا ما تعمل عليه الجهات القضائية، كالوساطة قبل النطق بشرعية الانفصال وفق ما يسمح به القانون الجزائري في الأحوال الشخصية. والصلح خير.. أئمة الدّين لهم رؤية مغايرة لمسألة الطّلاق، فهم يرون بأنّ تزايد الظاهرة يعود لغياب الوازع الدّيني وقلّة الوعي بأحكام الزّواج وقدسية العلاقة، وهذا راجع للتنشئة غير السّليمة للفرد، فالآباء حسبهم لا يعلّمون أبنائهم المبادئ والقيم الأخلاقية التي أمرنا بها الدّين الحنيف والتي تجعلهم أكثر حكمة في مواجهة مشاكلهم الزّوجية. وبالتّالي نلاحظ بأنّ لكل طرف نظرته لقضية الطّلاق من حيث أسبابها، إلا أن هناك عوامل أخرى لا تقلّ أهمية عن التي ذُكرت سابقًا تجعل من الطّلاق ظاهرة واسعة الانتشار في المجتمع الجزائري. فمهما كانت الأسباب معقدة في شكلها ومضمونها حسب نظرة كل طرف إلى ذلك، فإنها تبقى غير مجسدة واقعيا، أي أن أغلب الأسباب تكمن وراء الخلافات الزوجية، سواء مصدرها الجانب الانفعالي، المادي أو حتى ما له علاقة بالعادات والتقاليد التي تتحكم في أسرة أحد الطرفين، وعليه فإن الحكمة بين الزوجين مطلوبة قصد استيعاب المعضلة المطروحة ومحاولة فهم مصدرها، التي تتطلب أحيانا التغاضي عنها كونها لاتخدم الأسرة أو حتى لا تخدم أحد الطرفين، وهذه هي الحياة، فأحيانا تبتسم الحياة للزوج تارة وللزوجة تارة أخرى، لكن بالتفاهم والتعقل والعمل المشترك قد تبتسم الحياة لكليهما في آن واحد، مما يجعل الأسرة تعيش أوقاتا من الاستقرار والرفاهية الاجتماعية. وعود كاذبة.. فواقع مقلوب، فطلاق محتوم ولرجال القانون نظرة في هذا النوع من الطلاق، حيث أفادنا محامي لدى مجلس قضاء بجاية، بالقول (إن القانون لا ينظر إلى أسباب الطلاق إن كانت جدية أم لا، فالطلاق في نظر المشرّع الجزائري مستوحى من الشريعة الإسلامية في تقنين فك الرابطة الزوجية، أما عن دواعي الطلاق فلا يهم إن كانت منطقية أم لا، فالأمر لا يعدو أن يكون مسألة تنظيمية لحقوق شخص تتغير حالته المدنية من متزوج أو متزوجة إلى مطلق أو مطلقة لا أكثر ولا أقل). كما علق زميل له على هذا النوع من الطلاق معتبرا أن المشرّع الجزائري لم يحدد أسبابا تافهة وغير تافهة للطلاق، لذلك يوجد نوعان من الطلاق: الطلاق بعصمة الرجل والتطليق بيد المرأة. والتطليق نص عليه قانون الأسرة، وهناك الخلع الذي نصت عليه المادة 54 من قانون الأسرة ويكون بعصمة المرأة، والسبب الرئيسي يرجع لعقلية الرجل ومدى تحمله أعباء الزوجة، بحكم أنه بيده العصمة، فهو الملام في هذه القضية، كذلك يعتبر الطرف الثاني أي المرأة ملاما على حدوث الطلاق. وأشار ذات المتحدث إلى أن المشرّع لم يحدد الأسباب، فبمجرد أن يطلب الزوج الطلاق ويتمسك به تحكم المحكمة بالطلاق. وهناك الطلاق التعسفي من دون أي سبب، فبمجرد أن يطلب الرجل الطلاق فالمحكمة تسير في القضية، في حين أن التطليق هناك عدة حالات، كالهجر في المضجع لمدة تفوق أربعة أشهر، أو الغياب لمدة تفوق سنة، وكل ضرر معتبر شرعا، هذه النقطة تبقى مفتوحة، ذلك الضرر يعتبر سببا من أسباب طلب التطليق، وهنا الإشكال يرجع للمحكمة، فهي التي تقدر الضرر، هل هو حقيقة ضرر أم تعتبره كذلك. وتوجد أسباب أخرى للطلاق لا يباح بها، وتعتبر أسبابا خفية بين الزوجين. والذي حدث من أمور تافهة للطلاق هو بُعد الوازع الديني بلا شك، نقصد ديننا الحنيف في ترتيب بيت المسلم وحياته الشخصية. السبب الرئيسي أن كل زوج وزوجة يعتقد أنه هو الأصح، وكلاهما لا يحترم الرأي الآخر، بالإضافة إلى أن الوازع الديني ضعيف، أي أن الزواج لا يحترم المناهج الدينية الصحيحة التي تجعل العلاقة بين الزوجين متينة ومتماسكة. وقد وضعت الشريعة الإسلامية الطلاق بيد الرجل، ومسألة الطلاق ليست مواجهة بين الزوج والزوجة، وإنما أصلها في أكثر الحالات الكذب، عندما تصطدم الزوجة بواقع الزوج والعكس صحيح، فأكثر الزيجات تبنى على وعود كاذبة بين الشباب وتتطور بعد الزواج وتصبح بين زوج وزوجة... وفي الختام، نقول إن الطلاق حالة اجتماعية تنشأ عند فشل الزوجين في الانسجام والتفاه، وعدم إمكانية التعايش تحت سقف واحد، ولعل غياب دور المجتمع والعائلة وغياب دور الأسرة الجزائرية في التوجيه والمتابعة في حالة الزواج المبكر أن الزواج الحديث، خاصة إذا تعلق الأمر بين شاب وشابة دون الثلاثين سنة فهم يحتاجون إلى رعاية من الجميع، وإحاطتهم بالمساندة المعنوية والاجتماعية في كل النواحي، فبناء أسرة حديثة في زمن العولمة ليس بالأمر الهين، بل يتطلب محفزات عديدة تكون لهم العماد في سعيهم لتحقيق ما تم التهديف إليه منذ البداية، وهو إنشاء أسرة صغيرة يجمعها الحب والتفاهم والانسجام، والحياة الزوجية غالبا ما تكون متبوعة بعقبات ومشاكل قد لم تكن في الحسبان، وهناك نوع من المشاكل مرتبطة ارتباطا بالحياة الزوجية، لكن الخصوصية تحتم علينا الإشارة إليها معنويا فقط، ونبين في هذا التحقيق أن الخلافات العائلية تأتي في مقدمة الأسباب، ثم يليه عدم التفاهم بين الشريكين، وأحيانا تعنت أحد الأطرف لسبب ما، ونترك للقراء الحكم.