تحتلّ الجزائر مراتب متأخّرة جدّا في مجال الاقتصاد والتنمية بسبب ضعف قاعدتها الصناعية، ورغم ذلك تتواجد الجزائر في المرتبة ال 13 بين أكبر الدول التي لديها احتياطيا من العملات الأجنبية في العالم، كما أنها تمتلك موارد طبيعية هائلة ذلك أساسا من النفط والغاز لهذا صنّفت كدولة غنية، لكنها متخلّفة اقتصاديا، وهذا ما أكّدته مجلّة (الإيكونوميست) البريطانية في تقرير صادر حدث عنها أن (الجزائر دولة غنية وشعبها فقير). اعتمدت المجلّة البريطانية في تقريرها على السياسة المنتهجة والقدرة الشرائية وحقوق الإنسان والحرّيات العامّة والعدالة الاجتماعية وإشارة أن عدد سكان الجزائر يبلغ حوالي 38 مليون نسمة وهم يعيشون في إحباط تام وفقدان للأمل وحالة انعدام الثقة. وكان محافظ البنك المركزي محمد لكصاسى أعلن مؤخّرا حسب نفس المجلّة أن مستوى احتياطي الجزائر من العملة الصعبة بلغ نحو 190 مليار دولار بنهاية النّصف الأوّل من العام الماضي. ويقول تقرير (الإيكونوميست) إن الجهود الحكومية تتعثر لتنويع مصادر الاقتصاد بعيدًا عن النفط وألغاز حيث يصل معدل البطالة في الجزائر إلى 40 بالمائة، بينما يفضّل الكثير من الطلاب وعددهم حوالي 1.5 مليون عندما يتخرّجون للعمل في المجال الذي تمّ تدريبهم لأجله بينما تستورد الجزائر جميع السلع الأساسية تقريبا. يذكر التقرير أن جملة (أريد أن أغادر) هو الردّ المعتاد على الأسئلة حول خطط للمستقبل من الشباب الجزائري الذي يحمل أفكارًا حديثة في مختلف الأماكن في البلاد. وعرّج تقرير المجلّة البريطانية إلى تصريح الخبير النفطي ووزير الطاقة والمناجم الأسبق نور الدين آيت الحسين الذي قالت إنه قد دعا الحكومة إلى ضرورة خفض إنتاجها النفطي الحالي حفاظا على حقّ الأجيال القادمة من هذه الثروة غير المتجدّدة، موضّحًا أن زيادة وتيرة الإنتاج التي انتهجتها الجزائر منذ العام 2000 ستعجل بانهيار إنتاج حقول النفط والغاز. وكشف وزير الطاقة الأسبق أن الجزائر استهلكت منذ استقلالها ثلثي احتياطاتها القابلة للاستغلال من النفط الخام ونصف احتياطات الغاز الطبيعي. وأشارت المجلّة في تحليلها إلى صدور مذكّرة توقيف دولية بحق وزير الطاقة الجزائري الأسبق شكيب خليل بعد الكشف عن فضائح فساد في شركة سوناطراك الوطنية للنفط والغاز في جانفي 2010 وفي 10 فيفري الماضي فتحت النيابة العامّة في الجزائر العاصمة قضية (سوناطراك 2) عندما أمرت بإجراء تحقيق حول فساد محتمل شاب عقودًا بين مجموعة إينى الإيطالية وسوناطراك يسود اعتقاد بأن شكيب خليل متورط فيه إلا أنه لم يلقى القبض عليه ولم يخضع لأي تحقيق مما يجعل السلطة في الجزائر تسير في غموض تلم حول هذا الموضوع. صندوق النقد الدولي يشيد باقتصاد الجزائر في شقّ آخر، أشاد مجلس إدارة صندوق النقد الدولي أوّل أمس الثلاثاء بالأداءات الاقتصادية الجيّدة للجزائر، مؤكّدا أن الوضعية المالية الخارجية للبلاد التي تبقى قوية) بدأت تتضاعف. وفي بيانه الذي نشر أوّل أمس عقب اجتماع مجلس إدارته في إطار التقييم السنوي للاقتصاد في الجزائر أشاد صندوق النقد الدولي بالأداءات الاقتصادية الجيدة للبلاد، لا سيّما (انخفاض التضخم ونسبة البطالة والتباينات). وأكّدت مؤسسة (بروتن وودز) أن الأداءات الاقتصادية التي حقّقتها الجزائر خلال 2013 تعدّ (مرضية)، حيث سجّل التضخّم (تباطؤا هامّا) بفضل تعزيز الميزانية وسياسة نقدية حذرة. وبالمقابل، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن فائض الحساب الجاري سجّل انخفاضا ب 1.1 بالمائة من الناتج الداخلي الخام خلال 2013 جرّاء تراجع أسعار البترول وارتفاع الاستهلاك الداخلي للطاقة، ممّا أثّر على تصدير المحروقات، في حين تبقى الواردات مرتفعة بشكل عام. واعتبر صندوق النقد الدولي أن ضعف التنافسية والإنتاجية أثّرا أيضا على النمو الاقتصادي الذي يبقى دون القدرات والمستوى المطلوب لتخفيض نسبة البطالة بشكل ملموس، لا سيّما لدى الشباب والنّساء. وفي هذا الصدد، شجّع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي الجزائر على اتّخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلّي والمالي وضمان وفرة الميزانية على المدى الطويل وتعزيز النمو خارج المحروقات في القطاع الخاص الذي يضمن مناصب الشغل.