السَّاحِرُ ضرَرُه محضٌ على المجتَمع، وأفعالُه ظُلماتٌ متراكِبة، أوقَع أفرادًا من المجتَمع في الشِّرك، وأحلَّ بهم الخُطوبَ، فكم بيتٍ سعيدٍ دمّروه! وكم زوجين فرَّقوا بينهما! وكم من معافًى سلبوه عافيته! وكم من إنسان حمَّلوه من الدُّيون ما لا يطيق! والسحر له تأثير لكن بقدرة الله، فمنه ما يُمرض، ومنه ما يَقْتُل، ومنه ما يدخل عقل الرَّجل أو المرأة، ومنه التفريق بين الزوجين، وغير ذلك من أضرارهم، ولكنَّ المسلمَ واثقٌ بربه معتمدٌ عليه، في قلبه يقين جازم أنَّ ما شاء الله كان، وما لَم يشأ لم يكن؛ قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102]. أيُّها المسلمون: الساحر له علامات، ومن أهمِّ ما ينبغي أنْ يُعرفَ به المنحرف - سواء كان ساحرًا أم غيره - هو الدِّين والسَّمت، فالغالب في السَّحرة أنَّهم لا يصلّون ولا يصومون ولا يزكُّون، ومن يُصلي منهم، فإنَّما يصلي صلاة ظاهرية، ولا يحضرون الجماعات، ويظهر عليهم الفِسْق، وعندما تتأمل في وجوههم، ترى الشر فيها. وسؤالُ المريضِ عن اسمه واسم أمِّه من علامات السَّاحر، وطَلَبُ أَثَرٍ من آثار المريض كالملابس أو غيرها، أو طَلَبُ حيوانٍ بصفات مُعينة من علامات السَّاحر. ومن علاماته: كتابةُ رقًى غير مفهومة، أو مخلوطة ببعض الآيات، (وقد سُئِلَ الإمام مالك - رحمه الله - عن الرُّقى التي فيها أسماء مجهولة، قال: وما يدريك لعلها كفر؟!). والساحر من أعماله إعطاء المريض حجابًا يحتوي على مربعات بداخلها حروف أو أرقام، وأمره المريض بأنْ يعتزل الناس فترة مُعينة في غرفة لا تدخلها الشَّمس، وأحيانًا يأمره ألاّ يمسّ الماء لمدة معينة، أو يعطيه أشياء يدفنها في الأرض، أو أوراقًا يحرقها ويتبخر بها، وأحيانًا يخبر السَّاحر المريض باسمه واسم بلده ومشكلته، التي جاء من أجلها من دون أنْ يذكر له المريض ذلك، كل هذه علامات تبيِّن أن هذا الرجل ساحر يتعامل مع الجن، والعجيب أنَّ الناس يسمون من يفعل هذا بالشيخ. عباد الله: هؤلاء السَّحَرة لا دواء عندهم، ولا شفاءَ تحت أيديهم، إنَّما عندهم الداء، والبلاء، وفساد الأخلاق، والقضاء على المعتقد السليم، الساحر يمكُر بالآخرين، فيَدعوهم إلى الشِّرك، فقد يَأمر من يأتيه بالذَّبح لغير الله، وقَد يأمرُه بتعليقِ تميمةٍ زاعمًا النفعَ منها ودفعَ الضرِّ بها، والنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((مَن علَّق تميمةً، فقَد أشرَك))؛ رواه أحمد. أيُّها المسلمون: الإسلامُ حرَّم على المسلم إتيانَ السَّحَرة، وحال بينه وبينهم؛ حماية لدينه ومعتقده، والذاهب إلى هؤلاء السَّحرة والكهان على خطر عظيم؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أتى عَرَّافًا، فسأله عن شيء لم تُقْبَلُ له صلاةٌ أربعين يومًا))، وفي الحديث الآخر؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من أتى كاهنًا فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد)).