رحلة شقاء ومعاناة لا تنتهي حلقاتها من المهد إلى اللحد، فهي تفاصيل محزنة وصفحات باهتة الألوان، أبطالها أفرادها، وجدوا أنفسهم مكبلين بعلة أبدية اسمها "الإعاقة"، فمهما بلغت نسبتها، فإن النظرة هي واحدة والواقع هو ذاته، وأكثر فئة تعاني هم الأطفال، فحساسية سنهم تجعلهم معرضين لأزمات نفسية، خاصة عند الشعور بالتمييز الجسدي ومن ثمة النقص، وتعتبر فئة المتمدرسين أكثر فئة تقع ضحية الاكتئاب، بسبب عدم قدرتهم على ممارسة نفس الأمور مع باقي زملائهم، كالرياضة التي تحولت إلى خط احمر وأمر محرم على هذه الفئة.. مليكة حراث لويزة طفلة في ال14 من عمرها، مصابة بإعاقة على مستوى قدمها اليمنى، ما سبب لها عرجا ملحوظا جدا. تقول أنها تشعر بالغيرة الشديدة من زميلاتها اللاتي يمارسن الرياضة بكل تلقائية، وتتمنى أن يسمح لها والداها بممارستها ولو مرة واحدة في السنة. أما سبب منع والديها لها، فقد أرجعاه إلى أن نوع الرياضة الممارسة في المدرسة لا تناسب قدرات البنت (الجري وكرة السلة واليد)، وقد فشلت مساعيهما لدى المديرة ومعلم التربية المدنية في تخصيص رياضة خاصة بابنتهما، بحجة أن المدرسة لا تتوفر إلا على معلم واحد لكل الأقسام، وليس لديه وقت للتكفل الفردي بهذه البنت ومشكلتها الاعاقية، بالإضافة إلى خوف المديرة من أن تسبب لها الرياضة مشكلا حركيا قد يوقعها في ورطة.. لكن الدراسات والأبحاث العلمية والتجريبية أثبتت خطأ ما يتوهمه البعض من أن الرياضة البدنية للمعوقين ضارة لهم بدنيا أو نفسيا أو اجتماعيا، لكن عكس ذلك تعد التربية البدنية وأنشطتها المختلفة مهمة جدا للمعوقين أكثر من الناس الأصحاء. ويرى أساتذة التربية البدنية أن أهمية الأنشطة الرياضية للطلبة والتلاميذ المعاقين كبيرة، لأنها قد تزيد من تحصيلهم الدراسي. وتأسف الكثير منهم كون الآباء يمنعونهم منها بحجة الخوف عليهم من خطورتها، مؤكدين أن مشاركتهم في الأنشطة البدنية تزيد من الفرص المناسبة لتفاعلهم مع أقرانهم من المعوقين وغير المعوقين، ما يؤدي تقبل الآخرين بعد تغيير مفاهيمهم باكتشاف قدرات المعوقين بدلا من التركيز على إعاقتهم". ورأى العديد منهم أن الأنشطة البدنية تساهم بفعالية في رفع مستوى لياقتهم البدنية، وبالتالي التقليل من الأعراض الناجمة عن قلة الحركة. أما من الناحية النفسية والاجتماعية، فإن المعوقين غالبا ما يعانون من المشكلات النفسية والاجتماعية التي لا تحلها إلا الحركة في كثير من الأحيان. وسبب معهم منها هو الخوف عليهم، لأن الرياضة غالبا ما تكون أمرا سهلا وتلقائيا بالنسبة لغير المعوقين، بينما المعوق يمارسها بصعوبة كبيرة إذا كان من ذوي الإعاقات الجسدية. لذلك فإن الآباء عندما يلاحظون تلك الصعوبة يقررون فورا منع طفلهم من ممارسة الرياضة. ويؤدي منع الآباء أطفالهم من مزاولة الرياضة إلى الشعور بالدونية التي يزيدها سوء معاملة أفراد العائلة والأصدقاء للمعوق على انه عديم الفائدة، كما قد يصاحب هذا الشعور ارتفاع في مستوى القلق وقصور في تقدير الذات وفقدان للثقة بالنفس، ما ينتج عنه الانطوائية والعزلة وتنمية الاتجاهات السلبية ضد المجتمع. وتعيد المشاركة في الأنشطة البدنية التوازن النفسي للمعوقين في أغلب الأحيان وتنمي الثقة بالنفس وتقدير الذات خصوصا عندما تكون خبرات المشاركة ناجحة. فمن الناحية البدنية وجد أن ممارسة غير المعوقين للأنشطة البدنية في اغلب الأحيان وقائية ولكنها بالنسبة للمعوقين علاجية، حيث تعتبر قلة الحركة من الصفات المصاحبة لمعظم الإعاقات والتي تكون بسبب الإعاقة ذاتها كما في الإعاقات الحركية أو بسبب ظروف المعوق النفسية أو الاجتماعية كالانطوائية مثلا وقد تؤدي قلة الحركة إلى بعض التغيرات الفسيولوجية السلبية التي تجعل المعوقين أكثر عرضة لما يعرف بأمراض نقص الحركة والتي تتضمن ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب ومرض هشاشة العظام وغيرها.