حاول عشرات الشباب المزابيين تنظيم وقفة احتجاجية أمس أمام قصر الحكومة بالجزائر العاصمة لمطالبة مؤسسات الدولة بإيجاد حلّ جذري للأزمة التي تعاني منها غرداية، معتبرين أن الحلّ الأمني المطبّق حاليا جزئي ومرحلي، غير أن قوات الأمن منعت هذا الاحتجاج الذي دعا خلاله هؤلاء الشباب إلى القصاص من مرتكبي الجرائم المروّعة التي هزت المنطقة مؤخّرا، كما دعوا إلى ضرورة تجريم الإساءة إلى الإباضيين. رفعت نخبة من الشباب المزابي، حسب بيان تلقت (أخبار اليوم) نسخة منه، إلى الوزير الأوّل عبد الملاك سلال جملة من المطالب العاجلة والملحّة، والتي سبق وأن رفعتها هيئاتهم العرفية، وذلك بعد إحساسهم بالظلم المسلّط عليهم والمؤامرات الخبيثة التي تحاك ضدهم لجرّ الجزائر إلى مستنقع اللاّ استقرار وتكالب الأعداء ضد سلامة الوحدة الترابية، على حد تعبيرهم. وتمثّلت هذه المطالب في إلقاء القبض على قتلة الشهداء وتطبيق حكم الإعدام عليهم والتعجيل بإحالة المخرّبين والمحرّضين على العدالة لتأخذ مجراها وإطلاق سراح المعتقلين ظلما، والذين كانوا يدافعون عن ممتلكاتهم أو الإسراع في إجراءات محاكمتهم إيمانا منهم ببراءتهم، بالإضافة إلى تعويض المتضرّرين تعويضا كاملا والتكفّل التام بضحايا الأحداث إلى غاية عودتهم إلى الحياة العادية والتحقيق في الادّعاءات التي تشير إلى التدخّل الأجنبي في غرداية والمناداة بالانفصال التي برّرت للبعض القتل والتخريب، وتحريك الوضع وفق أجندات خبيثة والانسياق الإعلامي اللاّ مسؤول لبعض وسائل الإعلام خلف تلك الادّعاءات على حد قولهم. كما طالبت هذه النخبة بتشريع نصوص قانونية تقضي بتجريم رميهم بتهمة الخوارج، وحماية خصوصيات الأمازيغية الإباضية، وكذا التعريف بالمذهب الإباضي واعلامه للجزائريين في مناهج وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي وترسيخ ثقافة قَبول الآخر والاحترام ضمن برامج عمل وزارتي الشؤون الدينية والثقافة. من جهة أخرى، دعت هذه النخبة حسب ذات البيان إلى حماية المساجد والأوقاف والمؤسسات العرفية والصرامة في حماية تراثهم ومعالمهم المصنّفة كتراث إنساني عالمي وتدوين تاريخ المنطقة الثوري بشكل علميّ نزيه لمواجهة حملات التشكيك في وطنيتهم من خلال التعريف بشهدائهم وإسهامات المشايخ في جهاد المحتلّ الفرنسي ومعالجة أثار الثورة الزراعية التي نُفّذت بالمنطقة تنفيذا تعسّفيا، إذ لا تزال أثارها من أهمّ القنابل الموقوتة التي قد تشعل الأحداث مجدّدا، على حد قولهم، وكذا توفير أوعية عقارية وقطع أراضٍ بعدد كافٍ لحلّ أزمة السكن بجدّية، مع مراعاة خصوصيات المنطقة، وتطبيق القانون على من يعطّل مشاريع التنمية، خاصّة في قطاع السكن، بالإضافة إلى استكمال عمليات مسح الأراضي لإنهاء النّزاع حول ملكية الأراضي والمطالبة بحصّتهم من المناصب العليا ومراعاة التركيبة السكّانية لغرداية في مناصب التوظيف وحصص السكن وحظوظ الاستثمار وغيرها وتسريع وتيرة التنمية في المنطقة بالاستفادة من عائدات المحروقات ودعم مساعي القضاء على البطالة بتكثيف المشاريع وتحفيز شباب المنطقة من خلال فتح فرص الاستثمار. وأشار نفس البيان إلى أن ولاية غرداية تمرّ في الأشهر الأخيرة بأحداث شغب استثنائية، على غير المرّات السابقة، موضّحا استياء المزابيون من تشييع الجنائز وإحصاء الخسائر منذ فجر الاستقلال بداية بأحداث ورفلة في 1961 وانتهاء بما جرى في غرداية، مبيّنا أن حصيلة الاستشهاد بلغت 14 شهيد من المزابيين دون أن يسقط من الجانب الآخر أيّ قتيل، ناهيك عن الخسائر المادية الكارثية كلّ مرّة.