تختبر اليوم المعارضة قدرتها على الطرح السياسي الفعال، لتحقيق أهدافها، من خلال ندوة الانتقال الديمقراطي المنتظر انطلاقها اليوم بمازافران، رغم أن السلطة، لا تعير اهتماما، ظاهريا لما تقوم به المعارضة، عدا تصريحات جانبية للوزير الأول عبد المالك سلال، وبنظر الحكومة فان مشاورات تعديل الدستور هي عربون نية لاحداث اصلاحات عميقة. بعد ندوة سانت ايجيديو عامي 1994 و1995، التي عقدتها المعارضة الجزائرية بروما ، لإيجاد مخرج للازمة السياسية التي عصفت بالبلاد وتخندقها في موجة عنف ، تكتلت هذه المرة، المعارضة في اطار تنسيقية الانتقال الديمقراطي، وتطرح تساؤلات حول نمط تعاطي السلطة مع هذه التنسيقية لما تعلن عن توصيات الندوة المرتقب انطلاقها اليوم بفندق مازافران بالعاصمة، وقبل ذلك، أرادت الحكومة امتصاص غضب المعارضين من خلال مشاورات دعت اليها رموز المعارضة ، من أجل رصد مواقفهم من تعديل الدستور، لكن أكثرهم لم يستجيبوا لدعوات احمد اويحيى، مدير ديوان رئيس الجمهورية.ولم يسبق للمعارضة بالجزائر أن تكتلت بكل أطيافها كما تكتلت هذه المرة، من خلال مبادرة الانتقال الديمقراطي التي دعت إليها تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي، وستعرف الايام المقبلة تجاذبات سياسية بين المعارضة و السلطة التي تسير لأجندة بدأت بمشاورات تعديل الدستور.وتمخض عن الانتخابات الرئاسية 17 افريل الماضي، و التي فاز بها الرئيس بوتفليقة، خارطة معارضة تتكون من قطبين هما: “تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي” المتشكلة من خمسة احزاب اسلامية وعلمانية اضافة الى المترشح المنسحب من الانتخابات الرئاسية، احمد بن بيتور، وتقودها “حركة مجتمع السلم و: “قطب التغيير” المتكون من 11 حزبا معارضا قبل ان يتقلص العدد الى ستة ينتمون الى ايديولوجيات مختلفة، ويقودهم علي بن فليس ، مرشح الانتخابات الرئاسية السابق الذي حل بالمرتبة الثانية بعد بوتفليقة. وبعد حزب “جبهة القوى الاشتراكية” التي اعلنت انظمامها الى مساعي ندوة الانتقال الديمقراطي كانت القيادة الجماعية “قطب التغيير” قررت أول أمس، رسميا مشاركتها في “مؤتمر الانتقال الديمقراطي” بينما افاد جهيد يونسي، رئيس “حركة الإصلاح الوطني” وممثل “قطب التغيير”، في اتصال به أن “ القرار اتخذ بإجماع كل قادة الأحزاب و بالإجماع ولم نسجل أي حالة تحفظ او رفض”.ويشكل انضمام “قطب التغيير” لمبادرة “تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي” إضافة لمساعي تحقيق أرضية التغيير التي طرحتها التنسيقية قبل ايام وتتمحور حول “ الانتقال السلمي و السلس و الديمقراطي للسلطة”.وأوضح المتحدث “ لم نقرر المشاركة إلا بعد أننا بحثنا الأمر جيدا، إن الأمر يتعلق ببحث الخروج من معضلة سياسية وانسداد خطير تعيشه الجزائر”.كما أوضح “ سيكون علي بن فليس ناطقا باسمنا جميعا خلال مؤتمر الانتقال الديمقراطي وقد حضرنا ورقة تتضمن مواقفنا من القضايا المطروحة ونظن أن الأمور تسير على ما يرام “. ولأول مرة منذ أكثر من 50 سنة، تلتئم المعارضة بالجزائر بكل أطيافها، بعد انقسامات عمرت طويلا ، بين الإسلاميين و العلمانيين، على مر العقود الماضية. ولم تكن رموز المعارضة يتحملون الالتقاء على طاولة واحدة، لتباعد وجهات النظر بينهم، لكن البعض من أحزاب المعارضة، أنشأت تحالفات “ظرفية” لا يتعدى هدفها مراقبة صناديق الاقتراع في الانتخابات التي عرفتها الجزائر.وسبق لمحسن بلعباس، رئيس حزب” التجمع من اجل الثقافة و الديمقراطية”، وعضو تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي أن أكد خلال اجتماع المجلس الوطني للحزب الأسبوع ما قبل الماضي “ حان الوقت للتوحد للوقوف ضد النظام الاستبدادي “.وقبل 20 سنة من الآن، عقد لقاء “شبه موسع” للمعارضة الجزائرية بروما الايطالية، في اطار مؤتمر اصطلح عليه”مؤتمر سانت ايجيديو”،العام 1994، حضره كبار رموز المعارضة الذين التقوا من اجل بحث سبل وقف النزيف الدموي اثر الأزمة الأمنية التي تخندقت بها البلاد، جراء وقف المسار الانتخابي لكن السلطة رفضت حينها الاعتراف بالمؤتمر واتهمت المعارضة “تدويل الأزمة”. وطرحت “تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي” أرضية “ التغيير الديمقراطي، وسعت إلى حشد التأييد من حولها تحسبا لعرضها في ندوة تعقد اليوم ، بمازافران لكن احزاب “قطب التغيير” لم تقرر المشاركة بالمؤتمر، إلى غاية اجتماع أول أمس حيث قررت تزكية مساعي تنسيقية الحريات التي حصلت على رخصة عقد الندوة من وزارة الداخلية، يوم السبت، بعد ان رفضت السلطة منحها الرخصة، في بادئ الامر، حينما كان مقررا عقد الندوة بفندق” الهلتون” شرق العاصمة.