مثل تهديد المديرية العامة لتوزيع الكهرباء والغاز للشرق بقطع الطاقة عن مركب «الحجار» للحديد والصلب بولاية عنابة مؤشر جديد على أن «مفخرة» الصناعة الجزائرية يسير بخطى ثابتة نحو الانهيار، خصوصا وأن السلطات العليا في البلاد تلعب دور المتفرج حيال ما يحدث في المركب حيث صرحت المديرية العامة لتوزيع الكهرباء والغاز للشرق في بيان لها تحوز «آخر ساعة» على نسخة منه على أنها أمهلت إدارة المركب إلى غاية 15 جوان الجاري قبل قطع الكهرباء عليه وذلك بسبب التماطل في تسديد الديون المقدرة ب 100 مليار سنتيم، حيث أوضح المصدر أن جهات عليا تدخلت لدى المديرية العامة من أجل حل مشكل المستحقات المتخلفة، إلا أن ذلك لم يأت بنتيجة، وهو ما دفع الإدارة إلى اتخاذ خطوة تصعيدية تقضي بإعطاء إدارة المركب المهلة المذكورة قبل قطع الكهرباء عنه مع أول دقيقة من يوم 16 جوان في حال لم يتم التسديد الكامل للديون المترتبة عن استهلاك الكهرباء والغاز وذلك بعد «استنفاد كل المبادرات القانونية لحل الوضعية» يضيف البيان الذي جاء فيه أيضا أن إدارة مركب الحجار لم تسدد سوى 10 بالمائة من المستحقات، هذا ويستهلك عملاق الحديد والصلب شهريا ما قيمته 15 مليار سنتيم من الطاقة وهو يمثل 70 بالمائة من مجمل زبائن «التوتر العالي» لسونلغاز في الشرق الجزائري، وبهذا تجد الإدارة نفسها بين مطرقة الرضوخ لمطالب شركة الكهرباء ودفع 100 مليار سنتيم التي سيكون من الصعب عليها توفيرها في ظل الأزمة المالية التي يمر بها وسندان غلق مركب الحجار الذي يتواجد عماله أصلا في بطالة تقنية بسبب توقف «الفرن العالي رقم 2»، ليتحول بذلك عملاق الحديد والصلب من مفخرة للصناعة الجزائرية إلى مسخرة. حتى «الجزائرية للمياه» تطالبه ب 8 ملايير سنتيم ولأن المصائب لا تأتي فرادى فإن ديون مركب الحجار ليست مع «سونلغاز» فقط، فهو لديه ديون مع مؤسسة «الجزائرية للمياه» تناهز ثمانية ملايير سنتيم حسب مصادر «آخر ساعة»، حيث ما تزال مؤسسة المياه التي تعاني هي الأخرى من الناحية المادية وترغب في الحصول على مستحقاتها من أجل حل مشاكلها الدخول تنتظر الحصول على هذا المبلغ منذ قرابة الشهرين، حيث لا تريد التوجه هي الأخرى للخيار الأسوأ وهو قطع المياه عن المركب الذي يعد الزبون الأول للمؤسسة بمعدل استهلاك شهري يقدر بحولي ستة ملايير سنتيم. الإدارة في ورطة بسبب تراكم الأزمات.. وأمام هذا الوضع المتأزم، وجدت إدارة المركب نفسها في ورطة حقيقية، خصوصا وأنها أصبحت في وضعية جعلت من الصعب عليها حتى تسديد أجور العمال، فآمالها معلقة بخصوص ذلك بالأموال التي يضخها مجلس مساهمات الدولة في كل مرة، فبعد أن انتهى «التخلاط» داخل المركب نتيجة لإدراك العمال بأن المركب سيسر نحو الانهيار، وجدت الإدارة نفسها أمام مشاكل من نوع آخر تراكمت عليها في ظرف وجيز، ابتداء من «فشل» أشغال إعادة تأهيل «الفرن العالي رقم 2» نتيجة فسخ العقد مع شركة «فيريتي» الإيطالية التي توجهت إلى القضاء الدولي بسبب ذلك، مرورا بحرب المصالح في المركب الجارية في الكواليس بين عبد السلام بوشوارب وزير الصناعة وبوجمعة طلعي وزير النقل ووصولا إلى تهديد شركة «سونلغاز» بشل المركب من خلال قطع الكهرباء عنه. وجدت نفسها في حيرة أمام حكومة «قليلة الحيلة» وحتى الحكومة لم يعد بإمكانها إنقاذ مركب الحجار، نظرا للأزمة المالية التي تمر بها والتي دفعت السلطات العليا في البلاد إلى إتباع سياسة التقشف، حيث ستجد الحكومة نفسها مجبرة على نفض يدها من المركب، خصوصا وأنها ضخت مبلغ مليار دولار لاستثماره في المركب، إلا أنه بدأ يتآكل شيئا فشيئا دون أن تظهر نتائجه على أرض الواقع، وما يحفزها على ذلك أيضا هو أن مشروع مركب الحديد والصلب بمنطقة «بلارة» بولاية جيجل يسير في الطريق، كما أن عبد المالك سلال الوزير الأول لم يتردد خلال زيارته لولاية عنابة شهر مارس الماضي في الحديث عن إمكانية غلق المركب، عندما خير العمال بين الاستقرار أو غلق أبواب عملاق الحديد، غير أن هذا الأمر من شأنه أن يحيل أكثر من خمسة آلاف عامل على البطالة.