لا مفرّ بعد اليوم من وضع كمامة عند الخروج من المنزل، كتدبير وقائي في وجه فيروس كورونا المستجد. فهي تعد من مستلزمات الحماية من العدوى في بلادنا كما في كل أنحاء العالم. وفي وقت فرضت فيه السلطات الجزائرية ارتداء الكمامات الواقية بشكل إجباري لمحاصرة فيروس كورونا، ظهرت ممارسات سلبية، أبرزها الترويج لكمامات تفتقر إلى معايير الجودة الطبية المطلوبة، ويمكن أن تشكل تهديداً على صحة الأشخاص، ذلك أنها ليست مصنوعة من مواد مناسبة أو في بيئات معقمة، ويمكن أن تفتقر تاليا إلى المواصفات التي تمنع الفيروسات أو البكتيريا من الدخول في ممرات تنفسية، وفقا لخبراء في هذ المجال، كما استغل بعض التجار هذا الظرف من خلال طرح كميات كبيرة من الكمامات المغشوشة وغير الصالحة للاستخدام في الأسواق، خصوصاً في الأحياء الشعبية، مستغلين عدم قدرة الناس على التفرقة بين الأنواع، بالإضافة إلى عدم توافر رقابة على الأسواق. وقد أُطلقت في هذا الإطار مطالبات بتغليظ العقوبات في ما يتعلّق بالغش الذي يطاول الكمامات التي تُستخدم للوقاية من الأمراض المعدية والأوبئة، إذ إنّ من شأن ذلك التسبب في ضرر كبير.في نفس السياق فقد عبّر الكثير من المواطنين التقاتهم “آخر ساعة” عن سخطهم من ارتفاع أسعار الكمامات المصنوعة من القماش التي تراوح الواحدة منها ما بين 60 الى 200 دينار جزائري، مؤكدين توافرها في المحلات والشوارع وغير مبالين بمصدرها. وتقول “نسرين”، وهي موظفة في القطاع العام، :”أنّها لا تخرج من المنزل إلا للعمل، مشيرة إلى أنّ لديها “عدداً محدوداً من الكمامات ستنفد بعد أيام”. تضيف: “ربّما كان من المستحب توفير كميات كبيرة من الكمامات في منافذ رسمية، قبل تطبيق قرار المخالفة على مَن لا يضع كمامة خارج المنزل. وهذا ما دفع البعض إلى شراء المتوافر في الأسواق من دون التحقق منها، فيما راح آخرون يصنعونها منزلياً”. من جهته، يقول جمال موظف في قطاع الاتصالات، إنّ “الكمامات المتوافرة في الأسواق موضوعة في أكياس بلاستيكية شفافة لا تحمل أيّ علامة تجارية وغير مرفقة بأيّ بيانات توضح مواصفات الكمامة وثمنها ومصدرها”، مطالباً ب”تشديد الرقابة على منافذ البيع والصيدليات ووضع حدّ لأساليب التحايل واستغلال المستهلكين”.ويجب التمييز بين أنواع الكمامات الطبية وغير الطبية حيث يعتبر ارتداؤها سلوكا وقائيًا مهمًا لتقليل خطر الإصابة بعدوى كورونا . الكمامات الأكثر فعالية تسمى الكمامات الطبية FFP2 ويتم ارتدؤها من طرف الأطباء والعاملين في مجال الصحة حيث توفر هذه الكمامات حماية كبيرة وكبح دخول جزئيات الهواء الصغيرة بنسبة 95 في المئة. النوع الأكثر استعمالًا هي الكمامات الجراحية والتي يتم ارتداؤها لمرة واحدة في اليوم وهي ذات حماية محدودة وتمنع قذف الرذاذ وقطرات اللعاب الكبيرة. هناك نوع آخر من الكمامات محدودة الحماية وهي الورقية، التي توفر راحة شخصية ضد الغبار لكنها لا تمنع دخول الفيروسات الدقيقة. في حال لم تتوفر الكمامات الطبية، فيمكن استخدام كمامات بديلة من القماش ومطابقة للمعايير الصحية، مصنوعة من القطن أو القطن الخام ويمكن غسلها واستخدامها عدة مرات. وحذَّرت إنتربول، منظمة الشرطة الجنائيّة الدوليّة، الأسبوع الماضي من زيادة حادّة في كمِّيات الأقنعة الطبيّة المغشوشة والإمدادات الطبيّة الأخرى، عارضة تفاصيل عن عملية تضمّ 90 دولة أسفرت عن توقيف 121 شخصاً، وضبط ما قيمته 14 مليون دولار (160 مليار سنتيم) من “مواد صيدلانيّة مُحتملة الخطورة”، بحسب وصفه. في هذا الصدد، قال يورغن شتوك الأمين العام لإنتربول، إنّ “أيي أمر لن يثني المجرمين عن تحقيق الأرباح. ويُظهر الاتجار غير المشروع بتلك الأدوات الطبيّة المزوّرة، أثناء أزمة صحّية عامة، استخفافهم التامّ بصحّة الناس أو بأرواحهم”.ولمحاصرة كورونا، اتخذت الجزائر إجراءات بينها إغلاق المطاعم ودور السينما والأماكن الرياضية والترفيهية إلى أجل غير مسمى، مع استثناء الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية، وكذلك المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل.كما أعلنت الحكومة حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة جزئيا في البلاد، وأفتت لجنة الفتوى بورزاة الشؤون الدينية والأوقاف بضرورة إغلاق أبواب المساجد، لمنع تفشي الفيروس.