تعرف سوق قطع غيار السيارات تذبذبا كبيرا في نشاطاتها وذلك من القرارات التي اتخذتها الحكومة لضبط سوق السيارات في الجزائر بداية بتوقيف عملية منح القروض الخاصة بالاستفادة من السيارات وصولا إلى القانون الذي يمنع استيراد قطع الغيار المقلدة وهو الذي أثر بصورة كبيرة على نسب اقتنائها من طرف المواطنين حيث تراجع الطلب عليها بصورة مذهلة لاسيما مع الارتفاع الرهيب الذي شهدته أسعار قطع الغيار بعد تطبيق هذا القانون إضافة إلى ندرتها في السوق بالمقابل تغيرت وجهة المواطنين إلى سوق قطع الغيار المستعملة لسد حاجيات سياراتهم في الصيانة وهذا ما جعل جريدة آخر ساعة تتطرق إلى هذا الموضوع من خلال جولة استطلاعية قادتنا إلى بعض محلات بيع قطع الغيار الخاصة بالسيارات ورصد آراء أصحاب المحلات والباعة في السوق الموازية والمشترين . بعد قرار منع استيراد القطع المقلدة قطع الغيار تسوق تحت الستار خلال جولتنا بمحلات بيع قطع غيار السيارات بعنابة شد انتباهنا خلوها من الزبائن حيث لا يوجد إلا زبونا أو اثنين بالمحلات يقبلون على اقتناء قطع الغيار بحيث أجمع أصحاب هذه المحلات على أنها الحالة التي تعيشها هذه الأخيرة منذ قرار منع استيراد القطع المقلدة والذي تبعه مباشرة ارتفاع رهيب في الأسعار مست حتى مخزون القطع المقلدة وهذا ما جعل الإقبال على هذه المحلات ينخفض واقتناء قطع الغيار يصبح محدودا. فقد أكد لنا علي أحد أصحاب محلات بيع قطع الغيار بوسط مدينة عنابة أن الطلب انخفض بصورة كبيرة بعد الأشهر التي تلت مباشرة الشروع في تطبيق قرار منع استيراد القطع المقلدة وذلك لتفاجؤ الزبائن بأسعار القطع الأصلية التي كانت تشكل أحيانا فارقا ملحوظا وهذا ما جعلهم يعزفون عن اللجوء إليها لمدة ولكن الضرورة في الوقت الحالي تجعلهم مضطرين لاقتنائها عند الحاجة التي تفرضها السوق لاسيما بعد نفاد الكميات المخزنة من القطع المقلدة لدى غالبية المحلات بالتالي تبقى اللجوء إلى القطع الأصلية هو الحل الوحيد في الوقت الذي تحدث فيه خالد عن أسعار قطعه الغيار التي قفز ت أسعارها إلى مستويات قياسية بعد تنفيذ إجراءات منع استيراد القطع المقلدة والذي جعل بعض المحلات تحتكر تجارة القطع المقلدة لفترة طويلة نظرا لامتلاكها مخازن تسع كميات كبيرة وبالتالي عاد عليها هذا القرار بالفائدة خصوصا مع الارتفاع الذي عرفته القطع المقلدة نظرا لندرتها في السوق واتجاه الزبائن إليها بصورة كبيرة حيث أكد لنا نفس المتحدث أن هذه المحلات لا زالت لحد الآن تقدم القطع المقلدة لزبائنها بالرغم من مرور فترة معتبرة على بداية تنفيذ قرار منع دخولها وفي نفس السياق أضاف خالد أن الزبائن قد يتعرضون حتى للاحتيال من طرف أصحاب المحلات الذين يبيعونهم القطع المقلدة على أنها أصلية دون إدراك الزبائن لذلك إلا بعد فوات الأوان لاسيما مع اعتماد أسعار مرتفعة توهم المشتري بجودة المنتوج المقدم إليه هذا وقد بين لنا كيف أن أسعار قطع الغيار شهدت ارتفاعا كبيرا في السوق الجزائرية حيث عرفت علامة رونو ارتفاعا يصل إلى 40% من سعرها الأصلي على كل قطعة أما بالنسبة لبيجو فقد ارتفعت أسعار القطع الخاصة بها إلى غاية نسبة 30% للقطعة الواحدة هذا إلى جانب إجماع أصحاب المحلات الخاصة ببيع قطع غيار السيارات التي زارتها جريدة آخر ساعة على أن أسعار هذه الأخيرة إجمالا عرفت ارتفاعا يصل إلى غاية 50% بالنسبة لسعر القطعة الواحدة. في الوقت الذي تطرق فيه محمد أحد أصحاب محلات بيع قطع الغيار إلى قضية الاستيراد التي بين لنا أنها أصبحت بطيئة جدا بعد الإجراءات الخاصة بمنع استيراد القطع المقلدة ودخولها حيز التنفيذ هذا إلى جانب الغرامات المالية التي تفرض على المنتجات التي لا تحمل ملصقات خاصة بالمعلومات والتي قد تصل إلى غاية 20 ألف دج في الوقت الذي تعود فيه المنتجات إلى فترات سابقة أي قبل صدور القانون الذي يمنع استيرادها والذي ينص في فحواه على وجوب احتواء المشبح المستورد على ملصقات تضم المعلومات الخاصة به وهذا ما يجبر البائع حسب تصريح محمد على الاتجاه للسوق الموازية وإلى طرق غير قانونية لتصريف المنتجات المكدسة لديه في المخازن تفاديا للغرامات المالية التي قد تفرض عليه إذا حاول بيعها بطريقة قانونية لا سيما أمام الركود الكبير الذي تشهده تجارة قطع الغيار مباشرة بعد تنفيذ قانون منع إستيراد القطع المقلدة مما جعل أرباح هذه المحلات والمستوردين لهذه المنتجات تنخفض بصورة كبيرة. القطع المقلدة ممنوعة ومرغوبة لجأ العديد من أصحاب محلات قطع الغيار إلى السوق الموازية لتصريف سلعهم المكدسة في المخازن منذ مدة هروبا من الغرامات التي تفرض عليهم جراء عرضهم لهذه السلع داخل محلاتهم بالتالي فهم يضطرون إلى عرض سلعهم على الزبائن من خلال السوق الموازية والتي يكون الإقبال بها على قطع السيارات ذا مستوى معقول مقارنة مع المحلات لا سيما أن الزبائن في معظم الحالات يفضلون القطع المقلدة لسعرها المنخفض نسبيا مقارنة بالأصلية فقد بين لنا أحد الباعة أن السوق الموازية متفتحة على كل فئات المجتمع وشرائحه على عكس المحلات التي لا تقصدها سوى فئة معينة لغرض معين في الوقت الذي السوق الموازية المتمثلة عادة في الأسواق الأسبوعية لبيع السيارات تجتمع بها كل المستويات الاجتماعية باختلاف أنماط أنشطتها حيث يكون بها المتفرج والمشتري الذي بدوره يكون مواطنا عاديا بحاجة لقطعة غيار لسيارته أو إلى ميكانيكي محترف يبحث بين الباعة عن قطعة معينة هذا إلى جانب أن عملية البيع في مثل هذه الأسواق تكون سهلة لأن كل أنواع المنتجات على اختلاف أسعارها معروضة في نفس الوقت. جهة أخرى بين لنا أحد أصحاب بيع قطع الغيار أن البائع قد يعتمد على طرق مختلفة لتصريف سلعه القديمة المخزنة والتي أغلبها من القطع المقلدة حيث تطرق إلى موضوع أن لكل محل زبائن معينين يتعامل معهم بصفة دورية من بينهم ميكانيكيين وهم الفئة التي يتمكن البائع من تمرير سلعته إلى الزبون بطريقة سهلة بسيطة وآمنة في نفس الوقت لأن الميكانيكي يلعب دور الحلقة الوسيطة بين الطرفين في الوقت الذي تبقى المراقبة بعيدة عنه نظرا لصعوبة ضبط السلع التي يستخدمها هذا الأخير لممارسة نشاطه المتمثل في أعمال الصيانة الخاصة بالسيارات إضافة إلى أنه من العسير على الزبون إثبات أصلية القطعة بعد مغادرة مكان الصيانة. باعة التقليد يتمولون من التهريب لازالت قطع الغيار المقلدة تباع في الأسواق بصورة عادية و متوفرة بالرغم من مرور عدة أشهر على الشروع في تطبيق قرار منع استيراد القطع المقلدة و في محاولة للبحث عن الأسباب الكامنة وراء انتشار هذا المنتوج بالأسواق الموازية و حتى بالمحلات بالرغم من منع دخوله لتراب الوطن بصورة قانونية قادتنا التحقيقات إلى كل من سوق العلمة بمدينة سطيف وعين مليلة التابع لولاية أم البواقي وهما من أهم أسواق بيع قطع الغيار بالجزائر و التي تبين لنا أيضا أنها من بين أهم المناطق التي يتم فيها تصريف قطع الغيار المقلدة التي تدخل التراب الوطني عن طريق التهريب من الأسواق الأوروبية لاسيما وأن أسعارها بهذه الدول منخفضة جدا نظرا لعدم إقبال المواطنين عليها مقارنة بتوفر القطع الأصلية بأثمان متقاربة . فقد بين لنا أحد مرتادي هذه الأسواق أن ندرة القطع الأصلية يجعل من المهربين يجدون في هذه التجارة ربحا كبيرا لاسيما وأنهم يتمكنون من تمرير كميات معتبرة من قطع الغيار المقلدة عبر الحدود دون تمكن أعوان الرقابة الحدودية من اكتشافهم وهي العوامل التي شجعت انتشار هذه التجارة بل وزيادة عدد الناشطين بها مادام زبائنها وأرباحها مضمونين . حيث يستقطب كل من سوق العلمة وعين مليلة أعدادا هائلة من الزبائن من جميع ولايات الوطن وشرائح المجتمع الجزائري. سرقة السيارات لتعويض القطع المقلدة بالمستعملة . على غرار قطع الغيار المقلدة و المهربة ظهرت بالجزائر كنتيجة لقرار منع استيراد قطع الغيار المقلدة تجارة قطع الغيار المستعملة وهي لم تكن تشهد قبل هذا القانون إقبالا كبيرا من طرف الزبائن نظرا لعدم وثوقهم فيها ولكن بعد الندرة التي عرفها السوق لهذه السلعة أصبحت نسبة كبيرة من الزبائن تتجه إلى اقتنائها كنوع من التعويض لاسيما وأن سعر القطع المستعملة منخفض مقاربة بالقطع الأصلية في الوقت الذي يمكن أن تعود لسيارات أصلية ذات طراز قوي والتالي تشكل هذه القطع بالرغم من استخدامها فرصة جيدة للزبون تضاهي في بعض الأحيان القطع الأصلية. ولكن الرواج الذي عرفته تجارة قطع الغيار المستعملة أدى إلى ارتفاع نسبة سرقة السيارات وهذا ما بينه لنا أحد باعة قطع الغيار مستشهدا في ذلك بأن القطع المستعملة تباع في الأسواق بطريقة سهلة حيث لا يستفسر المشتري عن مصدرها الأصلي فقد تبين لنا من خلال بحثنا عن الطريقة التي يتم بها تصريف السيارة المسروقة أنه يتم تفكيكها إلى قطع و بيعها على أساس أنها قطع مستعملة لسيارات قديمة في الوقت الذي يصعب فيه التعرف عليها من طرف أصحابها أو من طرف أعوان الشرطة لاسيما و أن السارقين يلجؤون غالبا إلى بيعها خارج حدود الولاية التي تمت بها عملية السرقة . هذا ما جعل سرقة السيارات ترتفع بنسبة كبيرة في الأشهر الأخيرة و ذلك لارتباطها بتجارة قطع الغيار المستعملة التي أصبحت بدورها الملجأ الوحيد للزبائن الذين يبحثون عن قطع غيار لسياراتهم و الذين يجدون أنفسهم مضطرين لاقتنائها أمام ندرة القطع الأصلية وغلاء أثمانها وعدم الثقة التي تقدمها القطع المقلدة في الوقت الذي تتميز فيه القطع المستعملة بالصلابة لأنها غالبا ما تكون أصلية و أثمانها المنخفضة التي تعد الجانب الذي يجلب الزبائن إليها بصورة كبيرة. إن الإجراءات التي قامت بها السلطات الجزائرية استهدفت من خلالها إلى التقليل من تعطل السيارات في كل مرة بسبب قطع الغيار المقلدة و بالتالي للحد من نسبة حوادث المرور التي تزداد عاما بعد آخر لكن هذه الإجراءات من جهة أخرى فتحت المجال لانتشار مظاهر جديدة اكتسبتها تجارة قطع الغيار على غرار تهريب القطع المقلدة وزيادة سرقة السيارات بهدف الاسترزاق من وراء بيع أجزائها و ذلك نظرا لضعف أجهزة المراقبة المتعلقة بهذه الأنشطة وعدم مصاحبة الإجراءات الجديدة بتطبيقات ميدانية لاستكمال الهدف العام المخصص لأجله. طيار ليلى