أكد وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، أن تاريخ انضمام الجزائر رسميا إلى هيئة الأممالمتحدة،أثبت استكمال استرجاع الجزائر لشخصيتها الدولية وتم تكريس هذا الحدث التاريخي كمناسبة وطنية للاحتفاء بإنجازات الدبلوماسية الجزائرية عبر مختلف مراحلها التاريخية. وقال لعمامرة في احتفالية باليوم الوطني للدبلوماسية "إنّها محطة هامة نستذكر فيها بكل فخر واعتزاز نصاعة السجل الدبلوماسي الحافل بأروع صور النضال والإخلاص والتفاني في سبيل استقلال الجزائر والدّفاع عن سيادتها وحماية وحدتها الترابية، فضلا عن تمثّلها كقوة حشد واقتراح في المحافل الدولية". وأضاف "يمثّل يوم 8 أكتوبر 1962 علامة فارقة بصمت على عودة الجزائر على مسرح التاريخ، مثلما جسّد أول نوفمبر 1954 نهضة الدبلوماسية الجزائرية كفاعل ساهم بقوة في الحفاظ على السيادة الوطنية التي رسم جيش التحرير الوطني ملحمتها. جاءت هذه النهضة لتكرّس التناسق التاريخي المتواصل للشخصية الدولية للجزائر، التي خُلدت تفاعلاتها مع القوى الكبرى لفترة ما قبل الاستعمار عبر نصوص قانونية ذات أبعاد هامة". وأشار لعمامرة إلى أن تدويل القضية الجزائرية أحد الأهداف الرئيسية التي نص عليها بيان أول نوفمبر، فالمعركة ضد فرنسا الاستعمارية كان لها بعدا دبلوماسيا مكملا للعمل المسلح، كونه السبيل الوحيد الذي يسمح بإخراج القضية الجزائرية من الإطار الضيق الذي كانت فرنسا تريد حشرها فيه، معتبرا أن الرعيل الأول من أبناء جيل نوفمبر تولى توفير السند السياسي لجيش التحرير الوطني في الكفاح ضد المستعمر الفرنسي من خلال القيام بمهمة الدفاع عن القضية الجزائرية العادلة في المحافل الدولية والتعريف بمطالب الشعب الجزائري المشروعة لدى الأشقاء والأصدقاء. وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الجزائر تسعى دائما، بصفتها دولة محورية، لتحقيق السلم وبسط الأمن والاستقرار ودعم التعاون، حيث ساهمت، بفضل مقاربتها الابتكارية والشجاعة في مجال الوساطة، في معالجة العديد من الأزمات في منطقتنا الإفريقية والعربية والمشاركة في نزع فتيل الكثير من النزاعات عبر العالم، مؤكدا "بفضل هذا النهج الهادئ والفعال، أصبحت الدبلوماسية الجزائرية مرجعا في ترقية الحوار والتفاوض بين الأمم وبلدا مُصدرا للسلم والاستقرار في المنطقة والعالم". وأشاد المتحدث ذاته بدور الجزائر الدبلوماسي، معتبرا أن سجل الدبلوماسية العالمية سيبقى يحتفظ بإسهاماتها المكتوبة بأحرف من ذهب مرصعة بدماء دبلوماسيين جزائريين سقطوا شهداء فداء للسلام في العالم فلن ينس التاريخ أبدا هذه الصفحات المنيرة التي تشكل نبراسا يقتدى به. وأكد لعمامرة على أن جهود الجزائر لحل الخلافات والنزاعات تجسدت أيضا من خلال اتفاق السلم والمصالحة بين أطراف النزاع في مالي، إذ لا تزال بلادنا إلى اليوم تعمل دون كلل على مرافقة الأشقاء في تحقيق كافة أهداف ومبادئ هذا الاتفاق، ملتزمة بمواصلة القيام بدورها المركزي على رأس لجنة متابعة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة. وأبرز وزير الخارجية إسهامات الجزائر في المساعي التي ما فتئت تبذلها من أجل عودة الأمن والاستقرار في ليبيا الشقيقة، مضيفا: "سعت بلادنا، في هذا الشأن، إلى دعم مسار الحوار الوطني وكذلك إنشاء وتفعيل آلية دول الجوار الليبي. وتبقى الجزائر حريصة على تكثيف التنسيق والتعاون قصد إنجاح مسار العملية السياسية الجارية في هذا البلد الشقيق، أين نتطلع أن تشكل الانتخابات المقبلة محطة فعلية للمساهمة في طي صفحة الأزمة، كما ستبقى الجزائر مستعدة دوما لمواصلة جهودها لدعم الأشقاء وتمكينهم من الاستفادة من تجربتها في مجال المصالحة الوطنية". وتحدث لعمامرة على ضرورة تكثيف الجهاز الدبلوماسي للجزائر تزامنا مع التطورات المتسارعة والتحديات العديدة التي يشهدها العالم من أجل الدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين والمساهمة في تحقيق الأهداف المنشودة. ودعا الوزير لعمامرة، إلى ضرورة تكثيف الجهود وتوحيد الصفوف قصد تحصين الجبهة الداخلية وتدعيم تماسك النسيج الوطني للشعب الجزائري ضد محاولات الاختراق والفتنة والتفرقة في عالم يشتد فيه التنافس على روافد التنمية والازدهار حيث تكتسي العلاقات الاقتصادية الدولية طابعا استراتيجيا، وتساهم الدبلوماسية الاقتصادية في مساعي التنمية الوطنية من خلال جذب الاستثمارات وترقية الصادرات خارج قطاع المحروقات، قائلا يعتمد برنامج الحكومة على آليات استحدثت على مستوى وزارة الشؤون الخارجية لتحقيق المزيد من المكاسب من خلال شراكات استراتيجية تفتح للجزائر فضاءات جديدة.